البث المباشر

شرح فقرة: يا من يجير ولا يجار

الإثنين 19 أغسطس 2019 - 13:00 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من يجير ولا يجار " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا من يُجير ولا يُجار عليه يا من يقضي ولا يُقضى عليه، يا من يحكم ولا يُحكم عليه، يا لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ). بهذه العبارات يختم مقطع الدعاء وهي فقرات تتحدث عن اليوم الآخر وتعامله تعالى مع الموقف، اي: الحساب وما يترتب عليه. 
اذن لنتحدث عن العبارات المتقدمة، وأولها عبارة (يا من يجير ولا يجار عليه). فماذا نستلهم منها؟ 
ان الله تعالى هو المجير للعبد من عذاب النار ومن غضبه تعالى، وهذا لا ترديد فيه، والنكتة هنا هي: الاشارة من جانب الى عظمة رحمته تعالى، ومن جانب آخر الاشارة الى ما يترتب على الحساب من بصائر عباده. انه تعالى (يبشر) عباده اولاً، ويقول لهم انه تعالى يجيرهم من العذاب، ولكن ـ في الآن ذاته ـ يشير الى ان الحكم له تعالى لا لسواه، وهذا ما تجسده عبارة (يا من يقض ولا يقضى عليه) اي: يضطلع تعالى بالمحاسبة، ثم ما يترتب عليها من القاء الحكم النهائي، وهذا ما عبرت عنه فقرة (يا من يحكم ولا يُحكم عليه)، حيث يختتم مقطع الدعاء بهذه العبارة، وهي: ان الحكم لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ كما ورد هذا التعبير في القرآن الكريم. 
أخيراً يُختتم مقطع الدعاء بعبارة «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ». وهنا نتساءل عن النكتة الكامنة وراء اختتام هذا المقطع بعبارة «يا من لَمْ يَلِدْ» مع انه يتحدث عن اليوم الآخر والحساب والحكم؟ 
في تصورنا، ان المقطع مادام يتحدث عن ان الحكم اليه ولا يُحكم عليه، حينئذ فان الموقف يتجانس تماماً مع عبارة (يا من لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) حيث ان تفرده تعالى في ذاته المقدسة يتجانس مع تفرده في القضاء، والحكم، ومما ورد في مقطع الدعاء بعدئذ نواجه مقطعاً جديداً، يبدأ على هذا النحو: (يا نعم الحسيب، يا نعم الطبيب، يا نعم الرقيب، ...). فماذا نستلهم من الفقرات المتقدمة؟ 
لقد اختتم المقطع السابق ـ كما لاحظنا ـ بحكم الله تعالى، اي: بما يلقي تعالى من الاحكام على عباده في المحاسبة، وها هو المقطع جديداً، يلخص لنا عدالته تعالى، ورحمته، ويحذرنا من محاسبته لاعمالنا، حيث يقول: (يا نعم الحسيب) حيث نستخلص منها رحمته تعالى في محاسبته لعباده، لان كلمة (نعم) تأتي لتأكيد ما هو الخير، وفي نفس الوقت يحذرنا من محاسبته العادلة، حيث ان عدالته تعالى هي تحذير لنا، بمعنى ان الله تعالى يحكم برحمته وليس بعدالته، لان العدالة من الحكم على سلوكنا: تجعلنا محكومين بالعقاب العادل، بينما نطلب من الله تعالى ان يجعلنا مرحومين برحمته. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا نعم الطبيب)، فماذا نستلهم منها؟ 
الطبيب هنا يترشح باكثر من دلالة، منها: ان الذهن ينصرف الى المعالجة والمهارة والحذاقة فيها، وسواء اكان ذلك منسحباً على الطب الجسمي او النفسي او الروحي او العبادي، ففي الحالات جميعاً، ان الفقرة تشير الى انه تعالى من خلال رحمته التي قلنا ان محاسبته لعبده تتم بواسطة الرحمة، تشير الى انه تعالى هو المداوي لما يهمنا: أيا كان ذلك، وهذا يعني: ان الرحمة ـ من جديد ـ تطل علينا في هذه الفقرة وما قبلها وما بعدها على نحو ما نحدثك عن ذلك لاحقاً ان شاء الله تعالى. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة