البث المباشر

شرح فقرة: يا كافي من استكفاه

الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 09:03 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا كافي من استكفاه " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها (دعاء الجوشن الكبير)، حيث حدثناكم عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثكم الآن عن احد مقاطعه الجديده، البادئ بهذا النحو: (يا كافي من استكفاه، يا هادي من استهداه، يا كالي من استكلاه، ...).
ان هذا المقطع الجديد من الدعاء، يحسن بنا أن نقارنه بمقطع سابق حدثناكم عنه، وهو المقطع الذي ورد فيه: (يا حبيب من لا حبيب له).
ما لاحظناه من العبارات المتجانسة التي تشير الي ان الله تعالي (حبيب) لمن لا حبيب له من البشر، وهذه الصياغة البلاغية تعني: ان الله تعالي هو الراعي لقارئ الدعاء حيث لا يجد غير الله تعالي.
واما المقطع الجديد فله دلالة او نكتة اخري هي: ان العبد اذا طلب من الله تعالي ان يحقق له ما يطمح اليه، فان الله تعالي يكون عند حسن ظنه، من هنا نتبين اسرار الادعية وكيف انها تتناول كل مستويات العلاقة بين الله تعالي وعبده. 
والآن لنتحدث عن العبارة الاولي، وهي: (يا كافي من استكفاه)، فماذا نستخلص منها؟
لا نحتاج الي تأمل طويل حتي ندرك سريعاً بان العبارة المتقدمة تتفرع الي نمط آخر من التعامل مع الله تعالي، هذا النمط هو: ان الله تعالي يكفي وحده او يحقق وحده ما يتطلع اليه العبد من انجاز الحاجات، ويكون ذلك علي مستوي الكفاية وليس الاقل من ذلك. 
اننا مثلاً لو استشهدنا بالتجربة الدنيوية، وطلبنا من احد الأشخاص ان يقضي حاجة من حاجاتنا فان القصور الذي يغلّف شخصيته لا يسمح له بان يكفينا ما نحتاج اليه: كالحاجة مثلاً الي مبلغ كبير من المال، او شفاء من مرض عضال، ولكن في حالة نقلنا هذه الحالة الي ساحة الله تعالي، فان الأمر علي العكس من ذلك، حيث يتكفل الله تعالي بكفاية ما نتطلع اليه، حيث لا حدود لعطاء الله تعالي وقدراته. 
العبارة الثانية من المقطع هي (يا هادي من استهداه). فماذا نستلهم منها؟ 
الهداية - بطبيعة الحال - هي: الوصول الي ما يريده تعالي من الايمان به او برسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالأئمة الاطهار (عليهم السلام)، والعمل بمبادئه التي رسمها لنا، واهمية الهداية هنا، ان غيرنا ممن لا يمتلك تراثاً هادياً كتراث الأربعة عشر معصوماً (عليهم السلام)، لا يمكنه ان يحقق مفهوم الهداية، وذلك لان الله تعالي اوضح في كتابه المجيد، وفي السنة النبوية بان علي العبد ان يطيع الله تعالي ورسوله) صلى الله عليه وآله وسلم( واولي الأمر (عليهم السلام)، ومن البين ان اولي الامر هم المعصومون (عليهم السلام) ما يعني: ان الهداية تستكمل فاعليتها المطلوبة من خلال ما اوضحناه فحسب. 
بعد ذلك نواجه عبارة جديدة هي (يا كالي من استكلأه)، ثم عبارة (يا راعي من استرعاه) وهي عبارة متجانسة مع سابقتها، حيث تعني الاولي وهي عبارة (يا كالي من استكلأه) الحفظ اي: ان الله تعالي حافظ عبده من السوء بينما تعني العبارة الثانية وهي (يا راعي من استرعاه) ان الله تعالي يرعي عبده، هنا، قد يتساءل قارئ الدعاء فيقول: ما هو الفارق بين حفظ الله تعالي لعبده وبين رعايته لعبده؟ 
الجواب: ان الحفظ يعني: ان الله تعالي لا يسمح بوصول السوء الي عبده، بينما الرعاية تعني: انه تعالي يرعي شوؤن عبده وهو اوسع من الحفظ، حيث تشمل الحفظ وسواه من الأمور التي يتطلع العبد الي انجازها، اذن: ثمة فارق بين الموضوعين، كما هو واضح. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة