وبداية ممارسته ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ للتجارة حقق نجاحاً كبراً في مهنته الجديدة، فسعى عمه ابو طالب في إرساله بتجارة إلى الشام تخص السيدة خديجة بنت خويلد، المرأة الثرية التي كان يتاجر بأموالها كثيرون من سكان مكة، على ان يكون الربح بينها وبينهم، فتمَّ له ذلك.
وحينما ذهب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في هذه الرحلة التجارية، كانت من أوفق التجارات التي تمت بمال خديجة إلى ذلك الحين. وقد كان ظهر من النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في تلك الرحلة معاجز كثيرة، لما قُصت على خديجة رغبت بالزواج بالنبيّ، فقبل النبيّ بذلك، ووافق عليه عمه أبو طالب. فتم الزواج السعيد في السنة الخامسة والعشرين من عمر النبيّ الشريف.
وكان زواجه تحولاً في حياته الإجتماعية. حيث لم يعد الآن صاحب بيت وأولاد فقط بل وصاحب ثروة كبيرة ضخمة أيضاً.
ورزق النبيَّ من خديجة خمسة أولاد هم زينب، وأم كلثوم، وفاطمة، ورقيّة، والقاسم، والطاهر، عليهم السَّلام.
لقد كان هذا الزواج أوفق زواج يعرف في صدر الإسلام. أما بالنسبة إلى خديجة فإنها أصبحت به: زوجة النبيّ، والأم الكبرى للمسلمين. بعد أن اتَّصل بها أشرف الخلائق أجمعين.
وأمّا بالنسبة للنبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقد كانت خديجة أول من آمن به، ثم نصرته وبذلت ما لديها من المال والجاه والحكمة في سبيله وفي سبيل نشر دعوته المقدسة. ولم يزل النبيّ يذكر لها ذلك حتى آخر لحظة من حياته.
وقد كانت وفاة خديجة تعادل عند النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ موت عمه أبي طالب، فلقد تأثر بهما تأثراً بالغاً. ثم فقدهما في عام واحد حينما كان أحوج ما يكون إليهما معاً.