البث المباشر

شرح فقرة: يا قدير، يا خبير، يا مجير

الإثنين 2 سبتمبر 2019 - 10:08 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا قدير، يا خبير، يا مجير " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لانزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي ختم بما يأتي: (يا قدير، يا خبير، يا مجير). فماذا نستلهم منها؟ 
بالنسبة الي (قدير) لا نحسب أن أحداً منا لا يدرك دلالة ذلك، ان الله تعالي قدير علي كل شيء ولاحدود لقدرته، بيد أن ما نعتزم توضيحه هو: الرابط بين هذه السمة وبين ما يلحقها مادمنا قد كررنا الاشارة الي ان المظاهر العشرة التي ترد في كل مقطع لابد وأن يكون التجانس بينها: من خلال (التماثل) أو(التضاد) ايضاً، بالاضافة الي خصوصية أكثر من مظهر بسمة تختلف عن الأخري ونعود الآن لنتساءل: ما هو التجانس (يا قدير) وعبارة (يا منير) التي ترد بعدها؟ ان (القدرة) اذا سلخناها من الصفات المتجانسة مع هذه الظاهرة: كالرحمة مثلاً أو العلم، حينئذ حدثتك قارئ الدعاء في الوصول الي ما يتعين علينا من معرفة عظمة الله تعالي ورحمته من هنا، فان (القدير) هو بالضرورة (خبير) بما تفرزه المقدرة من تصرفات في الكون، فالله تعالي قادر علي ان يبدع الشمس مثلاً، ولكنه (خبير) ايضاً بما يتطلبه هذا الابداع من طاقة حرارية أو نورية بحيث يتحقق التوازن، وإلا لا نجمد الوجود أو احترق في حالة نقصان او زيادة الطاقة المشار اليها. اذن الخبير هو المظهر المتمم لمظهر (القدير) بالنحو الذي اوضحناه عاجلاً. 
والسؤال الآخر هو: ما هو المظهر الذي ختم به المقطع وهو عبارة (يا مجير) بما تقدمه؟ 
واضح، ان الله تعالي عندما يكون (قادراً) علي إبداع الظاهرة، وخبيراً بما تتطلبه المصلحة بتحديد ذلك، فانه تعالي يحقق بهذا اشباعاً لحاجات الخلائق، وبذلك يجيرها أي: ينقذها من الآثار التي تترتب علي التعامل مع ظواهر الوجود في حالة ما اذا لم يتكييف أو تتكيف هي مع مصالحه، بالاضافة الي هذا المعطي الدنيوي وهو: الاجارة من الاذي (والاجارة هنا بالنسبة الي الشمس مثلاً هو: انقاذه من الحر في حالة ما إذا كانت الطاقة بحجم أكثر، وانقاذه من البرد في حالة النقصان). 
اذن، هذا المعطي الدنيوي في اجارة الانسان من الاذي، يتداعي ايضاً ذهن قارئ الدعاء الي الاجارة من الاذي الاخروي ايضاً وبهذا يتحقق الاشباع لحاجات الشخصية دنيوياً واخروياً. 
بعد ذلك يواجهنا مقطع جديد من الدعاء، يبدأ علي النحو الآتي: (يا حيا قبل كل حي، يا حيا بعد كل حي، يا حي الذي ليس كمثله حي). ان هذا المقطع من الدعاء يتميز بكونه متجانساً في عرض مظاهر عظمة الله تعالي، من خلال نمط جديد من انماط التجانس، حيث يتميز بارتكازه الي محور خاص تشترك فيه مظاهر المقطع جميعاً الا وهو عبارة (يا حي) أو (حي)، ان هذه العبارة تتكرر في أجزاء المقطع جميعاً، الا ان تكررها - كما قلنا - تعبير عن نمط آخر من الصياغة البلاغية للمقطع، ولعل لدلالة كلمة (الحي) أو (حي) علي أنه تعالي حضور دائم لا قبل له ولا بعد، لا بدء له ولا نهاية، أي: الحضور الذي يتسم بالابدية، بالازلية، يفسر لنا ركون المقطع بأجمعه الي التوكؤ علي العبارة المذكورة حيث سنحدثك عن تفصيلات ذلك في لقاء لاحق ان شاء الله تعالي. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة