فَاَيَّدْتَني يا رَبِّ بِعَوْنِكَ، وَشَدَدْتَ اَزْري بِنَصْرِكَ، ثُمَّ فَلَلْتَ لي حَدَّهُ، وَصَيَّرْتَهُ بَعْدَ جَمْعِ عَديدهِ وَحْدَهُ، وَاَعْلَيْتَ كَعْبي (۱٥) عَلَيْهِ، وَرَدَدْتَهُ حَسيراً لَمْ يَشْفِ غَليلَهُ، وَلَمْ تَبْرُدْ حَرارَةُ غَيْظِهِ، وَقَدْ عَضَّ عَلَيَّ شَواهُ، وَابَ مُوَلِّياً قَدْ اَخْلَقْتَ سَراياهُ وَاَخْلَفْتَ امالَهُ.
اَللَّهُمَّ وَكَمْ مِنْ باغٍ بَغى عَلَيَّ بِمَكائِدِهِ، وَنَصَبَ لي شَرَكَ مَصائِدِهِ، وَضَبَاَ (۱٦) اِلَيَّ ضَبْوءَ السَّبُعِ لِطَريدَتِهِ، وَانْتَهَزَ فُرْصَتَهُ وَاللِّحاقَ بِفَريسَتِهِ، وَهُوَ مُظْهِرٌ بَشاشَةَ الْمَلَقِ، وَيَبْسُطُ اِلَيَّ وَجْهاً طَلِقاً.
فَلَمَّا رَاَيْتَ يا اِلهي دَغَلَ سَريرَتِهِ وَقُبْحَ طَوِيَّتِهِ، اَنْكَسْتَهُ لِاُمِّ رَأْسِهِ في زُبْيَتِهِ (۱۷)، وَاَرْكَسْتَهُ (۱۸) في مَهْوى حُفَيْرَتِهِ، وَاَنْكَصْتَهُ (۱۹) عَلى عَقِبِهِ، وَرَمَيْتَهُ بِحَجَرِهِ، وَنَكَاْتَهُ (۲۰) بِمِشْقَصَتِهِ (۲۱).
وخَنَقْتَهُ بِوَتَرِهِ، وَرَدَدْتَ كَيْدَهُ في نَحْرِهِ، وَرَبَقْتَهُ بِنَدامَتِهِ، فَاسْتَخْذَلَ، وَتَضاءَلَ (۲۲) بَعْدَ نَخْوَتِهِ، وَبَخَعَ (۲۳) وَانْقَمَعَ بَعْدَ اسْتِطالَتِهِ ذَليلاً مَأْسُوراً في حَبائِلِهِ الَّتي كانَ يُحِبُّ اَنْ يَراني فيها، وَقَدْ كِدْتُ لَوْلا رَحْمَتُكَ اَنْ يَحِلَّ بي ما حَلَّ بِساحَتِهِ، فَالْحَمْدُ لِرَبٍّ مُقْتَدِرٍ لا يُنازَعُ، وَلِوَلِيٍّ ذي اَناةٍ لا يَعْجَلُ، وَقَيُّومٍ لا يَغْفُلُ وَحَليمٍ لا يَجْهَلُ.
(۱٥) اعلى الله كعبه: اي مجده وشرفه.
(۱٦) ضبأ اليه: لجأ.
(۱۷) الزبية: حفيرة يشتوى فيها ويخبز.
(۱۸) ركس الشيء: قلـّب اوله على آخره.
(۱۹) نكص عن الامر: احجم عنه.
(۲۰) نكأ العدو: قتل فيهم وجرح.
(۲۱) اي قتلته او جرحته واثخنته بمشقصه، وهو نصل عريض او سهم فيه نصل عريض.
(۲۲) تضاءل: صغر وضعف.
(۲۳) بخع: ذلّ وتواضع.