البث المباشر

شرح فقرة: يا من أحاط بكل شيء علمه، يا من ليس أحد مثله

السبت 10 أغسطس 2019 - 14:08 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من أحاط بكل شيء علمه، يا من ليس أحد مثله " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة وما تتضمنه من المعرفة العبادية في ميدان الاخلاق والاحكام والعقائد، ومن ذلك: دعاء (الجوشن الكبير) حيث يتضمّن مظاهر عقائدية تتصل بأسماء الله تعالى وصفاته ومظاهر عظمته وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا الى احد مقاطعه المنتهية بهذه العبارات: (يا من أحطّ بكل شيء علمه، يا من ليس أحد مثله).
العبارة الاولى تقول: (يا من أحاط بكل شيء علمه) وهي عبارة لعلّها من الوضوح بمكان كبير، حتى يمكن القول إنّ إيضاح ذلك لا ضرورة له: مادام الأمر واضحاً ولكن (مع ذلك)، فإن الموضوع يتطلب إلقاء الانارة عليه، فنقول: إنّ احاطته تعالى علماً بكل شيء، له نكتة كبيرة ينبغي ان نضعها في الاعتبار، وهي تنسحب على مصاديق متنوعة، في مقدمتها: علمه تعالى بما في الصدور مثلاً والنكتة هنا أن (النية) وهي المنطلق لكل عمل وتقويمه تبعاً لمقولة (الأعمال بالنيات) ولعل معرفة العبد مثلاً بأن الله تعالى مطلع على خفاياه حتى في نطاق النية، يحمله على تعديل سلوكه وهو ما يجسّد قمة طموح الانسان الى كسب رضاه تعالى.
من المصاديق الاخرى لإحاطته تعالى علماً بكل شيء، هو: ابداعه تعالى للمظاهر الكونية جميعاً، إذ إنّ الظواهر الابداعية من شمس وقمر وليل ونهار وبّر وبحر وفضاء ومطر وشجر وحيوانات، وتسخيرها للانسان، إنما يجسّد عطاءاً ضخماً يتعين على الانسان أن يفقه دلالته، ألم يقل الله تعالى: «وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ»؟ إن معنى هذه العبارة أنّ الله تعالى سخّر لنا كل شيء لنستخدمه خلال ممارستنا للعمل العبادي الذي خلقنا من أجله.
ونتجه الى العبارة الاخيرة وهي: (يا من ليس احد مثله) لعل هذه العبارة تشكل تتويجاً لما سبقته من العبارات التي تتحدّث عن فضله تعالى وعفوه، وبرّه، وعدله، وملكه، وسلطانه، ورحمته، واحاطته علماً بكل شيء.
هذه المظاهر التي يتفرّد بها تعالى، وهي مظاهر الرحمة والقدرة وما يواكبها من المظاهر التي لا حظناها: تفسر لنا دلالة ما تعنيه عبارة: (يا من ليس أحد مثله) حيث أن المظاهر المشار اليها توضّح لنا كيف أنه تعالى متفرد في عظمته، ولا أحد يشاركه في ذلك، كما هو واضح.
والآن نواجه مقطعاً جديداً هو: (اللهم إني أسألك بأسمك يا مؤمن، يا مهميمن، يا مكوّن، يا ملقّن، يا مبيّن)، فماذا نستخلص منها؟
ونبدأ اولاً بعبارة او صفة (يا مؤمن) ترى: ماذا نستلهم منها؟
تفاوتت النصوص المفسرّة لهذه الكلمة في تحديد دلالتها، فهناك من يشير الى أن المقصود من ذلك هو أنه تعالى آمن بنفسه قبل سواه، تبعاً لقوله تعالى: «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ»، وهناك من يشير الى أن المقصود من ذلك هو أن عباده قد (أمنهم) الله تعالى من إلحاق الأذى بهم وهناك من يذهب الى أن المقصود من ذلك هو: أنه تعالى هو الداعي الى الايمان به.
وهناك من يذهب الى أنه تعالى هو المصدّق لما وعد به، كالمؤمن الذي يصدق قوله فعله مثلاً.
وأياً كان المقصود فإن المستخلص هو أنه تعالى (مؤمن) بمعنى داع الى الايمان به، وهو استخلاص يمكن تصوره من خلال كلمة (الايمان) ذاتها، لأن المطلوب عبادياً من الانسان هو: أن (يؤمن) بالله تعالى، ولا أدعى من ذلك من أنه تعالى هو: الطالب منّا أن نؤمن به تعالى، وتكون بذلك عبارة (المؤمن) متناسبة مع الايمان به تعالى.
ختاماً نسأله تعالى أن يوفقنا الى (الايمان) به، وإلى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة