البث المباشر

عبد الله بن عباس

الثلاثاء 19 فبراير 2019 - 12:05 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 432

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين. 
ومن اقطاب الصادقين المخلصين لامير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه هو حبر الامة ورئيس المفسرين وترجمان القرآن عبد الله بن عباس تغمده الله برحمته، لم اعثر على تاريخ ولادته ولكن الذي جذبني للحديث عنه جرأته وشجاعته في الادلاء بالحق وصرامته في الدفاع عن امير المؤمنين وخصوصاً حينما امر بتدوين مآثره او مراسلاته التي يدافع فيها عن الامام علي بن ابي طالب، في الواقع هذا هو الجوهر الاساسي الذي يدفعني لانتقاء الاشخاص الذين اتحدث عنهم في هذا البرنامج، الجوهر الاساسي هو علاقة الطرف وموقف الطرف من خط الامامة وبالخصوص من امير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه)، عبد الله بن عباس كنت امر ببيتين له قالهما في الامام امير المؤمنين فجذباني هذان البيتان وهما: 

وصي رسول الله من دون اهله

وفارسه ان قيل هل من منازل

فدونك ان كنت تبغي مهاجراً

اشمك نصل السيف غير حلاحل

عبد الله بن عباس هو اول من املى تفسير القرآن عن الامام امير المؤمنين وقال عنه ابو الخير في طبقات المفسرين عند ذكره بأنه ترجمان القرآن وعن عطاء قال: ما رأيت مجلساً قط اكرم من مجلس ابن عباس وكان عبد الله بن عباس جسيماً ولبقاً ومنطيقاً لما اشخصه الامام امير المؤمنين الى مخاصمة ابن الكوى او جماعته فكانت عليه حلة جميلة قالوا له يا بن عباس انت خيرنا في انفسنا تلبس هذا؟
فقال: اذن هذا اول مخاصمتي لكم ثم قرأ «بسم الله الرحمن الرحيم / قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق» وقال الله تعالى «خذوا زينتكم عند كل مسجد» اما دور ابن عباس في الدفاع عن امير المؤمنين وهذا ما يهمني اكثر فكانت له لقاءات حساسة مع الخليفة الثاني وغيره وكان الخليفة الثاني يقول له لله درك يابن عباس ما خاصمت احداً الا وغلبته، واذكر ما ذكره الخطيب البغدادي وابن ابي الحديد في شرح النهج، الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد يقول بأن عبد الله بن عباس مر على الخليفة الثاني وكان متكئاً الى جدار ويأكل تمراً فدعاه الخليفة لمآكلته فأكل ثم سأله بهدوء اين تركت ابن عمك فظن ابن عباس ان الخليفة يقصد عبد الله بن جعفر قال: تركته يلعب مع اترابه. 
فقال: لا لا يا بن عباس انما اقصد عظيمكم يا آل هاشم فقال: له تركته في حائط له يحرث الارض ويقرأ القرآن. 
الخليفة الثاني تأمل قليلاً ثم قال: يا بن عباس اترى انه بقي في نفسه شيء من امر الخلافة. 
فقال له ابن عباس: نعم انه يقول ان النبي نص بها عليه يوم الغدير وازيدك يا عمر فقد سألت ابي العباس: فقال صدق علي واني بذلك شاهد، هنا الخليفة الثاني كان متكئاً فأستوى جالساً قال يا بن عباس لقد كان من النبي في ذلك كلام ولكنه لا يقطع عذراً ولا يثبت حجة ولقد اراد رسول الله في مرضه ان ينص على اسمه كتابة فمنعته عن ذلك حرصاً على الاسلام وهنا احتدم النقاش والسجال وسأل ابن عباس الخليفة عن الاسباب فقال: منعني عن ذلك صغر سنه فاجابه وهل سنه بأصغر من اسامة بن زيد الذي امره رسول الله على الجيش في منطقة الجعفر فأحجم الخليفة.
مرة اخرى سأله الخليفة وكان يحضر الخليفة الثاني المجلس الذي تلقى فيه الكلمات والاشعار وكان هناك شبه مسابقة فمر عبد الله بن عباس. 
الخليفة الثاني قال: وعليك السلام يا بن عباس انت ابن ابجديتها تعال. 
قال: من اشعر الناس في نظرك. 
فتأمل عبد الله بن عباس ثم قال: في نظري اشعر الناس هو الذي يقول:

قوم ابوهم سنان حين تنسبهم

طابوا وطاب غنى الاولاد ماولدوا

جن اذا ركبوا انس اذا فزعوا

مرزؤن بهاليل اذا قصدوا

لو كان يقعد تحت الشمس من احد

قوم بأحسابهم او مجدهم قعدوا

الحضار استأنسوا والخليفة التفت اليه وقال: يا بن عباس أليست هذه للنابغة الذبياني. 
قال: بلى. 
قال: يعني انك ترى النابغة الذبياني هو اشعر الناس. 
قال: نعم. 
هنا فتح الخليفة الحديث مع عبد الله بن عباس فقال: يا بن عباس اني لا ارى هذا المدح يليق الا بكم يا آل هاشم. 
قال: مشكور وجزاك الله خيراً. 
لكن الخليفة الثاني استدرك وقال: اتدري ما منع قومكم من ان تجتمع فيكم الخلافة والنبوة. 
قال: لا. 
قال: كرهت قريش ان تجتمع فيكم الخلافة والنبوة فتجفخوا على الناس جفخا وتنفخوا عليهم نفخاً فأختارت قريش لنفسها ووفقت واصابت، هنا ثأر ابن عباس -وصاح وطبعاً المنتدى كله يستمع- صاح تنيط عني غضبك. 
قال: لا تكلم. 
فقال: انت تقول كرهت قريش وما قيمة كراهيتها والله يقول: كرهوا ما انزل الله فأحبط اعمالهم، وتلاحظ سرعة البديهة والاستدلال والاستحضار والاستعداد بالقرآن، وواصل كلامه فقال: واما قولك تجفخوا على الناس جفخاً وتنفخوا عليهم نفخا ونحن قوم ما فينا جفخ ولا نفخ، واما قولك فأختارت قريش لنفسها ووفقت واصابت اي توفيق هذا وهو اعتراض على حكم الله تعالى ماذا تقول انها اختارت انا استغرب لما تقول وفقت هذا اي توفيق، حينما يختار الانسان عكس ما يختاره الله وخلاف ما يختاره الله، هل هذا تقدم ام تراجع وتخلف، هذه رجعية وعودة الى الجاهلية فهنا قطع الخليفة الثاني الحديث وهو يقول: لله درك يا بن عباس ما جاد لك احد إلا غلبته، واذكر هذه المزايا ولمن يريد المزيد من حديث ابن عباس ان يرجع الى امهات المصادر التي كتبت عنه، عبد الله بن عباس عمل ذراعاً ناشطاً مع الامام امير المؤمنين وبعض خطوات الامام كان يعمل على تفعيلها وكان في يوم صفين قائد مخضرم وكقرينة على ذلك معاوية بن ابي سفيان حاول استمالته بكل الحيل وبكل الطرق بالاموال بالاغراءات بالمناصب لكن معاوية اخفق في ذلك، من المجالات التي عمل بها شغل ابن عباس والياً على البصرة من قبل الامام علي صلوات الله وسلامه عليه حتى استشهاد الامام، ما يشاع انه اعتزل عن منصبه واخذ الاموال هذا اغلب الظن انه من صنع معاوية رغم ان بعض كتابنا غشّ بذلك لكن احد علماء‌ النجف الكبار الذي انتقل الى قم وهو المرحوم السيد علي الفاني كتب كتاباً‌ كاملاً دفاعاً عن عبد الله بن عباس، الخلاصة الشهيد الثاني والسيد محسن الامين العاملي صاحب كتاب اعيان الشيعة دافعوا دفاعاً جميلاً عن عبد الله بن عباس واكد الشهيد الثاني ان الاحاديث التي تطعن به لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة وكلها ضعيفة السند اما السيد بن طاووس يقول ان عبد الله بن عباس مثلاً في المحبة والاخلاص لمولانا امير المؤمنين وموالاته ولذا يحسده الحساد كضرائر الحسناء، لدى التعمق في المصادر نرى اطرافاً عديدة ساءها موقع عبد الله بن عباس العلمي والجهادي فكانت تحمل على احتكار القرآن لتسير وفق ممارساتها وسياساتها الجائرة، كان يتصدى لها عبد الله بن عباس حتى اواخر عمره الذي فقد بصره، لكن كان لسانه واقعاً يهز عروش الطغاة، كان يقول ان يأخذ الله من عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة