البث المباشر

شرح قوله (عليه السلام): (اللهم صل على .. الناصع الحسب في ذروة الكاهل الأعبل)

الأربعاء 7 أغسطس 2019 - 15:03 بتوقيت طهران
شرح قوله (عليه السلام): (اللهم صل على .. الناصع الحسب في ذروة الكاهل الأعبل)

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " الناصع الحسب في ذروة الكاهل الأعبل " من دعاء الصباح.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة وما تتضمنه من بلاغة فائقة ومنها ما حدثناكم عنه في لقاءات سابقة ونعني بذلك دعاء الصباح للأمام علي(ع) حيث حدثناكم عن مقاطع منه ونحدثكم الآن عن مقطع آخر وهو قوله(ع) (اللهم صلِّ على الدليل اليك في الليل الأليل والماسك من اسبابك بحبل الشرف الاطول والناصع الحسب في ذروة الكاهل الأعبل...).
هذا المقطع حدثناكم عن الفقرة الاولى والثانية منه ونحدثكم الان عن الفقرة او العبارة او الاستعارة الثالثة منه، ونقصد بها قوله(ع) عن النبي(ص) بانه: (الناصع الحسب في ذروة الكاهل الأعبل)... فماذا نستخلص منها؟
ان العبارة او الاستعارة المتقدمة تتسم كما ذكرنا في لقائنا سابقاً بشيء من الضبابية ونحسبكم اذا كنتم متابعين للقاءاتنا تتذكرون باننا قلنا ان النصوص الشرعية كتاباً وسنة تعتمد ثلاثة انماط من الاساليب هي اللغة المباشرة والواضحة واللغة الصورية واللغة المتسمة بالضبابية (وهي الاقل استخداماً حيث يفرض السياق ضرورتها لاسباب اوضحناها في حينه)... لعل الاستعارة التي نحدثكم عنها في هذا المقطع من الدعاء بل ان جميع الاستعارات الواردة في هذا المقطع من الدعاء تنتسب الى اللغة المضببة ولكنها ضبابية شفافة تجعل القارئ للدعاء مكتشفاً للامتاع العقلي الذي يصاحب تفسيره للرمز الكامن وراء العبارات المذكورة ...
والمهم الآن هو ملاحظة هذا الجانب فنقول الاولى ان نحدثكم ابتداءاًَ عن المفردات اللغوية للاستعارة المذكورة ونعني بها قوله(ع)(والناصع الحسب في ذروة الكاهل الاعبل)، حين يجدر بنا ان نستحضر معاني الكلمات الاتية: الحسب الكاهل الاعبل ... فما هي معانيها؟
الحسب هو شرف الاصل ... والكاهل هو اعلى الظهر ويطلق عادة على سيد القوم ... والاعبل هو الضخم وفي ضوء معرفتنا بهذه الدلالات ماذا نستخلص من الاستعارة المذكورة؟
نستطيع الاجابة عن السؤال المتقدم بما يلي: العبارة تتحدث عن شخصية النبي(ص) حيث وصفها المقطع اولاً بانها الدليل الى الله تعالى في معرفته، وثانياً بانها الماسكة بحبل الله تعالى من خلال اضطلاعها بحمل الرسالة، وثالثاً: وهذا هو موضوع العبارة التي نحدثكم عنها الان، بانه(ص) يحمل حسباً ناصعاً يتسم بالعلو والضخامة والسؤال هو ماذا تعني هذه العبارات من حيث الرمز الكامن وراءها؟ نعتقد بان الدلالة الكامنة وراء الاستعارة المذكورة تتضح تماماً اذا قدر لنا بان نربط بين الرسالة التي يحملها النبي(ص) للبشرية وبين الشخصية التي اصطفاها الله تعالى لذلك ... فبالنسبة الى الصفة او السمة الاولى لهذه الشخصية نجد ان الحديث ربما يتصل بـ"الاصل" الذي تنتسب اليه ... فماذا حدثنا الدعاء عنها؟ الدعاء ذكر بان النبي(ص) ينتسب الى شرف الاصل او الاصل الشريف حيث تسلسل نسبه من خلال شخصيات مصطفاة طوال التاريخ البشري لا تقترن البتة بظاهرة الظلم او الانحراف تبعاً لما قرره تعالى بانه لا ينال عهده الظالمين.
اذاً من حيث الاصل الذي ينتسب اليه النبي(ص) يظل(ص) متصلاً بما هو ناصع من الحسب والنصاعة كما هو بين تعني كل ما هو فقي وخالص وواضح...، وهو أمر يتناسب تماماً مع طبيعة ما تحمله الرسالة الاسلامية.
واما سمتا (الكاهل الاعبل) فتعنيان بان الانتساب المذكور هو في ذروة ما يتصوره قارئ الدعاء حيث يرمز الكاهل الى اعلى الظهر وهو ما يتناسب مع عملية الحمل وهنا الحمل هو للرسالة كما هو واضح، بالاضافة الى ان العبارة المذكورة قد استخدمت بالنسبة الى سيد القوم مطلقاً وبذلك تكون العبارة مشيرة الى ذروة الانتساب المذكور ليس هذا فحسب فان الذروة او الرفعة تجسد طرفاً من المجد، واما الطرف الاخر فهو الضخامة "الاعبل"، حيث تجسد الجانب الافقي للمجد مقابل الجانب العمودي له "أي الرفعة" الذورة...
اذن: اسباب المجد جميعاً قد انتسب اليها النبي(ص).
اخيراً: لا مناص لقارئ الدعاء من ضرورة افادته من هذه القراءة وذلك من حيث استثمارها في حمله على الالتزام بمبادئ الرسالة الاسلامية والتصاعد بسلوكه الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة