تعد ظكقلعة طرق رود" من أجمل المعالم الأثرية الايرانية وعلى الرغم من تاريخها العريق وجمالها الفريد، الا أنها ظلت مجهولة في محافظة أصفهان. وقد بنيت على صخرة كبيرة ومرتفعة تسمى كمر، وقد أضاف تموضع هذه القلعة على تلك الصخرة، اليها عظمة و سحر آخّاذ، ووفقاً لكلام السكان المحليين في تلك المنطقة، كانت القلعة مسكونة حتى 20 سنة الماضية.
التاريخ الدقيق لبناء هذا الحصن الضخم غير واضح، لكن خبراء الآثار يعزون التراث الثقافي في تلك المنطقة إلى عهد الاشكانيين (الفرثيين). حيث ان الشكل الهندسي والعمارة المتطابقة والوحدة في التصميم، ووحدة مواد البناء والشكل الخارجي للمبنى، جميع هذه الأمور تدل على تجانس ووحدة فن العمارة الفريدة لهذه القلعة. والتي تم بناؤها على محيط صخرة كبيرة يبلغ ارتفاعها من 8 إلى 12 متر، وتبلغ مساحة القلعة حوالي 30 الف متر مربع وتحتوي على أكثر من 400 غرفة وممر ودهليز. ونظرًا الى حجمها الكبير، فإن القلعة تعتبر بمثاية قرية مغلقة، مبنية على ثلاثة طوابق، ولكن في بعض الأماكن تم زيادة الارتفاع إلى خمسة طوابق.
تتشكل القلعة من حارة طويلة من الشرق والغرب يبلغ طولها حوالي 40 مترًا ويقال انه تم الاستعانة بتصميمات القلعة وحاراتها وأزقتها أثناء التشييد الاولي لمنطقة طرق رود، ممر القلعة، مبني من الحصى والاحجار الصغيرة والطين والتبن، وهو مسقف في أجزاء كثيرة منه، وفي منتصف الممر يوجد الدرج والسلالم التي تؤدي الى الطبقات العلوية. وفي بداية ايجاد الممر الرئيسي كان مكشوفاً وكان بمثابة ميدان صغير يحتوي على بئر ماء في زاوية القلعة، يتصل هذا البئر عبر نفق بقناة طرق رود الكبيرة ويقوم بتوفير المياه اللازمة للقلعة.
تحتوي القلعة على 440 غرفة، جميعها مصنوعة من الطين والتبن والألواح الخشبية وقد دمر معظمها بمرور الوقت. ويتكون الجدار السميك للقلعة من الحصى والحجارة الصغيرة وتم استخدام فقط القليل من الطوب حول المدخل.
هناك نوعان من الهندسة المعمارية في القلعة، ومعظم المنازل في الجزء الشمالي من القلعة يوجد فها سلالم وغرف كبيرة نسبيًا مناسبة للعيش بالإضافة الى مخزن مبني في الطابق السفلي، وفي بعض الأماكن يمكن مشاهدة بعض الفضاءات المستخدمة كصوامع لتخزين الحبوب والتوابل. وفي الجزء الجنوبي من القلعة، تكون معظم المنازل صغيرة الحجم والغرف تشبه المتاجر أو أماكن تخزين الحبوب، وبشكل عام تشبه مجموعة الغرف هذه سوق داخلي كبير والمتداخل مع بعضه.
ويشير الشكل المماثل للغرف، والتقسيمات في الطابق الارضي وفي الطابق السفلي للقلعة، بالإضافة الى غرف التخمير الكبيرة التي كانت موجودة في قديم الزمان، والذي يبلغ قطر الواحدة منها نحو متر واحد، إلى أن القلعة كانت في وقت ما بالنسبة لمعظم الناس مركزاً لحماية وتخزين المحاصيل والحبوب.
بوابة المدخل للقلعة مبنية على الجانب الغربي، بجدار من الطوب الصلب بعرض متر واحد، مع غرفة حراسة فوقها تطل على الجهة الخارجية من خلال نافذة صغيرة؛ كما أن باب القلعة مصنوع من الحجر المترابط مع فتحة فوقه.
كما ذكرنا سابقاً، تقع مساحة المعيشة في القلعة في الطابق العلوي من القلعة حيث يوجد عدة أمكنة لاشعال النيران الذي يحتاج اليها المدافعون عن القلعة وعند تعرضهم لاي هجوم من قبل الأعداء يقومون بسكب النيران عليهم، وكان للقلعة أيضًا أبراج مراقبة حيث يتمركز فيها المسلحون بالمدافع، مستخدمين مجال رؤية واسع جدًا للدفاع عن القلعة.
في الثلث السفلي من القلعة وعلى سطح مستو، تم إنشاء ساحة صغيرة تقسم القلعة إلى جزأين علوي وسفلي. يوجد في الركن الشمالي الشرقي من هذه الساحة بئر عميقة تم حفرها في قلب الصخر وتحيط بها عجلة خشبية؛ بئر منحوتة بأسلوب خاص مع مخطط مستطيل الشكل، ومن المحتمل أنها كانت تستخدم للدخول والخروج الطارئ من القلعة. في الواقع، يحتوي هذا البئر على غرفة كبيرة تبلغ مساحتها التقريبية 20 متر مربع، تم حفرها في قلب الصخر؛ كما ان هذه الغرفة ذات شكل غير منتظم، مع منصات كبيرة وصغيرة لم يعرف لماذا كانت تستخدم حتى الان، ولا يزال المسير الى تلك الغرفة ممكناً من الجهة الشرقية من القلعة.
الناحية الشرقية من القلعة
لقد انهارت بعض الجدران على الجانب الشرقي من القلعة بسبب سقوط الصخور، والتي قد يكون سببها زلزال أو سبب آخر. وهناك على جدران المنحدرات الشرقية للقلعة، ثقوب من صنع البشر، بعضها يسهل الدخول والخروج منها وكانت تستخدم في تربية وحفظ الماشية. ويبدو أنه في العصور القديمة كانت هذه التجاويف مترابطة مع بعضها مما يجعل منها معلفًا كبيرًا وحظيرة على امتداد الطابقين أسفل القلعة وكانت متاحة ومتصلة حتى مع الجزء السكني من القلعة، ولكن مع مرور الوقت تلاشت مسارات الاتصال هذه.
ميزات القلعة
كان الناس يستخدمون القنوات المحفورة والتي تمتد الى العديد من الاحياء والمسجد الكبير والمتصلة بالبئر في منتصف القلعة، كطريق للوصول الى القلعة في حال التعرض الى هجوم او غزو ما، كما ان وجود مثل هذه الممرات تحت الأرض في قلب التلال الصخرية أمر مهم للغاية ويستحق الدراسة. ومن أوجه التمايز الأخرى لهذه القلعة هو وجود مخازن تحت الأرض مكونة من طابقين محفورة في الصخر لتخزين الحبوب والمحاصيل.
وتشبه هذه القلعة كثيراً قلعة "ايزدخواست" المشيدة في العصر الأشكاني ولكنها أصغر حجماً.