فهذا القرآن الكريم, دستور الأُمة ومعجزة الاسلام الخالدة يحمل بين طياته الآيات البينات التي تنطق بمكانة الحسن عليه السلام واهل البيت عند الله تعالى ورسالته. منها:
1ـ آية التطهير: (انما يريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). (الاحزاب-33)
فقد ورد في سبب نزولها ان النبي صلى الله عليه وآله دعا بعباءة خيبرية, وجلّل بها علياً عليه السلام وفاطمة وحسنا وحسينا, ثم قال: (اللهم ان هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا). فنزلت آية التطهير, استجابة لدعاء المصطفى محمد صلى الله عليه وآله. وهكذا تحمل الآية الكريمة شهادة الله تعالى بطهارة أهل البيت عليه السلام ونأيهم عن الرجس, وكونهم الاسلام الحي المتحرك.
2ـ آية المباهلة: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين). (آل عمران – 61)
ففي اسباب نزول هذه الآية الكريمة قال المفسرون وأولوا العلم القرآني إنها نزلت عندما اتفق نصارى نجران مع رسول الله صلى الله عليه وآله ان يبتهل كلا الطرفين إلى الله تعالى, ان يهلك من كان على الباطل في دعوته واعتقاده, وخرج الرسول صلى الله عليه وآله بأهل بيته: علي عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين, دون سواهم من البشر للمباهلة, وحين راى النصارى الوجوه الزكية التي خرج بها الرسول صلى الله عليه وآله لمباهلتهم اعتذروا للرسول صلى الله عليه وآله عن مباهلته واذعنوا لسلطان دولته بدفعهم الجزية... وانت ترى ان الآية الكريمة عبرت عن الحسنين عليهما السلام بالابناء, وعن محمد وعلي بأنفسنا, أما فاطمةعليها السلام, فقد مثلت نساء المسلمين جميعا في ذلك, كما وردت بلفظ(نساءنا) الامر الذي يشير بصراحة إلى ما يحظى به أهل بيت الرسالة عليهم السلام من مقام كريم عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله.
2ـ آية المودة: ( .. قُل لا أسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى). (الشورى – 23).
قال المفسرون ان الآية نزلت في علي عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ففي الصحيحين ومسند احمد بن حنبل وتفسير الثعلبي, عن أبي عباس : قال لما نزلت: قل لا أسألكم عليه اجرا إلا المودة في القربى. قالوا: يا رسول الله سل الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وإبناهما.
واذ نكتفي بهذا القدر اليسير من الايات , تؤكد مكانة الحسن السبط عليه السلام واهل البيت عليهم السلام جميعا عند الله تعالى يحسن بنا ان نشير إلى بعض النصوص التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وآله بشأن الحسن عليه السلام ومكانته الرفيعة في دنيا الرسالة الاسلامية, ورسولها القائد صلى الله عليه وآله:
روي البخاري ومسلم عن البراء قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله والحسن بن علي عليهما السلام على عاتقه, وهو يقول: (اللهم اني احبه فأحبه).
روي الترمذي عن ابن عباس انه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله حاملا الحسن بن علي عليهما السلام , فقال رجل نعم المركب ركبت يا غلام, فقال النبي صلى الله عليه وآله : ونعم الراكب هو.
عن الحافظ أبي نعيم عن أبي بكر قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي بنا فيجيء الحسن عليه السلام وهو ساجد, وهو اذ ذاك صغير فيحل على ظهره ومرة على رقبته, فيرفعه النبي صلى الله عليه وآله رفعا رقيقا, فاذا فرغ من الصلاة, قالوا: يا رسول الله انك تصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد؟ فقال صلى الله عليه وآله: (إن هذا ريحانتي).
عن انس بن مالك قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله: ايّ أهل بيتك احب اليك؟ قال: (الحسن والحسين).
وعن عائشة قالت: ان النبي صلى الله عليه وآله كان يأخذ حسناً فيضمه اليه ثم يقول: ( الله ان هذا ابني, وأنا احبه, فأحبه واحب من يحبه).
وعن جابر بن عبد الله, قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ( من سره ان ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر الحسن بن علي).
عن يعلي بن مرة قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله وقد دعينا إلى طعام فإذا الحسن عليه السلام يلعب في الطريق فأسرع النبي صلى الله عليه وآله امام القوم ثم بسط يده فجعل يمر مرة هاهنا, ومرة هاهنا يضاحكه حتى أخذه فجعل احدى يديه في رقبته والاخرى على رأسه ثم اعتنقه فقبله, ثم قال: حسن مني وانا منه احب الله من احبه.
وعن الغزالي في الاحياء ان النبي صلى الله عليه وآله قال للحسن: اشبهت خلقي وخلقي.
هذا غيض من فيض, ومن شاء الاستزادة فليراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي, والفضائل الخمسة من الصحاح الستة للفيروزآبادي. ومسند احمد بن حنبل, وتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي وغيرها.
وهكذا تتجلى مكانة الحسن السبط عليه السلام في دنيا الاسلام, من خلال الكتاب العزيز والسنة الشريفة...