البث المباشر

الامام السجاد(ع) وكثرة مناجاته وسجوده وزهده

الإثنين 4 فبراير 2019 - 14:01 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 34

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء محمد وآله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
الامام علي بن الحسين ايها الاخوة وايتها الاخوات حفيد رسول الله، واحد كبار الزهاد والعباد في تاريخ الاسلام وقد ترجم له المسلمون من الفريقين واعتبروه مثالاً عظيماً في التقوى والعبادة والطاعة والسجود والركوع والخشوع لله سبحانه تعالى وكذلك في الزهد. 
فقد جاء في حيلة الاولياء وفضائل الصحابة ان علي بن الحسين(ع) اذا فرغ من وضوء الصلاة وصار بين وضوءه وصلاته اخذته رعده ونفضه فقيل له في ذلك اي سأل: لماذا يابن رسول الله هذه الرعده وهذه الانتفاضة؟ اجاب الامام: ويحكم اتدرون الى من قوم ومن اريد اناجي؟ وجاء في كتب الشيعة ايضاً ان الامام السجاد كان اذا توضأ اصفر لونه فاذا سؤل عن سبب ذلك وقيل له اجابهم قائلاً: اتدرون من اتأهب للقيام بين يديه؟ ونقل عن طاووس اليماني الفقيه المعاصر للامام الجاد وهو من كبار علماء السنة وفقهائهم المعروفين انه قال: رأيت في الحجر اي في حجر اسماعيل زين العابدين(ع) يصلي ويدعو ويقول: "الهي عبيدك ببابك اسيرك بفنائك مسكينك بفنائك سائلك بفنائك يشكو اليك مالا يخفى عليك". 
وفي خبر اخر عن طاووس هكذا كان يقول السجاد: "الهي لا تردني عن بابك" اجل هكذا كان يناجي الامام السجاد وبمثل هذه المعرفة وهذه الرؤية وهذه البصيرة كان يناجي ربه وكان يدعو وهو من نعرف ابن رسول الله حفيده ومن ذريته وما هذا الا انه كان يعرف الله سبحانه وتعالى معرفة تسمو وتعلو فوق معرفة الاخرين، فان الذي يعرف الله سبحانه وتعالى بتلك المعرفة يناجيه كما كان يناجي السجاد ربه تعالى، وفي الخبر ان فاطمه بنت ابي طالب اخت الحسين وعمة السجاد جاءت الى جابر بن عبد الله الانصاري الصحابي الجليل وقالت له: يا صاحب رسول الله(ص) ان لنا عليكم حقوقاً ومن حقنا عليكم اذا رأيتم احدنا يهلك نفسه اجتهاداً ان تذكروه الله وتدعوه الى البقية على نفسه وهذا علي بن الحسين بقية ابيه الحسين قد انحزم انفه ونقبت جبهته وركبتاه وراحتاه واذاب نفسه في العبادة، فاذهب اليه واطلب منه ان يقلل من عبادته وان يهون على نفسه فاتاه جابر بن عبد الله الانصاري باعتباره صحابياً عظيماً ومبجلاً اتاه الى بابه واستأذن، فلما دخل على الامام السجاد وجده في محرابه قد ابلته العبادة واهزلته، فنهض علي بن الحسين(ع) وسأله عن حاله سؤالاً حفياً ثم اجلسه بجنبه، ثم اقبل جابر يقول للامام السجاد: يا بن رسول الله اما علمت ان الله خلق الجنة لكم ولمن احبكم، وخلق النار لمن ابغضكم وعاداكم فما هذا الجهد الذي كلفت نفسك اي هون عليك، قلل العبادة قليلاً. 
فقال له علي بن الحسين: "يا صاحب رسول الله اما علمت ان جدي رسول الله(ص) قد غفرالله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومع ذلك لم يدع الاجتهاد لله سبحانه وتعالى وتعبد بابي هو وامي حتى انتفخت الساق وورم القدم وقيل له اتفعل هذا يا رسول الله وقد غفرالله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال رسول الله وهو يجيب هؤلاء قال افلا اكون عبداً شكوراً، اي ان العبودية التي اتصف بها تقتضي مني ان اقف امام ربي وسيدي ومولاي هذا الموقف وانما انعم به عليّ من النعم العظيمة تقتضي مني ان اشكره". فلما نظر اليه جابر بن عبد الله الانصاري وليس يغني فيه قول ولا يفيده شئ قال: يا بن رسول الله البقية على نفسك فانك من اسرة بهم يستدفع البلاء وبهم تستكشف اللئواء وبهم تستمسك السماء فقال الامام زين العابدين: يا جابر لا ازال على منهاج ابوي مؤتسياً بهما حتى القاهما فاقبل جابر على من حضر فقال لهم: ما رؤي من اولاد الانبياء مثل علي بن الحسين افضل من ذرية يوسف. 
اجل هكذا كانت عبادة زين العابدين ومناجاة وهكذا كان موقفه في محراب العبادة انه(ع) يأتسي بجده رسول الله ويأتسي بأبيه علي بن ابي طالب وابيه الحسن، الم يقف رسول الله في محرابه ولم يطل الركوع والسجود والقيام والقعود حتى قال الله سبحانه وتعالى: "طه / ما انزلنا عليك القرآن لتشقى" واما كان الامام علي(ع) يصلي في كل يوم وليلة الف ركعه الى جانب جهاده العظيم وخدماته الكبرى للاسلام، واما كان الحسين(ع) يتعبد في اكثر اوقاته حتى ان ليلة عاشوراء طلب المهلة وطلب الاستمهال وطلب التأخير في الحرب الى اليوم العاشر لاجل ان يناجي ربه ويصلي ويقرأ القرآن ويقوم بين يدي الله سبحانه وتعالى. 
ان علي بن الحسين هو سلالة هؤلاء العظام الكرام هؤلاء الزهاد العباد الذن لم ير العالم نظيرهم في العبادة والزهد والتقوى، ان علي بن الحسين عصارة هؤلاء وسليل هؤلاء الذين سجلوا في التاريخ اعظم المواقف في العبادة والزهد والتقوى الى جانب الخدمة والدعوة الى الله سبحانه وتعالى. 
لهذا ينبغي علينا نحن المسلمون ان نقتدي بهؤلاء ونترسم خطاهم وندرس سلوكهم فان هؤلاء قدوة لنا جميعاً، ان هؤلاء هم الذين جسدوا الخلق العطيم وهم الذين حققوا بافعالهم بمناجاتهم وبقيامهم اعظم مثل للزهد والتقوى والعبودية امام الله سبحانه تعالى ولاشك ان هؤلاء كانوا يعرفون الباري سبحانه وتعالى حق المعرفة ولهذا وقفوا ذلك الموقف. 
ان الانسان لا يعرف ربه مثل تلك المعرفة العميقة العريضة الواسعة لا يرى في الصلاة اي مبرر ولكن الذين يعرف الله تلك المعرفة العظيمة العميقة يرى هذه العبادة مهما عظمت قليلة في جنب الله سبحانه وتعالى ولهذا نرى في ادعية السجاد(ع) ما يفيد هذا المعنى الهي "لو سجدت لك حتى تساقطت لحم وجهي ولو عبدتك عبادة طويلة وكثيرة حتى تورمت قدماي وعلى كل حال حصل ما حصل لي فانني لم اودي حقك، ولم استطع ان اقول بما ينبغي من العبودية تجاهك يا رب". 
اجل هذا هو موقف من يعرف الباري سبحانه وتعالى حق المعرفة هذا هو موقف من يعرف صفات الله واسماءه ويعرف رحمة الله وسخطه وثوابه وعقابه، نسأل الله سبحانه وتعالى ان يلهمنا شيئاً من هذه المعرفة وان يمنحنا شيئاً من هذا الايمان العميق لنقوم بما ينبغي من العبودية تجاه الباري سبحانه وتعالى ونعطيه ونتمثل ونمتثل لاوامره ونواهيه في حياتنا اليومية. آمين رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة