البث المباشر

محمد بن سليمان البياتي البغدادي المشهور بالفضولي البغدادي

السبت 16 فبراير 2019 - 11:58 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 331

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين الذين اظهروا حبهم وولاءهم لاهل البيت(ع)هو شاعر اهل البيت محمد بن سليمان البياتي البغدادي والذي اشتهر صيته بهذا العنوان فضولي البغدادي.
محمد بن سليمان البياتي هو ممن يفتخر به تاريخ الادب والقلم في العراق وقد ولد هذا الشاعر في مدينة‌ الحلة‌ في العراق ولم يذكر التاريخ سنة‌ وفاته واغلب الظن وبقرينة ان اباه كان مفتياً في الحلة فأن ولادته كانت في مدينة الحلة، والحلة كما نعرف عنها كانت حاضرة العلم والادب وحاضنة للحوزة والعديد من كبار المراجع والاعلام وكما ان هذا الشاعر له بيت في مدح الحلة اذ يقول:

لسانك حلو لحظ طرفك ساحر

كأنك حلي وارضك بابل

ولد هذا الشاعر ونشأ في اجواء العلم والفضيلة ولم يغادر العراق طيلة‌ حياته وينتمي الى اسرة ‌تركمانية تعرف بقرنه ناز ويتواجد افراد هذه القبيلة في قضاء طوز خورماتو في محافظة الموصل في العراق.
اشتهاره بفضولي البغدادي جاء من تردده على الشاه اسماعيل الصفوي وكان يكرمه ويقربه ولكن العثمانيين لما داهموا بغداد هرب واختفى لمدة طويلة، لكن السلطان سليمان خان القانوني بدأ يستميله وعين له راتباً من بيت المال لكن هذا الامر لم ينفذ بعد ذلك فشكى هذا الشاعر امره الى سليمان خان القانوني في قصيدة‌ جميلة بلغة تركمانية عززت القصيدة من مكانته واستغل موقعه من السلطان العثماني فطلب منه ان يحفر نهراً يوصل الماء الى مدينة كربلاء اذ كان الزوار يعانون ضيقاً اضافة الى اهل المنطقة واستجاب السلطان لذلك وامر بحفر النهر وكان يسمى نهر فضولي وبعد ذلك وبعد مر السنين غير اسم النهر الى الحسينية.
محمد بن سليمان البياتي البغدادي شعره كثير، زخرت به بعض الكتب التي دونت حياته وترجمته، وله مقاطع صغيرة من الشعر باللغة العربية ومنها ما هو على طريقة المناجاة ويظهر على هذه المقاطع طابع الذوق الصوفي او العرفاني كما يقال، مثلاً كقوله:

شربت رحيقاً من اناء محبة

وما عدت ادري ما الاناء ومن انا

يراعى في اشعاره التلاوة المتصوفة بأستخدام مصطلحات العرفان مثلاً قرأت له في هذا السياق قوله:

اباهي بوجد قد تمكن في الحشا

وذلك فضل الله يؤتيه من يشا

ثم يقول في ضمن هذه القصيدة:

فلولا مدار الدهر مركز خاله

لكان نظام الكائنات مشوشا

وله ابيات في هذا المعنى ايضاً:

جمالك خلاق البدائع كلها

له موجد في كل آن ومبدع

لدائرة الارواح خالك مركز

لجامعة الالباب وجهك مجمع

الخال في المصطلحات الصوفية والعرفانية هو رمز مبدأ الوجود والمنتهى او الكناية عن وحدة الذات.
ان هذا الشاعر فضولي البغدادي هو من شعراء اهل البيت ومن محبي اهل البيت والطابع الغالب على حياته طابع الزهد والهجران والعزوف عن الدنيا وملذاتها وكان جل عمله نظم الشعر في اهل البيت طوال خمسين عاماً من عمره، ولعل بعض المسنين من افراد قبيلته في قضاء طوز خورماتو او قرية تسعين يحفظون الى الآن بعض قصائده باللغة التركمانية في اهل البيت ومصائبهم وفضائلهم.
اما عطاءه على صعيد القلم فقد ذكرت المصادر له مؤلفاً اشتهر به في فاجعة عاشوراء على طريقة المقتل اسماه «حديقه السعداء في ذكرى فاجعة كربلاء».
عاش هذا الرجل معظم عمره مجاوراً لحرم سيد الشهداء ‌وملازماً للحرم واشتهر لمدة‌ بأنه كان سادن للحرم وهو الذي يسرج الاضواء ويقوم بأعمال صيانتها ويشتغل في الحرم بالعبادة حتى ان السلطان سليمان خان القانوني لما دخل الى‌ الحرم الحسيني كان الشاعر فضولي البغدادي مشغولاً بالعبادة ولم يعر السلطان اهتماماً وهذا اثار سخط السلطان ولما عاتبه اجابه بأني في حضرة سلطان عظيم وانت سلطاني خارج الحرم اما داخل الحرم فسلطاني وسلطانك هو الحسين عليه الصلاة والسلام وهذا كان يثقل على السلطان سليمان خان ان يسمعه لكن على اي حال هضم الموقف.
توفي المرحوم الشاعر محمد بن سليمان البياتي فضولي البغدادي في كربلاء المقدسة ودفن في مقبرة خاصة‌ مقابل باب القبلة للصحن الحسيني الشريف في مقبرة لعابد متصوف يعرف بمؤمن دده وكنا نمر بقبره حتى ‌اوائل السبعينيات بل الى ‌اواخر السبعينيات ويقرأ له المؤمنون الفاتحة غير ان طاغية العراق وسفاحه هدم القبر تحت عنوان توسيع الشارع في اوائل الثمانينات ولم يكن هذا القصد وانما كان ذلك حقداً‌ على هذا الشاعر كونه من شعراء ‌اهل البيت وانه جزء من تاريخ العراق السياسي والادبي والتراثي وانه علم من اعلام الادب ويعرف الكثير من الناس حقد الطاغية على العراقيين التركمان فقد اعدم المئات من شبابهم وكتابهم ورجالاتهم، لأن غيب قبره نتيجة حملة الحقد المسعورة فلن يغيب عن ذاكرة التاريخ وذاكرة الايام وذاكرة العراق ومحن العراق وسيبقى اسمه خالداً‌ في سجل الصادقين المحبين لاهل البيت. أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة‌ الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة