البث المباشر

شرح فقرة: يا من يعلم مراد المريدين

الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 11:16 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "يا من يعلم مراد المريدين" من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعة الجديدة، البادئة بما يأتي: (يا من يعلم مراد المريدين، يا من يعلم ضمير الصامتين، يا من يسمع انين الواهنين). هذه الفقرات وما يليها تتحدث عن جانب من الرحمة الإلهية حيال عباده، حيث تتضمن العلاقة الخفية بين عباده عبر حاجاتهم التي يطلبونها من الله تعالي او عبر اوضاعهم التي يطلع الله تعالي عليها في الحالات جميعاً الخفي منها والعلني. المهم، ان المقطع يتحدث عن ذلك، وهذا ما نبدأ بإلقاء الاضاءة علي دلالاته وفق تسلسل ذلك، حيث نبدأ بعبارة (يا من يعلم مراد المريدين). فماذا نستلهم منها؟ 
(المريد) كلمة لها اكثر من دلالة، منها: ما يريده العبد من انجاز لحاجاته المختلفة، ومنها: الدلالة العرفانية، الّا ان السياق الذي ورد فيه هذا التعبير يتجانس مع الدلالة الاولي وهي: الحاجة التي يريد العبد بأن تنجز من خلال اطلاع الله تعالي عليها. 
طبيعياً، ان ما يريده العبد يتحقق حيناً من خلال النطق به، وحيناً من خلال التفكير به، والنكتة هنا هي: ان عبارة: (يا من يعلم مراد المريدين) تعني النمط الأخير، اي: التفكير بالحاجة التي تخطر في ذهن هذا العبد او ذاك، حيث يريد المقطع من الدعاء ان يشير الي ان الله تعالي مطلع علي ما يريده العبد، حيث يتفضل تعالي بتحقيق ما يريده، وهو منتهي الرحمة من الله تعالي. 
طبيعياً الدعاء لم يصرّح بهذا المعني وهو: تحقيق ما يتطلع اليه العبد، ولكنه يوحي بذلك، وهذا هو احد وجوه البلاغة الشرعية المتمثلة في صياغة الأدعية. بعد ذلك نواجه عبارة جديدة، فما هي العبارة؟
العبارة تقول (يا من يعلم ضمير الصامتين) ثم عبارة تقابلها وهي (يا من يسمع انين الواهنين)، هنا نواجه بلاغة جديدة، وهي: التقابل بين ما يريده العبد وهو صامت، وبين ما يريده العبد وهو في حالة الأنين. والسؤال ما هي النكات الكامنة وراء العبارتين المتقابلتين؟ 
النكتة هي ان (الصامت) لا يتحدث بشيء، وعلي العكس منه ان ثمة شخصية تتوجع او تئن من الوجع الذي تشكو منه، وكلاهما - بطبيعة الحال - له لسان حاله، كل ما في الأمر ان الاول (صامت) والأخر (باك)، ولكن كليهما تحت رحمة المطّلع عليهما، وهو الله تعالي والسؤال من جديد: ما هي النكتة وراء التقابل المشار اليه؟ 
النكتة هي ان الصامت والباكي تحمل كلّ شخصية منهما همومها الخاصة، بيد ان الله تعالي يمنح عليهما رحمته، سواء كان الصامت لا كلام لديه، او كان العكس: ان الباكي له انينه المتواصل، بمعني ان الله تعالي رحيم في الحالات جميعاً، لا يتخلي عن رعاية عبده، وهذا هو منتهي الرحمة: كما هو واضح.
بعد ذلك نواجه عبارة جديدة هي (يا من يري بكاء الخائفين)، وهي عبارة لها نكتتها الملفتة للأنظار، تري: ما هي النكتة الدلالية؟
العبارة التي نواجهها هي: بكاء الخائف من الله تعالي، اما السابقة عليها فهي بكاء او أنين الضعيف الذي يشكو من احدي الشدائد، والنكتة هي: ان الله تعالي مطلّع علي هذين النمطين من الشخصيات، حيث يرحم الباكي من شدائده التي يواجهها، ويرحم الباكي من ذنوبه التي يخاف المحاسبة عليها. اذن للمرة الجديدة: كم هي عظيمة رحمته؟ انه تعالي يرحم عليهما: صاحب الشدة وصاحب الذنب، مرة اخري: كم هي الرحمة من الله تعالي: عظيمة. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة