البث المباشر

شرح فقرة: "والنفاق والضلالة..." (۱)

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 17:08 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 44

 

بِسْمِ اللَّهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ والصلاة والسلام على أبواب رحمة الله المصطفى الأمين رسول الله وآله الهداة الى الله.

السلام عليكم مستمعينا الاطائب ورحمة الله، على بركة الله نلتقيكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج نتابع فيها الاستنادة بدعاء الحجب أو الاحتجاب الشريف وهو من غرر ادعية اهل بيت الرحمة (عليهم السلام) وقد ذكر أهل المعرفة من الخصائص له كزيادة نورانية القلب وايجاد السكينة والطمأنينة وتقوية الايمان وغير ذلك، اضافة الى قوة آثاره في قضاء الحاجات كما بشرنا بذلك الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) في مقدمة الدعاء وطبق ما رواه السيد ابن طاووس في كتاب (مهج الدعوات).

لنا وقفة اخرى في هذا اللقاء عند المقطع الختامي لهذا الدعاء وهو: (اللهم ... اسالك بعزة ذلك الاسم ان تصلي على محمد وآله محمد، وأن تصرف عني وعن اهل حزانتي وجميع الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، جميع الآفات والعاهات، والأعراض والأمراض، والخطايا والذنوب، والشك والشرك، والكفر والشقاق، والنفاق والضلالة، والجهل والقت، والغضب والعسر، والضيق وفساد الضمير، وحلول النقمة وشماتة الأعداء وغلبة الرجال، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء لطيف لما تشاء ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).

مستمعينا الافاضل، النفاق هو من اخطر العوامل التي تنغص الحياة الطيبة الكريمة وتحرم الانسان من سعادة الدنيا والآخرة، ولذلك يعلمنا النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) في دعاء الحدب ان نستعين بالله عزوجل للتطهر منه، فما هي حقيقة النفاق؟

وهل له مصاديق خفية ينبغي حتى للمؤمنين الحذر منها؟

لا يخفى عليكم ايها الاخوة والاخوات ان معنى النفاق في المصطلح الديني هو اظهار الايمان واضمار الكفر، ولذلك فهو اخطر من الكفر ولذلك فقد توعد الله عزوجل المنافقين باشد انواع العذاب كما حذر نبيه الاكرم (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين من اخطار النفاق والمنافقين في آيات كثيرة تبين لاجيال المسلمين ضرورة الحذر منهم ومن أساليبهم الخفية في كل زمان ومكان.

ولكن المستفاد من النصوص الشريفة ان للنفاق مراتب ودرجات عدة فيها مراتب خفية ينبغي للمؤمنين الحذر منها لكي لا يقعوا فيها من حيث لا يعلمون، ولذلك ورد ذكر النفاق في دعاء الحجب كأحد العوامل التي تنغص على المؤمنين الحياة الطيبة الكريمة وتجلب لهم الشقاء. وهذا ما نسعى للتعرف اليه من النصوص الشريفة فابقوا معنا متفضلين.

ايها الاكارم، عندما نرجع الى كتب اللغة والتفسير نلاحظها تعرفنا بعلامة فارقة للنفاق هي عدم الانسجام بين باطن الانسان وظاهره وبين ما يقوله وما يفعله وهذه العلامة الفارقة تشير الى كثرة مراتب ودرجات النفاق بحيث لا تنحصر بالمنافقين المعادين لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) ولأئمة المسلمين وعموم المؤمنين، كما أن الآثار السيئة للنفاق تظهر بدرجة أو بأخرى في جميع مراتبه ودرجاته.

جاء في موسوعة (ميزان الحكمة) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (من خالفت سريرته علانيته فهو منافق كائناً من كان).

وفي حديث آخر قال (صلى الله عليه وآله): (مازاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق).

وقال (صلى الله عليه وآله) في حديث ثالث: (ثلاث من كن فيه كان منافقاً وان صام وصلى وزعم انه مسلم: من اذا أئتمن خان واذا حدث كذب واذا وعد اخلف).

وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: (أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: اذا ائتمن خان واذا حدث كذب واذا عاهد عذر واذا خاصم فجر).

وعن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (للمنافق ثلاث علامات يخالف لسانه قلبه وقلبه فعله وعلانيته سريرته).

والاحاديث الشريفة بهذا المضامين كثيرة مروية في المجاميع الروائية المعتبرة عند مختلف الفرق الاسلامية وهي تبين بوضوح ان بعض مراتب النفاق ودرجات يمكن ان تصيب المؤمنين ولذلك ينبغي ان يحذروا منها ويتورعوا عنها، لشديد أثرها في سلب الانسان السعادة وايقاعه في الشقاء؛ كما تصرح بذلك نصوص اخرى نستنير ببعضها بعد قليل:

قال الله عزوجل في الآيتين ٦۰و٦۱ من سورة النساء: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً».

وقال تبارك وتعالى في الآية ۸۸ من سورة النساء: «فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً».

وقال عزوجل في الآية (۱٤٥) من السورة نفسها: «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً».

ومن هذه الآيات الكريمة ونظائرها كثيرة يتضح ان النفاق باي مرتبة من مراتبه يجعل الانسان خاضعاً للشيطان ووساوسه ويدفعه لانكار الحق والصد عنه فيحرم الانسان من الهداية ويوقعه بالتالي في اسفل دركات النار يوم القيامة، روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: (ان النفاق يبدو لمظمة سوداء، فكلما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد، فاذا استكمل النفاق اسود القلب).

ايها الاخوة والاخوات، في الحلقة المقبلة من برنامج (ينابيع الرحمة) سنتابع باذن الله الحديث عن مرض النفاق وسبل التوقي والتطهر منه طبق لما هدتنا اليه النصوص الشريفة، ختاماً لكم في اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران خالص التحيات ودمتم بالف خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة