البث المباشر

شرح فقرة: يا صريخ من استصرخه، يا معين من استعانه

السبت 17 أغسطس 2019 - 14:13 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا صريخ من استصرخه، يا معين من استعانه " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لانزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه: (يا صريخ من استصرخه، يا معين من استعانه، يا مغيث من استغاثه). بهذه العبارات ينتهي احد مقاطع الدعاء، ويعنينا منه ان نشير الى وحدة الموضوع لهذه العبارات، او الفوارق في الوقت ذاته بين مصاديق الموضوع المتقدم. فما هي السمات المشتركة، والمختلفة في هذا الميدان؟ 
من البين ان كلاً من الاستصراخ، والاستعانة، والاستغاثة، يصب في موضوع واحد هو: طلب النصرة من الله تعالى لعبده. كل ما في الامر ان نمط الطلب يختلف من مصداق الى آخر، فالانسان قد يصرخ من الشدائد بحيث يريد ايصال طلبه الى الطرف الآخر، وقد لا يصل ذلك الى الصراخ، بل الى الكلام المقترن بنمط من التوسل، وقد يطلب ذلك بنحو عادي لا صراخ منه ولا توسل حزين، بل يطلب معونة فحسب. 
اذن، انماط الشدة وانماط طلب النصرة تتفاوت بحسب حالة الشخص، والمطلوب الآن هو ان نشير الى ان الله تعالى في عون عبده، يستجيب دعاءه في الحالات جميعاً، في الحالات الشديدة او المتوسطة او العادية، وهذا هو منتهى الرحمة من الله تعالى. 
بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً هو: (يا عزيزاً لا يُضام، لا لطيفاً لا يُرام، يا قيوماً لا ينام، ...)، فماذا نستخلص من العبارات المتقدمة؟
بالنسبة الى (يا عزيز لا يضام)، يمكن الذهاب الى ان (الضيم) هو: الانتقاص والقهر، وهذا يصدر من الاقوى الى الاضعف، واما القوي فلا يتصور القهر او الانتقاص منه، وكذلك فان الكامل لا يمكن ان نتصور النقص فيه، واما العزيز فمن الواضح، انه يعني المنعة، اي: عدم امكانية ان يصل اليه اي ما نتوقع وصوله، اي: لا يخترقه شيء البتة، والنتيجة هي: ان الله تعالى قوي كامل لا مثيل له، بصفة ان العزة تعني حيناً: عدم وجود مماثل لها، وتعني حيناً: المنعة ـ كما قلنا ـ، وفي الحاتين فان الله تعالى (عزيز) لا يمكن ان نتصور امكانية ان يخترق عزته اي شيء. 
وهذا هو القدرة كما هو واضح، بعد ان رأينا في المقطع الاسبق انه تعالى في منتهى الرحمة. 
العبارة الثانية تقول: (يا لطيفاً لا يرام)، ترى مالمقصود من العبارة المذكورة؟
(اللطيف) لاتحتاج عبارته الى توضيح، انه منتهى الششفقة والمحبة والرقة. حيال عباده ولكن السؤال هو: مالمقصود من عبارة (لا يرام)؟
ان الروم ـ في احد معانيه ـ الهمّ بالشيء بعد الشيء، فتكون الدلالة هي ان الله تعالى من حيث اللطف بعباده لايمكن ان يرام مثله، بصفة ان اللطف من الله تعالى ـ وهو احد مصاديق الرحمة ـ لاحدود له عند الله تعالى، تماماً ـ كما القدرة ـ وكما العزة، حيث جاءت العبارات السابقة تحوم على ما لا حدود له من الرحمة ـ كما لاحظنا. 
يبقى ان نحدثك عن عبارة (يا قيوماً لا ينام) حيث ان القيمومة تعني القيام بأمور الآخر، وتدبيرها، وبما انه تعالى متفرد في كل شيء في الرحمة، والعزة، واللطف، كذلك فانه تعالى متفرد في قيمومته بحيث لا تماثل القيمومة عن البشر وسواه، بصفة ان البشر مثلاً (ينام) ويغفل، ويشغل، بينما قوميته تعالى لا يواكبها سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة