البث المباشر

شرح فقرة: يا نوراً فوق كل نور

الإثنين 19 أغسطس 2019 - 10:22 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا نوراً فوق كل نور " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ينتهي بهاتين الصفتين او المظهرين لعظمة الله تعالى، وهما (يا نوراً فوق كل نور)، (يا نوراً ليس كمثله نور ). 
والآن نحدثك عن العبارة الاولى وهي: (يا نوراً فوق كل نور). ترى ماذا نستلهم منها؟ 
من البين، ان الله تعالى مادام هو نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، ومادام كل نور هو فيض منه تعالى، اي: هو المصدر لكل نور في الكون، حينئذ فانه بالضرورة يكون (فوق كل نور)، ان كل حركة او مادة او فكرة أو موقف ايجابي خير، يظل مستضئ من نور الله تعالى، ولذلك يظل نوره فوق كل نور، وهذا يقتادنا الى ملاحظة العبارة الاخيرة من المقطع، حيث تتجانس مع سابقتها، وهي (يا نوراً ليس كمثله نور). فماذا نستخلص منها؟ 
من الواضح كذلك، ان الله تعالى مادام هو نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، ومادام كل نور هو منه تعالى، اي: هو المصدر لكل نور او لكل مبدأ خير، حينئذ فانه تعالى يتفرد بنوره، اي: ليس كمثله نور فعلاً، وهذا يعني انه تعالى هو النور المطلق الذي لا حدود له، اتساقاً مع سائر صفاته المطلقة بطبيعة الحال. 
بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً، على النحو الآتي: (يا من عطاؤه شريف، يا من فعله لطيف، يا من لطفه مقيم، يا من احسانه قديم، ...). 
والآن نقف عند العبارة الاولى وهي: (يا من عطاؤه شريف). فما هي دلالة ذلك؟ 
الجواب: الشرف هو العلو في الموقع، فاذا ربطناه بالعطاء، حينئذ يكون المعنى ان الله تعالى عال في عطائه، اي يمنح عطاءه للانسان بما لا مثيل له، وهذا يعني أن رحمته لا حدود لها، لان العطاء هو: احد مصاديق الرحمة، سواء أكان العطاء رزقاً مادياً او ظاهرة معنوية، ففي الحالتين يظل العطاء من الله تعالى شريفاً، عالياً، لا عطاء مثله. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من فعله لطيف)، (اللطف) هو: الرفق بالشيء، واذا نقلنا هذا المعنى، فان الله تعالى يعني: يرفق بعبده، وهو مجانس للعبارة السابقة القائلة: (يا من عطاؤه شريف) ويلاحظ ان الفقرة المذكورة اي: يا من فعله لطيف، ترتبط بالفعل، بينما لاحظنا ان العبارة السابقة عليها تتحدث عن العطاء، وهو أحد مصاديق الفعل. فماذا يعني هذا؟ 
الملاحظ ان (الفعل) هو مطلق الصدور من الله تعالى، بمعنى ان كل فعل يصدر من الله تعالى، انما هو لطيف، اي: فيه الرفق والشفقة والحب الكبير لعباده تعالى. 
ويتضح هذا المعنى اكثر اذا لاحظنا ما تليه من العبارة القائلة: (يا من في لطفه مقيم)، حيث نستخلص من ذلك بان شفقة الله تعالى او رفقه بعباده، هو رزق دائم، قائم لا زوال له، بصفة ان الله تعالى هو المطلق في صفاته جميعاً، انه لا حدود لعطائه، لا حدود لالطافه، لا حدود لرحمته، لذلك فانه مقيم في لطفه لانه ـ بالاضافة الى لا محدودية الطاقة، يظل متسماً بكماله، اي: لا يعتريه ما ينافي الكمال، على العكس من البشر من حيث عدم كمال الانسان، وخضوعه للخطأ ونحوه، من هنا فان الطاف الله تعالى قائمة لا تنقطع عن عباده: كما هو واضح. 
بعد ذلك نواجه عبارات من نحو: (يا من احسانه قديم، يا من قوله حق، يا من وعده صدق، ...) وهي فقرات متجانسة مع سابقها، حيث نحدثك عنها لاحقاً ان شاء الله تعالى. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة