بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد حمد الشاكرين وصل وسلم على خيرة الأنبياء والمرسلين وعلى آله أجمعين.
سيداتي وسادتي.. أيها الإخوة والأخوات في كل مكان السلام عليكم وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة نبدأ فيها بتفسير سورة القصص المباركة والآيات الثلاث الأولى منها وهي:
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
طسم ﴿١﴾ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٣﴾
سورة القصص هي من السور المكية ويبلغ عدد آياتها ثمان وسبعين، منها الآية الأولى "طسم" وهي كما قيل، إسم هذه السورة المباركة، أو هو مقطعة ترمز لمفردات.. وقيل أيضاً إشارة لمدة وآجال بحساب الجمل، أو لأسماء القرآن أو لأسماء الجلالة، وقيل أيضاً هي من سر الله وقيل من المتشابه.
يروى عن الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله – أنه قال:
"ومن قرأ (طسم) القصص أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بموسى وكذب به ولم يبق ملك في السموات والأرض إلا شهد له يوم القيامة إنه كان صادقاً إن كل شيء هالك إلا وجهه؛ هذا عن ثواب تلاوة هذه السورة أما عن غرضها فهو الوعد الجميل للمؤمنين بالملك والعزة والسلطان ووعد للنبي – صلى الله عليه وآله – برده الى معاد.
السور كما مر مكية تعرض لمشاهد من قصة موسى وفرعون بدءً من مولد موسى – عليه السلام – وآياتها الثانية تصف القرآن بأنه "الكتاب المبين" أي المبين للرشد من الغي، أو البيّن إعجازه أو البيّن الظاهر، ثم تقول الآية الثالثة "نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون" أي بعض خبرهما وهذه التلاوة تكون "بالحق" أي بالصدق والحقيقة لأن إخبار لا ريب فيه فهو من عند الله وبوحي منه من غير أن يداخل في إلقائه الشيطان.
فهو الله يقص على نبيه هذه القصص والذي ينتفع منها ويعتبر هم المؤمنون بآيات الله ويصدقون بما أنزل على نبيه... وأنه تعالى سيمنّ على هؤلاء ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين ويمكن لهم ويري طغاة قومهم منهم ما كانوا يحذرون.
أفهمتنا الآيتان:
- لما كانت سنن الله ثابتة لا تبديل لها على مدى التاريخ، فالتعرف على ما جرى على الأقوام السالفة يكون عبرة لنا ولمن بعدنا.
- محاربة الطغاة والمستكبرين، شيمة الأنبياء كانت وديدنهم.
- قصص القرآن كلها تعتمد الحقيقة أو الواقع لا الوهم والخيال.
والآن نستمع الى الآية الرابعة من السورة:
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿٤﴾
الشيع جمع شيعة وهي الفرقة وهم فرق بين بني إسرائيل والقبط، والمعنى يكرم قوماً ويذّل آخرين بالإستعباد وإجبارهم على القيام بأعمال شاقة، وقيل معناه جعل بني إسرائيل أصنافاً في الخدمة والتسخير فقال "يستضعف طائفة منهم" أي من بني إسرائيل، ثم قال "يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم" بقتل الأبناء وإبقاء البنات، وذلك أن من الكهنة من قال له إن مولوداً يولد في بني إسرائيل وهم أولاد يعقوب – عليه السلام – وقد قطنوا بمصر منذ أحضر يوسف – عليه السلام – أباه وإخوته وأشخصهم هناك فسكنوها وتناسلوا بها حتى بلغوا الألوف، ثم قال الكهنة؛ ويكون هذا المولود فيما بعد سبب ذهاب ملكك.
ويروى أن فرعون رأى في منامه إن ناراً أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقت بالقبط وتركت بني إسرائيل فسأل علماء قومه، فقال له الكهنة في تعبير رؤياه: يخرج من هذا البلد رجل يكون هلاك مصر على يده ولذلك تمارى فرعون في تعذيب بني اسرائيل وقتل أبنائهم ولذلك وصف القرآن "إنه كان من المفسدين".
وفي الآية تصوير الظرف الذي ولد فيه موسى عليه السلام.
علمتنا الآية:
- ما دام الناس متحدين متضامنين، فليس لحكومات الجور سلطان عليهم، لذا لا تنفك قوى الجور والإستكبار عن تفرقة الشعوب والإيقاع بينها.
- النيل من معنويات الرجال وقتل روح الشهامة والرجولة فيهم واستغلال البنات والنساء تحت شعار حرية المرأة، سياسة متبعة تحت مسميات وصور وأشكال مختلفة في ما يسمى بالعالم المتطور اليوم أيضاً.
وهكذا مستمعينا الأعزاء وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من البرنامج، على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة إن شاء الله نستودعكم الله والسلام عليكم.