البث المباشر

من سيرة الامام الهادي(ع)

الإثنين 4 فبراير 2019 - 10:04 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 11

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين.
الامام علي الهادي(ع) هو العاشر من ائمة اهل البيت(ع)، ولقد قتل والده اعني الامام الجواد على يد المعتصم العباسي بسم وكان عمر الامام الهادي يوم فقد والده ستة سنين واشهر، ولما كان المعتصم يعلم ان اهل البيت(ع) تهفو اليهم القلوب وتميل اليهم الافئدة، خشي ان يحتل الامام الهادي(ع) المكانة التي كان والده الامام الجواد له في قلوب الناس وخشي ان يلتف حوله الناس فيشكل مشكلة لحكومته ودولته وسلطة العباسيين ولهذا كلف احد اعوانه وهو عمربن الفرج بان يذهب الى المدينة المنورة حيث كان الامام الهادي(ع) يسكن هناك ويختار للهادي معلماً فيؤدبه فيربيه على بعض اهل البيت(ع) وعلى الولاء للسلطة، فتوجه عمربن الفرج الى المدينة المنورة والتقى بواليها وعرفه بالمهمة التي كلفه بها المعتصم العباسي فارشده الوالي الى شخص معروف بالعداء والانحراف عن اهل البيت(ع) لاجل ان يقوم بهذه المهمة، وهو الجنيدي وكان المعتصم قد اكد عليه ان يختار معلماً شديد الانحراف عن اهل بيت(ع) شديد النصب عليهم والاعداء لهم وكان هذا الجنيدي فعلاً شديد البغض للعلويين والنصب والانحراف عن اهل البيت(ع) فارسل خلفه وعرفه بالامر وكلفه بان يقوم بتربية الامام الهادي(ع) الذي كان انذاك في السادسة من عمره وعين له، اي لهذا المعلم راتباً سخياً كما امره بان يمتع اتباع اهل البيت(ع) من التردد على الامام الهادي(ع) والاتصال به، فقام الجنيدي بهذه المهمة الا انه ذهل من حدة ذكاء الامام الهادي(ع) وقوة فطنته، وذات يوم التقى به شخص اسمه محمدبن جعفر قال له: ما حال هذا الصبي؟ وهو يعني الامام الهادي(ع) قائلاً له: ما حال هذا الصبي الذي تؤدبه؟ فانكر الجنيدي ذلك وراح يقول: هذا الصبي ولا تقول هذا الشيخ، انشدك بالله هل تعرف بالمدينة من هو اعرف مني بالادب والعلم؟ قال السائل محمدبن جعفر لا لا اعرف من هو اعرف منك بالادب والعلم، فانت معروف بانك عالم كبير، وانك مؤدب قدير. قال: لا اني والله لا اعرف مثل هذا؟ فقال الجنيدي: اني والله لا ذكر الحرف في الادب يعني يعطيه درساً في التربية في الموعظة، في شئ من الاداب واظن اني قد بالغت فيه، اي ان اتصور بان قد يكون هذا الدرس اكثر مستواه اكثر من وعاية واذا بهذا اي الهادي(ع) يملي عليّ ابواباً في ذلك المجال لم اعرفها وان استفيد منها علوماً كثيرة فيظن الناس اني اعلمه واني والله اتعلم منه. ثم مضت ايام فالتقى محمدبن جعفر مرة اخرى وقال له دع عنك هذا القول. والله ان هذا له خير اهل الارض وافضل من برئة الله تعالى وانه لربما همّ بدخول الحجرة فأقول له لا اسمح لك بان تدخل الحجرة حتى تقرأ سورة من القران الكريم فيقول لي اي سورة تريد ان اقرأها فاذكر له السور الطوال ما لم يبلغ اليها فيسرع بقراعتها بما لم اسمع اصح منها، وكان يقرئتها بصوت اطيب من مزامير داوود، انه حافظ القران من اوله الى اخره ويعلم تأويله وتنزيله، ثم اضاف الجنيدي وقال: هذا صبي صغير نشأ بالمدينة بين الجدران السود فمن اين علم هذا العلم الكبير يا سبحان الله، ثم ان الجنيدي بعد مدة وبعد هذا اللقاء واللقاءات المتكررة بالامام الهادي(ع) والتأثر بعلم الامام الهادي وشخصيته ابتعد عن النصب لاهل البيت(ع) ودان بالولاء لهم واعتقد بأمامتهم. 
ان هذه القصة التاريخية والتي وردت في كتب معروفة منها كتاب "ماثر الكبراء في تاريخ سامراء" هذه القصة تحمل وتنطوي على دروس عديدة قيمة اولاً: ان اهل البيت(ع) كانوا في قمة من العلم، كان الله سبحانه وتعالى الذي اصطفاهم للامامة وزودهم بذكاء خارق وفطنة عظيمة وعلم واسع وكان البغض يتصور ان هؤلاء اذا كانوا في صغر السن لا يعرفون شيئاً ولكن كان يظهر لهم حقيقة الامر وواقع الامر حينما يلتقون باهل البيت من قريب بعيداً عن الضوضاء وبعيداً عن الدعايات المضادة لاهل البيت(ع) فيقفون عن الحقيقة. ومن الدروس الاخرى التي نأخذها من هذه القصة هو علم اهل البيت(ع) بالقران الكريم وعنايتهم بهذا الكتاب العزيز، الكتاب الالهي حتى انهم كانوا يحفظونه برمته عن ظهر القلب ويعلمون تأويله وتنزيله، ولا غرابة فهم ابناء رسول الله(ص) هم ابناء علي(ع) الذي قال "كما جاء في كثير من مصادر المسلمين" قال: "سلوني فأني اعلم اي اية نزلت في اي ارض ومتى وبليل او نهار أفي سهل ام جبل" ان هؤلاء من تلك الدوحة المباركة وغصن من تلك الشجرة الطيبة. والدرس الاخر الذي نستفيده من هذه القصة هو ان الامام(ع) بما حظي به من الادب وبما حظي به من التربية والعناية الالهية الخاصة كانوا وكان دائماً الامام وكان الائمة من هذا النمط على خلق عظيم وعلى درجة عالية من حسن المعاملة مع افراد كانوا يجهلون قدرهم ولهذا لا نجد في هذه القصة اي نوع من المعاملة الخشنة، من المعاملة السيئة من المواجهة الساخنة بين الامام الهادي(ع) وبين من كان يتصور انه يريد ان يؤدب الامام ويربيه ويعلمه وكان يحمل بغضاً لاهل البيت(ع) وعداءاً وحقداً بل كان يتلطف معه ويعامله بالادب الحسن وبالاخلاق الحسنة. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يهدينا بالاقتداء باهل البيت(ع) الذين قال عنهم: "النجوم امان لاهل السماء واهل بيتي امان لاهل الارض" ودعانا الى الاقتداء بهم واللاتساء بهم في حياتنا اليومية والعلمية والفكرية. امين يا رب العالمين. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة