البث المباشر

دفع السيئة بالحسنة

الأحد 21 يوليو 2019 - 12:23 بتوقيت طهران

بسم الله وله عظيم الحمد وخالص الثناء إذ أكرمنا بمودة وموالاة أحب خلقه إليه وهداة عباده إلى رضوانه وجنانه، خاتم النبيين محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم أحبتنا وأهلا بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج نسعى فيها معا لتعلم صفات أخرى من خصال أحباء الله وهي التي اشتمل عليها المقطع السابع من دعاء إمامنا ومولانا زين العابدين – عليه السلام – الموسوم بدعاء (مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال)، وفيه نناجي مع إمامنا السجاد – عليه السلام – ربنا الجليل قائلين: "اللهم صل على محمد وآل محمد وأبدلني من بغضة أهل الشنئان المحبة، ومن حسد أهل البغي المودة، ومن ظنة أهل الصلاح الثقة، ومن عداوة الأدنين الولاية ومن عقوق ذوي الأرحام المبرة ومن خذلان الأقربين النصرة، ومن حب المدارين تصحيح المقة، ومن رد الملابسين كرم العشرة ومن مرارة خوف الظالمين حلاوة الأمنة يا أرحم الراحمين" .
مستمعينا الأفاضل، الخصال المستفادة من هذا المقطع من دعاء مكارم الأخلاق هي من أسمى وأزكى صفات عباد الله الصالحين، ومنطلقها الأساس هو قول الله تبارك وتعالى في الآيتين الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين من سورة فصلت: "...ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{۳٤} وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ{۳٥}" وكذلك قوله عز من قائل في الآية السادسة والتسعين إلى الثامنة والتسعين من سورة (المؤمنون) "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ{۹٦} وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ{۹۷} وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ{۹۸}" . وكذلك تشير إلى هذه الصفات السامية كثير من الأحاديث الشريفة نظير ما روي في وصية النبي المصطفى لوصيه المرتضى عليهما وآلهما أفضل الصلاة والسلام من قوله: "يا علي، ثلاث من مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة، أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتحلم عمن جهل عليك" .
وروي في كتاب معاني الأخبار: جاء رجل إلى الإمام الصادق – عليه السلام – فقال: يابن رسول الله أخبرني عن مكارم الأخلاق فقال – عليه السلام –: "العفو عمن ظلمك، وصلة من قطعك، وإعطاء من حرمك، وقول الحق ولو على نفسك".
وروي في كتاب الأمالي للشيخ الصدوق أن العلاء بن الحضرمي وفد على النبي –صلى الله عليه وآله–، فقال: يا رسول الله، إن لي أهل بيت أحسن إليهم ويسيئون وأصلهم ويقطعون. فقال – صلى الله عليه وآله –: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم".
فقال العلاء بن الحضرمي: إني قد قلت شعرا هو أحسن من هذا قال – صلى الله عليه وآله –: وما قلت؟ فأنشده:

وحي ذوي الأضغان تسب قلوبهم

تحيتــك العظمى فقد ترفع الدغـل

وإن أظهروا خيرا فجاز بمثلـه

وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل

فإن الــذي يؤذيــك منه سماعه

وإن الــذي قالوا وراءك لـم يقـل


فقال النبي – صلى الله عليه وآله –: إن من الشعر لحكما وإن من البيان لسحرا وإن شعرك لحسن، وإن كتاب الله أحسن.
وروى الصدوق في كتاب (الخصال)، فيما علم أميرالمؤمنين – عليه السلام – أصحابه من الأربعمائة باب ما يصح للمسلم في دينه ودنياه، قال – عليه السلام –: (صافح عدوك وإن كره، فإنه مما أمر الله به عباده يقول {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذوحظ عظيم}، ثم قال – عليه السلام –: وما تكافئ عدوك بشيء أشد عليه من أن تطيع الله فيه).
مستمعينا الأكارم، نعود للمقطع السابع من دعاء مولانا سيد الساجدين في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال، فنجده عليه السلام يعلمنا أن أزكى خصال أحباء الله، وهوأنهم يدفعون بعض أهل الشنئان بالمحبة، أي أنهم يعاملونهم بمحبة وهي حسنتهم التي تدفع سيئة البعض، أو أنهم يستبدلون ما يولده بعض أهل العداوة من بغض مقابل بالمحبة التي تجعل بدورها أهل الشنئان يندمون على بغضهم فيتحولون إلى محبين.
وقد رأينا في سيرة أهل البيت – عليهم السلام – كثيرا من أعدائهم ومبغضيهم عن جهل إلى محبين ببركة جميل عفوهم عن جهلهم.
وكذلك الحال – مستمعينا الأفاضل – في مواجهة حسد أهل البغي بالمودة، وظنه وعدم ثقة أهل الصلاح – لسبب أو آخر – بالثقة فيهم، ومن عداوة الأدنين بالولاية أي بالمحبة والمؤازرة، ومقابلة عقوق ذوي الأرحام ببرهم وصلتهم، وخذلان الأقربين بنصرتهم، واستبدال حب المداراة بحب حقيقي صادق، وإصلاح بخل المعاشرين بكرم العشرة وطيبها، واستبدال مرارة خوف الظالمين بحلاوة الأمنة بالتغافل عنهم.
انتهى مستمعينا الأكارم – لقاء اليوم من برنامج (سيماءالصالحين) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، مسك ختامه استنارة ثانية بالمقطع السابع من دعاء مكارم الأخلاق وهو: "اللهم صل على محمد وآل محمد وأبدلني من بغضة أهل الشنئان المحبة، ومن حسد أهل البغي المودة، ومن ظنة أهل الصلاح الثقة، ومن عداوة الأدنين الولاية ومن عقوق ذوي الأرحام المبرة ومن خذلان الأقربين النصرة، ومن حب المدارين تصحيح المقة، ومن رد الملابسين كرم العشرة ومن مرارة خوف الظالمين حلاوة الأمنة يا أرحم الراحمين".

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة