البث المباشر

شرح فقرة: "وبلغ بإيماني أكمل الإيمان واجعل يقيني أفضل اليقين..."

الأحد 21 يوليو 2019 - 12:13 بتوقيت طهران

بسم الله وله الحمد والثناء إذ رزقنا مودة وموالاة قدوة الصالحين وأسوة الصادقين كنوز رحمة للعالمين المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم أعزائنا المستمعين، أهلا بكم في أولى حلقات هذا البرنامج الذي نسعى فيه معا للتعرف على صفات أحباب الله عزوجل من عباده الصالحين الذين اقتدوا بمحمد وآله الطاهرين (عليهم السلام) فتحلوا بأخلاقهم وجسدوا قيم الدين الحق الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى لعباده، فبلغوا بذلك منازل المقربين الذين فازوا بخير الدنيا وسعادة الآخرة.
نتعرف على هذه الصفات كمقدمة للاقتداء بهم والتحلي بأخلاقهم، ومرجعنا في ذلك أحد أجمع النصوص الشريفة في تعريف الأمة بهذه الخصال، ألا وهو دعاء (مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال) لمولانا الإمام زين العابدين (عليه السلام)، تابعونا على بركة الله.
قال مولانا سيد الساجدين في دعائه الشريف هذا وهو الدعاء العشرون في صحيفته المباركة:
"اللهم صل على محمد وآله وبلغ بإيماني أكمل الإيمان واجعل يقيني أفضل اليقين وانته بنيتي إلى أحسن النيات وبعملي إلى أحسن الأعمال.. يا أرحم الراحمين".
يبتدأ الدعاء بالصلاة على محمد وآله (صلوات الله عليهم أجمعين) وكثرة الصلاة عليهم من أبرز صفات الصالحين، فهي من أعظم وسائل القرب من الله والخروج من الظلمات الى النور والتحرر من أسر النفاق وإزالة الحجب والتطهر من الذنوب وهي مفتاح استجابة الدعاء وأعظم الأعمال بركة، كما صرحت بذلك كثير من النصوص الشريفة، فمثلا روى الشيخ الصدوق في كتاب علل الشرائع مسنداً عن مولانا الإمام الحسن العسكري (سلام الله عليه) قال:
"إنما اتخذ الله عزوجل ابراهيم خليلاً لكثرة صلاته على محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم".. وعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: "من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمد وآل محمد فإنها تهدم الذنوب هدماً" وقال "الصلاة على محمد وآله تعدل عند الله التسبيح والتهليل والتكبير"، وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: ".. وأن المصلي على محمد وآله ليلة الجمعة ويوم الجمعة يزهر نوره في السموات الى يوم الساعة وأن ملائكة الله يستغفرون".
وسئل الباقر(عليه السلام) عن أفضل الأعمال يوم الجمعة فقال: "لا أعلم عملاً أفضل من الصلاة على محمد وآل محمد".
وروي في كتاب الوسائل عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قال في أحاديث عدة:
"صلاتكم علي إجابة لدعائكم وتزكية لأعمالكم" وقال: "لا يزال الدعاء محجوباً حتى يصلى علي وعلى أهل بيتي" وقال: "الصلاة علي وعلى أهل بيتي تذهب بالنفاق" وقال: "من صلى علي صلى الله عليه وملائكته فمن شاء فليقل ومن شاء فليكثر".
وينقل العارف الجليل والمرجع الديني الفقيه آية الله الشيخ محمد تقي الإصفهاني فيما كتبه من مكاشفاته التي نشرت مقتطفات منها بعد وفاته، ينقل الحادثة التالية:
كنت ليلة في مسجد السهلة، فالتقيت سحراً أحد رجال الغيب وعرضت عليه الكثير من الأسئلة وكان ينقل لي أجوبتها عن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وكنت أكتبها لكي لا أنساها وكان أحد أسئلتي هو: "علموني ذكراً ينفعني في جميع الحاجات، فكان الجواب هو ليس ثمة ذكر أقرب للقبول عند الله من الصلوات على محمد وآله".
إذن، أولى صفات الصالحين هي مودة محمد وآله الطاهرين المعبر عنها بكثرة الصلاة عليهم، والصفة الثانية التي يهدينا لها مولانا الإمام زين العابدين عليه السلام في دعائه الشريف، فهي سعيهم واجتهادهم في تقوية إيمانهم والحصول على (الإيمان الكامل) بل أكمل الإيمان.
ولا يخفى عليكم، مستمعينا الأفاضل، أن الإيمان الكامل هو الذي يشتمل على انعقاد القلب على التوحيد الخالص والمعاد واليوم الآخر والاعتقاد بنبوة خاتم الأنبياء وأنه (صلى الله عليه وآله) أفضل الخلائق أجمعين، وكذلك الإيمان بولاية الأئمة الإثني عشر من أوصياء النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وبها أكمل الله الدين الذي ارتضاه لعباده كما نصت على ذلك الآيات الكريمة.
هذا هو الإيمان الكامل، أما أكمل الإيمان فهو الذي تظهر آثاره العملية في جميع حركات المؤمن وسلوكياته فيكون متوجهاً لله وحده لا شريك له متبعاً لرسوله الأكرم آخذاً بسنته متمسكاً بولاية أوصيائه عاملاً بوصاياهم (عليهم السلام).
أيها الاخوة والأخوات، والصفة الثالثة لعباد الله الصالحين التي يذكرها المقطع الأول من دعاء مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال، فهي أنهم يسعون إلى الحصول على (اليقين) بأفضل مراتبه، ومعنى هذه الصفة هو أنهم يتحلون باستقرار العقائد الحقة في القلب بحيث لا تؤثر عليها الشكوك والشبهات.
أما الصفة الرابعة من صفات عباد الله الصالحين فهي عظيم اهتمامهم بتخليص نياتهم من جميع الشوائب وجعلها نية خيرة خالصة لوجه الله يبتغون بها رضاه وخير خلقه.
والصفة الخامسة هي أن أعمالهم أحسن الأعمال، أي أنهم يعملون بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إتقان كل عمل صالح يعملونه، فيؤدونه بصورته الفضلى، فمثلا هم يحرصون على التحلي بالخشوع والتوجه في صلاتهم مثلما يحرصون على تنقيه زكاتهم من المن والأذى وطلب الشكر عليها من الناس، وبذلك يفوزون بدعاء حبيبهم المصطفى حيث يقول (صلى الله عليه وآله): "رحم الله من عمل عملاً صالحاً فأتقنه".
أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامجكم (سيماء الصالحين)، ومسك ختامها هو أن نتوجه معاً إلى الله عزوجل طالبين منه أن يوفقنا للتحلي بالصفات التي تحدثنا عنها آنفا، فندعوه قائلين:
"اللهم صل على محمد وآله وبلغ بإيماني أكمل الإيمان واجعل يقيني أفضل اليقين وانته بنيتي إلى أحسن النيات وبعملي إلى أحسن الأعمال.. يا أرحم الراحمين ".

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة