ومع المنافسة بين الشّركات المصنعة لتأمين أفضل جودة مشاهدة غُمرت الأسواق بمنتجات ذات مسميات كثيرة، وذلك في محاولة كل شركة لكسب الحصّة الأكبر من المبيعات؛ ونحن سنتحدّث عن شاشات OLED المذهلة مع مقارنتها مع باقي التّقنيات وأين هي اليوم أمام باقي المنتجات.
ما هي تقنية OLED ؟
قبل الخوض في الحديث عن شاشات OLED فلنتحدّث قليلاً عن بعض الأساسيّات؛ إنّ كل ما نراه على الشّاشات مكوّن بأساسه من البيكسل، والذي يعتبر الوحدة الأصغر في تكوين الصّور وهو مكوّن بدوره من اجتماع الألوان الأساسيّة الأزرق، الأحمر والأخضر والتي تُضاء بنسبٍ متفاوتة لإعطاء البيكسل لونه النّهائي المطلوب، وبقول ذلك دعونا أيضاً نتحدّث باقتضاب عن شاشات الكريستال السّائل LCD والتي لديك واحدة منها في منزلك بكّل تأكيد؛ حيثُ تُعدّ هذه الشاشات من الرّكائز الأساسيّة في عالم التّلفزيون أمّا عن طريقة عملها فهي تتمّ عن طريق وجود ضوء LED خلفيّ أزرق اللون تعلوه طبقة من الفوسفور لتحوّله من الأزرق إلى لأبيض؛ يمر الضّوء بعدها ضمن فلاتر معيّنة ضمن البيكسل الواحد ليتحوّل إلى الأزرق، الأحمر والأخضر ومن ثُم إعطاء البيكسل لونه النّهائيّ الموافق.
قد تبدو شاشات LCD قديمة الطّراز، لكنّها حقيقةً قد أحرزت تقدّماً هائلاً على جميع الأصعدة ومازالت المفضّلة للجميع نظراً لأسعارها المقبولة وجودتها العالية مقارنة مع الشّاشات الأخرى الباهظة الثّمن، لكن بكُل تأكيد لن ترجح الكفّة لصالحها عند مقارنتها مع الشاشات المُتطوّرة والموجودة حاليّاً.
ما هي شاشات OLED ؟ وكيف ستبدو خلال خمس سنوات ؟
إنّ شاشات OLED هي قطعاً من أفضل ما هو موجود في الأسواق حاليّاً وعلى أصعدة مختلفة سنناقشها تباعاً، حيثُ أنّها الأفضل إطلاقاً عندما يتعلّق الأمر باللون الأسود.
قدّمت شركتي LG و Samsung تقنيّة OLED للمرّة الأولى عبر منتجاتهم التي وصلت إلى الأسواق مع حلول عام 2013 حيثُ ذُهل العالم بهذه الشاشات المميزة وبألوانها الخلّابة، الأمر الذي دفع قائمة طويلة من الشّركات للاستثمار أيضاً في هذه التّقنية.
لكن ذلك لم يدُم طويلا، فبعد فترةٍ قصيرةٍ تخلّت بعض الشّركات عن شاشات OLED وقرّرت صبّ طاقاتها الإنتاجيّة على تصنيع شاشات LCD متطوّرة.
الأمر نفسه حصل مّجدّداً في عام 2015، حيثُ توقّفت Samsung أيضاً عن إنتاج شاشات OLED وركّزت على إنتاج شاشات LCD بدقة 4K، وبذلك تكون LG قد أصبحت المصنّع الوحيد لشاشات OLED في الأسواق.
أمّا اليوم في عام 2018، فقد عاودت بعض الشّركات إنتاج شاشات OLED مُجدّداً، ولكن بعد هيمنة LG عليها، فقد أصبحت الأخيرة المزوّد الوحيد لها الأمر الذي عاد إليها بأرباحٍ هائلةٍ.
لكن الأمر مختلف بالنّسبة لشركة Samsung، التي لم تعد عن قرارها وتبنّت تقنيّة مختلفة تماماً فأطلقت شاشات QLED المنافس الأشرس لشاشات OLED.
كُلّ هذه التّقلّبات التي مرّت بها صناعة شاشات OLED تُعدُّ أمراً مثيرا للفضول، فما حقيقة كُل هذه الجلبة حولها؟ أو ما هي OLED أساساً؟
-كلمة OLED هي اختصارٌ لمصطلح الصمّام الثُّنائي العضوي الباعث للضوء، وهي تتألّف في أساسها من طبقةٍ عضويةٍ رقيقةٍ تتوضّع بين قطبين ناقلين للكهرباء ليصدرَ ضوءٌ كلّما مرّ تيار كهربائيّ، وبعيداً عن المصطلحات والأمور التّقنية البحتة، الركيزة الأساسيّة التي تعتمد عليها شاشات OLED هي عدم الحاجة إطلاقاً إلى وجدود منبع ضوئي منفصل، حيثُ أنّها قادرة على بعث الضوء على مستوى كُل بيكسل بمفرده، بكلمات أخرى إنّ كُل بيكسل يصدر الضّوء ذاتيّاً من تلقاء نفسه ومن هنا تنبع الاختلافات بين شاشات OLED والشّاشات الأخرى.
*مزايا شاشات OLED
التّحكم بكُل بيكسل بمفرده
فضلاً عن كونها شاشات صديقة للبيئة، إنّ من أهمّ ما يُميّز شاشات OLED هو التّباين العالي الذي يُمكنها عرضه، فالتّباين هو الفرق بين المناطق السّاطعة والمُعتمة، وفضلاً عن أنّ شاشات OLED قادرة على تأمين سطوع عالٍ إلّا أنّ الأهم هو قدرتها على عرض سواد مُطلق ومثالي، وذلك كون كُل بيكسل يضيء ذاتيّاً لذا فالمناطق السّوداء من الصّور ستكون فعلاً سوداء لأن كُل بيكسل موجود في تلك المناطق سيكون مطفأً عمليّاً، وبذلك تكون شاشات OLED الأفضل دون منازع في التباين، وكما نعرف، التّباين يرتبط مباشرةً بجودة الصّورة.
بالكاد ملحوظة
إنّ عدم حاجة شاشات OLED لمنبع ضوئي خلفي، مكّن مصنّعيها من إنتاج شاشات غاية في الرّقة والخفّة، فهي أنحف وبشكل ملحوظ من شاشات LCD، وليكن لديك فكرة عن ثخانتها فقد قدّمت LG عام 2015 شاشة OLED مرنة للغاية وذلك لأنّ سماكتها لم تتجاوز 0.97 mm وهو أمرٌ جنونيّ؛ أمّا بالنّسبة للمنتجات المتاحة، يُمكنك الآن اقتناء شاشة OLED65W7P والتي تبلغ سماكتها 3.81 ميلي متر فقط.
المشهد نفسه، من جميع الزّوايا
إنّ الطّريقة التي تعمل بها شاشات OLED مكّنتها من تفادي أبرز مساوئ شاشات LCD ألا وهي محدوديّة مجال المشاهدة، فكلّما ابتعدّت بموقعك عن مركز شاشات LCD باتّجاه جانبيها، ستتغير جودة الصوة وستضيع أبرز التّفاصيل، أمّا بالنّسبة لشاشات OLED، فهي قادرة على تأمين مجال واسع جدّاً للمشاهدة دون أن تفقد التّباين أو أن يقلّ تشبّع الألوان وهو عاملٌ حاسم عند اختيارك لشراء شاشة جديدة لمنزلك.
ما هي مساوئ شاشات OLED ؟
إنّ تقنيّة OLED ماتزال حديثة العهد نسبيّاً، وهي بالتّأكيد ليست مثاليّة لكنّها تتحسّن وتحرز تقدّماً يوماً بعد يوم والمسألة مسألة وقت لا أكثر، لكن إليكم أبرز مشاكلها في الوقت الراهن:
سعرها المرتفع
إنّ تصنيع شاشات OLED يُعدّ عمليّة صعبة ومُكلفة أيضاً، فتقنيّات تصنيعها ماتزال في بدايتها ما يعني أنّ مردوديّة إنتاجها ماتزال منخفضة أيضاً وهذا يُفسر أسعارها الباهظة، فهي مُكلفة التّصنيع قبل أن تكون مُكلفة على المستهلك، لكن كما قُلنا، هذه الشّاشات تحرز تقدّماً في كُلّ يوم كما أنها تُصبح أسهل تصنيعاً، ما يعني أنّ أسعارها ستنخفض حتماً في المستقبل، وبالفعل لقد رأينا انخفاضاً ملحوظاً بأسعار شاشات LG خلال الفترات الماضية وفي أكثر من مرّة.
مقاسات محدودة
من أجل إبقائها شاشات صديقة للبيئة مع رفع مردوديّة الإنتاج وإبقاء الخسائر بالحدّ الأدنى، تمّ اختيار قياسات معيّنة لتصنيع هذه الشّاشات بحيث لا يتم إهدار أي شيء خلال عملية الإنتاج، لذا لا يوجد شاشات OLED بقياس أقل من 55 بوصة، بل حقيقة هي ليست متوفّرة إلّا بثلاثة قياسات 55 بوصة، 65 بوصة و77 بوصة.
لكن حقيقة، لا أجد مُشكلة كون قياس 55 بوصة هو الأصغر، فعندما تُقرّر استثمار أموالك في شراء شاشة بثمنٍ مرتفع، فأنت حتماً لن تقوم بشراء شاشة صغيرة.
مستوى السّطوع
ذكرنا كيف أنّ جودة الصّورة مرتبطة مباشرةً بتباينها، فإنّ السطوع العالي (في حال وجود نسبة تباين ممتازة) يُعدُّ عاملاً أساسيّاً في جودة الصورة أيضاً.
وعلى الرّغم من أنّ شاشات OLED قادرة على عرض تباين خارق، إلّا أنّها غير قادرة على تأمين سطوع يُماثل الّشاشات المنافسة لها، لكن بما أنّها تشهد تحسّناً متواصلاً فإنّ مستوى السطوع قد وصل إلى ألف شمعة في شاشة OLED65E7V LG بينما لم يتجاوز 800 شمعة في الطراز السّابق.
كملاحظة جانبيّة لم أرغب باعتبارها واحدة من المساوئ لأنّها معلومة لا أكثر، إنّ جزء البيكسل الذي يُصدر اللون الأزرق، يفسد بسرعة أكبر من الأحمر والأخضر، ولكن لا مخاوف من هذه النّاحية فالمستخدمين لم يشكوا من ذلك أبداً، وبالحديث عن عمر الشّاشة فقد أكّدت LG أن شاشات OLED ستعمل لمدّة مئة ألف ساعة تشغيل على مستوى سطوع خمسين بالمئة قبل أن تتلف وهو يقارب متوسط العمر لشاشات LCD.
OLED والمستقبل
ما هي تقنية OLED بفضل رقّة شاشات OLED، يُمكن لمصنعيها حنيها وطيّها بل حتّى لفّها بالكامل أيضاً، الأمر الذي سيفتح آفاقاً جديدةً لأساليب المشاهدة مستقبلاً، فقد قدّمت لنا LG فيما مضى أغرب وأجمل منتجاتها عندما طرحت شاشة بمقاس 77 بوصة قابلة للفّ تماماً، لتعود وتطرح مجّدداً خلال معرض CES من العام الجاري شاشتها المذهلة ذات المقاس 65 بوصة والقابلة للف بالكامل ضمن صندوق موجود في قاعدتها، أمّا عن الفائدة العمليّة من هذه الشّاشة، فبتعديل ارتفاعها يمكنك تغيير نسبة العرض سواء قررت المشاهدة بنسبة 16:9 أم 21:9، كما أنّ تخفيض ارتفاعها لحدّ كبير سيحوّلها من تلفاز إلى شاشة عريضة جدّاً لتعرض لك معلومات بسيطة كالطّقس، الموقع وغيرها، أو يُمكنك إخفائها تماماً إن رغبت بذلك.
أمّا عن الشاشات المنحنية، فقد رأينا الكثير منها، حيثُ قدّمت Samsung أوّل شاشة منحنية في العالم لكنّ شاشات OLED المنحنية قد لاقت نجاحاً وقبولاً أوسعاً على الأجهزة المحمولة فقد رأيناها في العديد من الأجهزة مثل LG G Flex وSamsung Galaxy S8+.
وبالحقيقة، فالشاشات المنحنية على الأجهزة المحمولة لها فائدة واستخدامات أكثر من تلك الموجودة على أجهزة التّلفاز.
كخلاصة، إنّ المستقبل يحمل المزيد من النّجاح لشاشات OLED، وهي بكل تأكيد حاضرة فيه وبقوّة أيضاً، لاسيّما كونه من المُمكن أن تُصنّع بأساليب مختلفة، فاللف والطي ليس كُلّ شيء حيثُ من المُمكن صناعة شاشات OLED شفّافة ما يعني أنّنا قد نراها مُستقبلاً مُدمجة ضمن أماكن لم نكن لنتخيّلها، فقد تُصبح نوافذ المنزل عبارة عن شاشة تعرض لك معلومات معيّنة، أو لا تستغرب أن تقرأ مُستقبلاً الأخبار اليوميّة على مرآتك بينما تنظف أسنانك.
من يُنافس شاشات OLED؟
مقارنة OLED مع QLED
عندما نريد الحديث عن المنافس الأوّل لشاشات OLED، لا يسعنا التّفكير سوى بشاشات Samsung والتي تعتمد تقنيّة QLED أو النقاط الكموميّة الباعثة للضوء، وهي عمليّاً ليست إلّا نسخة مُطوّرة جدّاً عن شاشات LCD التّقليديّة حيثُ أنّها ما تزال تعتمد على وجود ضوء خلفيّ، إلّا أنّه ليس مدمجاً مع طبقة فوسفور ما يعني أنّه ضوء أزرق صرف وليس أبيضَ اللون.
يسقط الضّوء بعدها على ما يُعرف بالنّقاط الكموميّة، وهي جزيئات شبه موصلة للتيار بأقطار متباينة وصغيرة للغاية، وبمجرّد وصول الضّوء الأزرق إليها تُصبح هذه النّقاط مشّعة ذاتيّاً؛ بحيث تُصدر ألواناً نقيّةً جدّاً موافقة لقطرها، ومن ثُمّ يمرّ ذلك الضوء الملوّن النّقي عبر الفلاتر ضمن البيكسل الواحد، ما يعني أنّ ألوان شاشات QLED ستكون أكثر دقّة وحيويّة بكثير من شاشات LCD كما أنّها ذات تباين عالي جدّاً لكنّه بكل تأكيد لا يرقَ للتباين في شاشات OLED حيثُ أنّ وجود الضّوء الخلفي ما يزال عائقاً أمام وصول شاشات QLED للأسود المثالي.
تخيّل مشهداً من أعماق البحار مع وجود خط من الضّوء أبيض في منتصفه، على شاشات OLED سيبدو المشهد واضحاً للغاية مع تباين هائل بين الأبيض والأسود لأن البيكسل في المناطق السوداء سيكون مُطفأ تماماُ كما ذكرنا، أمّا على شاشات QLED فلن تتمكّن من رؤية نفس التّباين وذلك لأنّ الضوء الخلفي سيتسرّب إلى البيكسلات المجاورة والتي من المفترض أن تكون سوداء وهو تماماً ما يحدث في شاشات LCD التّقليدية لكن بنسبة أقل بكثير، إلّا أنّ المشهد سيبدو أكثر إشراقاً على شاشات QLED حيثُ أنّها تمتاز بسطوعها الخارق الذي وصل إلى 1500 شمعة في شاشة QE49Q7C بينما كما ذكرنا فالسطوع بشاشات LG وصل إلى ألف شمعة فقط وهو فارقٌ شاسع.
والسّطوع العالي يرفع من نسبة التّباين، فكما تتربّع شاشات OLED على عرش اللون الأسود، فإنّ شاشات QLED تتفوّق عندما يتعلق الأمر بالسّطوع.
بما أنّ شاشات QLED هي بأساسها شاشات LCD، فهذا يعني أنّ الرّؤية البعيدة عن مركز الشّاشة ستكون سيئة نوعاً ما حيثُ أنّك ستخسر تشبّع الألوان والتّباين مع ابتعادك عن المركز لكن بنسبة خفيفة جدّاً، لكن مع ذلك فمجال الرّؤية لا يُقارن مع مثيله في شاشات OLED، أضف إلى أنّ شاشات QLED ليست رخيصة الثّمن أيضاً، فأسعارها تقارب أسعار شاشات OLED علماً أنّ تكلفتها تقل الأخيرة بالنّصف كما أنّ عمليّة تصنيعها أسهل بكثير.
لربّما قد توصلت ممّا ذكرناه أنّ Samasung ليست من أنصار تقنيّة OLED، وهذا صحيح لكن على صعيد الشّاشات الكبيرة فقط، فعندما يتعلق الأمر بالشّاشات الصغيرة والأجهزة المحمولة فهي مهيمنة مثلها مثل LG وتستخدم ما يعرف باسم شاشات AMOLED، كما أنّ الكثير من الشركات الأخرى تستخدمها أيضاً في أجهزتها الذكيّة.
إنّ استخدام OLED على الأجهزة المحمولة يعود بنفس الفوائد الموجودة على الشاشات الكبيرة لكن مع تكلفة أقل بكثير لصغر الشاشة كما أنّ إمكانيّة طي ولفّ الشاشة قدّم لنا العديد من الأجهزة الذكيّة المميزة.
وفي عام 2017، حذت شركة Apple حذو باقي الشركات وبدأت باستخدام هذه الشاشات في أجهزتها، الأمر الذي يدل على مدى نجاح هذه التّقنيّة في الأجهزة المحمولة، حيثُ أنّ أخباراً قد أفادت أنّ Apple قد طلبت من Samsung تزويدها بسبعين مليون شاشة لتصنيع جهازها الذكي الأخير iPhone X.
ختاماً، إنّ كثرة الخيارات المتاحة في الأسواق كفيلةً بأن تُسبب لك صداعاً، وفي الحقيقة فإن تكنولوجيا التّلفزيونات قد وصلت لمراحل متطوّرة للغاية أصبحت فيها كُل الشّاشات ممتازة؛ شاشات OLED خارقة للغاية، وشاشات QLED خارقة للغاية أيضاً، ولكلّ منها مساوئُه وميّزاته وبعد أن وضعنا بين يديك النّقاط الرّئيسيّة فالأمر بقي مُعتمداً على ما تُفضّله وما ترصده من ميزانيّة في حال قرّرت اقتناء واحدة لمنزلك.