ومع تجاوز العدوان الصهيوني على قطاع غزة يومه الحادي عشر، حافظت إنجازات المقاومة الفلسطينية في رسم خطوط النقاش الإعلامي في "إسرائيل"، الذي تركّز على عدة محاور، منها: النقاش حول معادلة الكلفة والجدوى، سعي "إسرائيل" لإحراز "صورة النصر"، مواصلة الحديث عن مخاطر الاستمرار في عملية عسكرية استنفدت نفسها ودخلت في مرحلة المراوحة والتخبّط.
(إسرائيل) فوّتت "صورة النصر"
يبدو أن أمّ المعارك في النقاش الإعلامي الصهيوني تدور حول "صورة النصر"، وكيفية تحقيقها. وقد حفل الخطاب الإعلامي بالكثير من النقاش والجدل حول هذا المفهوم. الجديد الذي سُجّل في الساعات الماضية، هو تعزّز الرأي القائل بأن السعي وراء "صورة النصر" أمرٌ لا لزوم له أساساً، في "المواجهات المحدودة" (كالتي تجري اليوم في غزة). ولشرح هذه الفكرة كتب الصحافي في "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، آرييلا هوفمان، مقالاً تحت عنوان: "مطاردة الصورة"، مشيراً إلى ثلاثة أمور:
الأمر الأول: "دولة سيادية ليست بحاجة لصورة انتصار. جيش نظامي يشتقّ عملياته من الأهداف التي وُضعت له. في هذه الحالة – ضرب قدرات حماس وتعميق الردع. من دون الاستخفاف بالأهمية الكبيرة لكي الوعي، صورة انتصار هي جزء من الترسانة الإرهابيّة. حماس يمكنها أن تتفاخر بصور الإصابات المباشرة في مراكز سكانية في إسرائيل، بمشهد المواطنين المرعوبين وهم يبحثون عن ملاذ أو صور الغلاف (محيط غزة) وهو خالٍ من سكانه. وليس إسرائيل".
الأمر الثاني: "يتصل بالحاجة إلى صورة، التي تعبّر أكثر من أي شيء عن شعور تفويت الفرصة، بحيث تصبح المعادلة: لا توجد صورة؟ لا انتصار".
الموضوع الثالث: "الأهم في النقاش العام الدائر في الأيام الأخيرة، يتناول الخشية من أن مطاردة تلك الصورة المتملصة تؤثر على قرار السعي إلى وقفٍ لإطلاق النار. وقف النار يجب أن يأتي انطلاقاً من فهمٍ بأن استمرار القتال، على ما يبدو، لن يحقق إنجازات مهمة، ,أن بنك الأهداف النوعية ينفذ وتجربة الماضي تفيد أن هناك خطراً معقولاً بأن تكون التكلفة أكبر من الجدوى. الكلفة تُقاس ليس فقط بمصطلحات ملايين الشواكل في اليوم، بل أيضاً بثمن دبلوماسي ثقيل".
حماس قطفت "صورة النصر"
يضاف النقاش إلى رأي جرى تداوله، ومفاده أنه لا جدوى من اللهاث وراء هذه الصورة، لأن حركة "حماس" قطفتها منذ بدايات القتال. وإضافة إلى ما جرى التطرّق إليه من ذكر إنجازات حركة "حماس" في هذه الجولة، أعاد خبراء عرض هذه "الإنجازات الاستراتيجية" التي وصفوها بالضخمة.
وفي هذا السياق، أشار مدير "الوكالة اليهودية" وسفير "إسرائيل" في الولايات المتحدة سابقاً سالي مَريدور في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إلى إنجازات المقاومة الفلسطينية في 4 نقاط مُركّزة:
الإنجاز الأهم برأيهم هو "العنف الذي اندلع داخل المجتمع الإسرائيلي بين عرب ويهود".
الإنجاز الثاني، هو تنصيب "حماس" كحامية القدس والحرم القدسي في نظر كل عربي ومسلم في العالم.
الإنجاز الثالث، يتمثل في تموضع "حماس" على خلفية ضعف السلطة الفلسطينية، في موضع المهيمن في الساحة الفلسطينية.
الإنجاز الرابع هو "كشف ضعف منظومة الدفاع الإسرائيلية ضد الصواريخ أمام صليات من قذائف صاروخية كثيفة تُطلق خلال وقتٍ قصير نحو نفس النقاط. إيران وحزب الله الأقوى بما لا يُقاس من حماس، يشاهدان ويدرسان".
العدوان الصهيوني ومرحلة التخبّط
مع مرور الوقت يتعزّز المفهوم السائد لدى مختلف الأوساط الإسرائيلية بأن العملية استنفدت نفسها ودخلت مرحلة المراوحة، بمعزل عن الضرّر الذي لحق بحركة "حماس".
وحول ذلك، أشار معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية طال ليف رام إلى أن "غالبية الإنجازات حققتها إسرائيل في الأيام الأولى من العملية. الأيام الأخيرة أصبحت أكثر تعقيداً. لغاية الآن، نزع الجيش الإسرائيلي من حماس بنجاح كامل تقريباً القدرة على التسلّل إلى الأراضي الإسرائيلية والقتال في أراضينا. العائق تحت الأرضي، والاستخبارات التي تطوّرت كثيراً في السنوات الأخيرة، وفّروا استجابة ممتازة على طول الحدود البرية والبحرية".
في سياق مواز، حذّر معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية يوسي يهوشع من أن واقع المراوحة ينطوي على "مخاطر قد تقلب معادلة الكلفة والجدوى"، عبر ارتكاب "إسرائيل" أخطاء جسيمة في الفترة "مسافة الكبح"، في إشارة إلى المرحلة التي تمرّ بها العملية العسكرية الإسرائيلية من تخبّط، لا سيما في مراحلها الأخيرة.