البث المباشر

شرح فقرة: يا شفيق من لا شفيق له

الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 09:01 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا شفيق من لا شفيق له " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا شفيق من لا شفيق له، يا رفيق من لا رفيق له،...).
إنّ هاتين العبارتين متجانستان فيما بينهما من حيث كونها تحومان علي دلالة الرحمة الكبيرة متمثلة في صفتي (الشفيق) و(الرفيق).
والسؤال الآن هو: ان هذا المقطع من الدعاء تحوم عباراته جميعاً علي مفهوم الرحمة من الله تعالي في شتي مصاديقها، حيث جاءت العبارتان المتقدمتان بعد عبارة (يا طبيب من لا طبيب له)، وهي عبارة اوضحنا - في لقاء سابق - انسحابها علي ما هو طبّ روحي (مادي) اي: ان الله تعالي يرحم عبده القارئ لهذا الدعاء من خلال اجابته لما يستهدفه وهو الشفاء من الأمراض الروحية والبدنية، من هنا فان عبارة او صفة (الشفيق) و (الرفيق) تتجانسان مع دعاء العبد في توجهه الي الله تعالي في انقاذه من المرض.
والسؤال من جديد: ماذا نستلهم من العبارتين؟
بالنسبة الي صفة (شفيق) فانها تعني لغوياً: من يحنو ويعطف ويهدف الي خير الشخص واصلاحه، واما (الرفيق) فهو: لين الجانب لغوياً، بمعني التعادل بلطف مع الطرف الآخر، ومن ثم تنسحب علي من يصاحب الآخر في هذه الظاهرة او تلك. 
وفي ضوء هذه الفارقية بين الشفيق والرفيق، نستطيع الذهاب الي القول: ان الله تعالي يحنو علي عبده من جانب، ويصاحبه في تذليل مشكلته من جانب آخر، اي: بما ان الله تعالي يحنو علي عبده، حينئذ يرفق به، ويصاحبه في الاستجابة لما يلتمس من الله تعالي وهذا يعني: ان الله تعالي يجسّد مفهوم الرحمة بكل تفصيلاتها، ويكون عند حسن ظن عبده: كما هو واضح. 
بعد ذلك نواجه عبارة: (يا مغيث من لا مغيث له)، وهي عبارة امتدادية لما سبقها، بمعني: ان الله تعالي يستجيب لصوت عبده الذي يطلب منه المساعدة في تذليل مشكلاته: بعد ان يفهم قارئ الدعاء بان الله تعالي مادام حانياً علي عبده، مصاحبا له في ملاحظة مشكلاته، عندئذ سوف يغيثه دون ادني شك، وهذا ما عبّرت عنه فقرة (يا مغيث من لا مغيث له). 
بعد ذلك نواجه عبارة: (يا دليل من لا دليل له)، ان هذه العبارة بدورها امتداد للسابق، الا انها تصب في موضوع خاص هو: ان العبد لا يمتلك من القوة ما يسمح له بالتعامل مع ما يواجهه من مشكلات الحياة بقدر ما هو ضعيف لا حول له ولا قوة الا بالله تعالي. من هنا يحتاج دواما الي الله تعالي ليرشده الي الطريق، وهذا ما عبّرت عنه فقرة: (يا دليل من لا دليل له) كما هو واضح. 
بعد ذلك نواجه ثلاث عبارات، وهي: (يا انيس من لا انيس له، يا راحم من لا راحم له، يا صاحب من لا صاحب له)، السؤال الآن هو: ان هذه الفقرات من الدعاء تتحدث عن (الانيس) و (الراحم) و (الصاحب). تري: ماذا نستلهم منها؟
ان كل عبارة تتناول واحدا من مصاديق الرحمة، فالأنيس هو: من يأنس اليه العبد في مناجاته، والصاحب هو: من يصاحب عبده في طريق الحل لمشكلاته، الا اننا نواجه المفهوم العام لكل هذه الانماط من الرحمة وهي عبارة (يا راحم من لا راحم له)، والسؤال هو: ان الرحمة هي العنوان العام لكل المصاديق مثل (الشفيق)، (الرفيق)، (الصاحب)، (الأنيس)، فلماذا جاءت في مقطع الدعاء في هذا الموقع؟
الجواب: في تصورنا ان الراحم جاءت في سياق الانيس، لانّ الأنس هو: الثقة الكاملة من العبد حيال الله تعالي، بحيث لا يأنس بسواه، وهذا ينسجم مع مفهوم الرحمة العامة التي تندرج ضمنها كل مفردات الرحمة: كما هو واضح. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة