البث المباشر

الشاعر ابو فراس همام ابن غالب (المشهور بالفرزدق)ومديحته للسجاد(ع)

الأحد 10 فبراير 2019 - 14:43 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 179

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من الصادقين في مواقفهم وحبهم لآل الرسول(ص) هو الشاعر المهاب والبطل اللسن ابو فراس همام بن غالب بن صعصعة التميمي المشهور بالفرزدق، هذا الاسم لايغيب عن بال اي انسان يستذوق الشعر والادب، اشتهر بالفرزدق لان وجهه وسيم ومدور يشبه الفرزدقة لذلك سمي بهذا الاسم وهذه الشهرة.
هو من مواليد البصرة عام 38 هجرية ‌والفرزدق ظهرت عليه بوادر الاستعداد والقابليات من طفولته وقد ذكر المؤرخون ان اباه غالب بن صعصعة والمشهور بذي الابل الكبيرة دخل على الامام امير المؤمنين(ع) يوماً فرحب به الامام لان اباه كان له موقع خاص عند رسول الله واسلم على يده وكان معروفاً بأنه محيي الموتى، اشتقاقها من هنا، ان العرب كانوا يأدون بناته خوف الفقر فكان صعصعة يفتدي بناتهم بالاموال الطائلة، لما يشاهد احدهم يريد دفن البنت ينقذها من يده ويعطيه مالاً والدافع وراء هذه الحركة كان الفقر والفاقة، سوء الوضع المادي، انقذ الآلاف من البنات من الوأد فسمي بمحيي الموتى، من احيى نفساً فكأنما احيى الناس لما دخل على الامام امير المؤمنين(ع) رحب به الامام وآنذاك كان الفرزدق بصحبة والده، صغير طفل، فقال له الامام من هذا الفتى معك؟ قال يا سيدي هذا ولدي الفرزدق، انه شاعر يحب الشعر، فقال له الامام علمه القرآن وهذه الكلمة اخذت مأخذها من الفرزدق فروي بأنه قيد نفسه وآلا ان لايفك قيده الا بعد ان يحفظ القرآن. 
الفرزدق كان فاضلاً كريماً ووجيهاً وكان يتردد على الامراء حتى ان البعض استغل هذه الحالة للطعن به والتعريض بسيرته لكن رغم تردده على بعض الطغاة الا انه في تفكيره وفي توجهه كان على ‌خط اهل البيت واتخذ موقف الشدة مع الطغاة وهجاهم بشعره فقد هجى معاوية والحجاج وعبد الملك بن مروان وغيرهم وللجاحظ كلمة في كتابه الحيوان يقول الجاحظ: «اذا رغبت ان تقرأ من قصار القصائد شعراً لم تسمع بمثله فألتمس شعر الفرزدق فأنك لاترى شاعراً قط يجمع التجويد في القصار والطوال كلها»، روى المؤرخون ان الفرزدق لقي الحسين(ع) في طريقه الى الكوفة عام 60 من الهجرة وكان الفرزدق مقبلاً من الكوفة فسأله الحسين عن الناس والشارع العام فقال كلمته المأثورة‌ سيدي الناس قلوبهم معك وسيوفهم عليك فقال له الحسين(ع) ان معي حمل بعير يعني رسائل كثيرة من كتبهم يدعونني اليهم ويناشدونني الله على ذلك فلم يعلق الفرزدق لكن بعد ان بلغه استشهاد الحسين قال الفرزدق كلمته الشهيرة وسبحان الله طبق ذلك، بعدما علم بمصرع الحسين واهل بيته قال ان غضبت العرب لمقتل الحسين واخذت بثاره فأعلموا انه سيدوم عزها وتبقى هيبتها وان تجاهلت ذلك ولم تهتز فأعلموا انه لم يزدها الله الا ذلاً وعاراً وانشد الفرزدق:

فان انتم لم تثأروا لابن خيركم

فألقوا السلاح واغزلوا بالمغازل

ليت الفرزدق حاضر ويرى الآن اسرائيل اليهود الصهاينة ثلاثة ملايين من مزابل العالم يتجمعون ويفعلون ما يفعلون بالعرب رغم ما يملكون:

النفط والغاز والنهران عندكم وانتم

تشتكون الضعف والملقا

فيا عبيد الكراسي لا اباً لكم

بعت الدين والواجدان والخلقا

مصداق كامل لما قاله الفرزدق بعد مصرع الحسين بأنه ان تجاهلت مظلومية الحسين ولم تهتز فأعلموا انه لم يزدها الله الا ذلاً وعاراً.
للفرزدق موقف تاريخي جسور واشتهرت به قصيدته الميمية التي لا يخلو منها اي كتاب في الادب او اي ديوان ويحفظها القاصي والداني واشتهرت لسببين، السبب الاول انها توضح فضل امام عظيم من ائمة‌ اهل البيت وله مكانته بين المسلمين وتتضمن الدلائل الواضحة ان سلطان الدين اقوى من سلطان الدنيا وان تملك القلوب والافئدة اهم من تملك الناس بالقوة ‌السبب الثاني قضية الجرأة والشجاعة والا من يتجرأ ان يتفوه بكلمة ‌معناه يقتل هو واسرته، ‌اذن ما هي القضية، ‌تتلخص هذه القضية ان هشام بن عبد الملك وهو من فراعنة بني امية حج وحاول ان يستلم الحجر مع ما معه من حراس ومرافقين فلم يقدر من شدة الازدحام ولم يعتني به الناس تعقد ونصب له دست عالي وجلس عليه وجاء الامام زين العابدين وعليه سيماء الامامة‌ وهيبة‌ النبوة وهو من احسن الناس وجهاً، النورانية‌ الالهية، البهاء الالهي ليس معه لاحارس ولامرافق واذا به يتجه صوب الحجر فصار الناس سماطين وجاء واستلم الحجر فتمزق هشام حقداً وحسداً واستقطب هذا المنظر وتملكت قلوب الحجاج فصاح احد رفاق هشام وكان من اهل الشام من هذا يا امير مخاطباً هشام فقال هشام متنكراً ‌لا اعرفه فأنبرى الفرزدق وكان حاضراً فأخذته الغيرة وبكل شجاعة صاح ان كنت يا امير لا تعرفه انا اعرفه فتحول الحج الى منتدى ‌والى مواجهة كلامية وكان الانتصار للحق، لاهل البيت فقال هشام لا اعرفه فقال الفرزدق انا اعرفه وبكل جرأة وشجاعة صاح:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا ابن فاطمة ان كنت

جاهله بجده انبياء الله قد ختموا

هذا علي رسول الله والده

امست بنور هداه تهتدي الامم

اذا رأته قريش قال قائلها

الى مكارم هذا ينتهي الكرم

الله شرفه ادماً وعظمة

جرى بذلك له في لوحة القلم

في كفه خيزران ريحه عبق

من كف اروع في عرنينه شمم

مشتقة من رسول الله نبعته

طابت عناصره والخير والكرم

من معشر حبهم دين وبغضهم

كفر وقربهم منجىًً ومعتصم

ان عدّ اهل التقى

كانوا ائمتهم

او قيل من خير اهل

الارض قيل هم

يستدفع السوء

والبلوى بحبهم

ويستدب به الاحسان والنعم القصيدة طويلة اكثر من ثلاثين بيت الى ان صاح:

وليس قولك من هذا بضاره

فالعرب تعرف ان انكرت والعجم

فتمزق هشام وصاح بصوت عال أرافضي انت ثم امر بحبسه وهذه سياستهم سياسة الطواغيت فمن لم يكن لنا فعلينا، حبسه بعسفان بين مكة والمدينة وكان في السجن يهجو هشام:

ايحبسني بين المدينة والتي

اليها قلوب الناس يهوى منيبها

توفي الفرزدق عام 110 هجرية ليبقى حياً خالداً‌ على الوجدان الانساني نسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة