كفل رسول الله (ص) في صغره، عندما توفي أبوه عبد الله بن عبد المطلب وأمه آمنة بنت وهب، توفي في مكة وكان حينها عمر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ثماني سنوات، ودفن في مقبرة الحجون بجوار قبر جده قصي بن كلاب.
اسمه وكنيته
اسم عبد المطلب "شيبة"، وكنيته "أبو الحارث"، وذكرت له عدة أسماء وألقاب: عامر، وسيد البطحاء، وساقي الحجيج، وساقي الغيث، وغيث الورى في العام الجدب، وأبو السادة العشرة (كان عنده عشرة أولاد)، وعبد المطلب، وحافر زمزم، وإبراهيم الثاني، والفياض.
نسبه
أبوه هاشم بن عبد مناف، وسلسلة أجداده تنتهي إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام، وأمه سلمى بنت عمرو من بني النجار تزوج بها هاشم حين سافر إلى يثرب، وقد توفي أبوه في فلسطين وهو لا يزال في بطن أمه، وقد بقي في يثرب إلى سن السابعة من عمره، في السنة السابعة من عمره ذهب عمه المطّلب إلى يثرب، وجلبه معه إلى مكة، ومن هنا سمي عبد المطّلب.
وقيل: إن سبب شهرته بــ "عبد المطلب" نقل إن بعد وفاة هاشم أبوه، كان في مكة مطلب من عموم الناس بإحضار ابنه من يثرب، وأتوا به من يثرب، فلما حضر إلى مكة أطلق عليه الناس اسم عبد المطلب.
شخصيته
يقول اليعقوبي: كان عبد المطلب يعتقد بوحدانية الله تعالى، وقد كان كريماً يطعم الناس في أيام المجاعة التي حصلت في مكة وأطرافها، وكان يقول:
ونطعم حتى يأكل الطير فضلنا إذا جعلت أيدي المفيضين ترعد
وكان يبتعد عن عبادة الأصنام، وكان يوحد الله، ويوفي بالنذر، وقد سنّ الكثير من السنن التي أقرّها الإسلام. ويذكر اليعقوبي رواية عن النبي (ص): إن الله يحشر جدي عبد المطلب بسيماء الأنبياء وهيبة الملوك.
وكان أبوه هاشم شيخ مكة وزعيمها، ولمّا توفي انتقلت الزعامة والرياسة إلى عمّه المطّلب ـــ الذي أتى به من المدينة ــــ وبعد أن مات عمه المطّلب في اليمن انتقلت زعامة قريش إلى عبد المطلب.
أصحاب الفيل
تنقل الروايات التاريخية أنّ أبرهة الحبشي توجّه بجيش كبير نحو مكة، وجلبوا معهم الفيلة، من أجل هدم الكعبة الشريفة.
وتنقل الروايات أن ّإبل عبد المطلب وقعت تحت سيطرة جيش أبرهة، فذهب إليه عبد المطلب وطلب منه تحرير إبله، فترك له أبرهة إبله، فأخذها خارج مكة فلامه بعض الناس وقالوا: كيف تشفع لإبلك دون الكعبة التي سيهدمها جيش أبرهة. فأجابهم: أنا ربُّ الإبل وللبيت رب يحميه.
ثم رجع إلى مكة، وأمر الناس أن يهربوا إلى خارج مكة، وأن يجلبوا معهم أموالهم. وفي اليوم التالي حدثت المعجزة الكبرى حيث أرسل الله طيور الأبابيل تحمل حجارة من سجيل، ولم يبق منهم إلا القليل الذين فروا.
حفر زمزم
تنقل المصادر أن قبيلة جرهم كانت تحكم مكة المكرمة، ولكن بسبب ظلمهم ثار الناس عليهم، وأصبح قصي بن كلاب ـــ جد عبد المطلب ـــ رجل مكة الأول، وكان عمر بن حارث آخر حاكم جرهمي قد ألقى المجوهرات والأموال والهدايا النفيسة التي كانت موجودة في الكعبة في بئر زمزم وأهال عليها التراب.
وقد بقيت بئر زمزم مدفونة لسنوات حتى جاء عبد المطلب وعزم على حفر بئر زمزم؛ ولهذا اجتهد وقتاً طويلاً كي يعثر على مكان هذا البئر ليحفره، وفي النهاية وصل إلى مقصوده ومبتغاه حين عثر على مكان البئر المنسي. ويقال إنه رأى في المنام قد وجد البئر وأمر بحفره وهذا هو الباعث الذي جعله يبحث عن البئر حتى وصل إليها «فقام بإرجاع الجواهر إلى الكعبة وعاد ماء البئر كما كان.
نذره
تنقل بعض الأخبار أن قريش طالبت عبد المطلب أن يشركهم في بئر زمزم وما وجد فيها من الجواهر، بينما هو كان يرى أنه أحق بهذه البئر وما فيها والتي حفرها لوحده دون أي مساعدة من قريش، فلا يحق لأحد أن يشاركه بها لأنه وحده الذي حفرها وكان عبد المطلب وحيداً في مواجهة قريش، وكان يشعر بضعفه بسبب هذه الوحدة، ولهذا نذر لله نذراً مفاده: إذا رزقه الله عشرة أولاد يذبح أحدهم قرباناً له.
وبالفعل رزقه الله عشرة أولاد، فأجرى القرعة بينهم فوقعت القرعة على عبد الله والد النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم، فتمسك بالوفاء بنذره، ولكنّ قريش منعته، واقترحوا عليه طريقة أخرى وهي: أن يجري قرعة بين ذبح ولده أو ذبح ما عنده من الإبل، فوافق على هذا الاقتراح، فأجرى القرعة بين ذبح ابنه أو ذبح ناقة، فخرجت القرعة على ابنه، فزاد في الإبل فخرجت على ابنه، واستمرت القرعة على هذه الحال إلى أن وصل عدد الإبل إلى مئة ناقة، فخرجت القرعة على المئة ناقة، فافتدي عبد الله بمئة ناقة. ولكن هناك من يرى إن هذا الخبر من وضع الأمويين يريدوا أن يشوهوا صورة جد النبي عبد المطلب، من جهة أنه يفعل أفعال الجاهلية، وأن قريش أفضل منه حاولت منعه فهي لا ترضى بهذا الفعل.
إيمانه
كان عبد المطلب يدين بالحنيفية الإبراهيمية ــــ نسبة إلى إبراهيم الخليل عليه السلام ـــ ولم يكن يعبد الأصنام، يقول المسعودي أحد المؤرخين المسلمين الذي عاش في القرن الثالث الهجري: لم يكن عبد المطلب ولا أجداد النبي (ص) الآخرين يعبدون الأصنام.
وينقل الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ النبي (ص) قال للإمام علي عليه السلام: لم يكن عبد المطلب يلعب القمار، ولم يعبد الأصنام، وكان يقول: أنا على دين أبي إبراهيم.
سنن عبد المطلب
نقل الشيخ الصدوق في كتاب الخصال عن الإمام الصادق عليه السلام إن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال للإمام علي عليه السلام: لقد أجرى عبد المطلب خمسة سنن في الجاهلية قد أقرها الله في الإسلام:
فقد حرّم زواج الابن من زوجة أبيه، وجاء القرآن بمثل هذا: ﴿وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ﴾
لمّا حفر بئر زمزم ووجد فيه المجوهرات التي رماها آخر حكّام جرهم وهي الهدايا المقدمة للكعبة، أخذها له ودفع خمسها فقط، والله تعالى يقول: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾
لما حفر زمزم سماه سقاية الحاج، وأنزل الله عز وجل: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقايةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الْآخِرِ﴾
جعل عبد المطلب ديّة المقتول مئة ناقة، وكذلك جعلها الإسلام.
جعل أشواط الطواف سبعة ومن قبله لم تكن محددة بعدد.
وفاته
وفقاً للرأي المشهور فإن عبد المطلب حين توفي كان عمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم ثمان سنين، وقيل إن عمره عند وفاته كان 82 سنة، وقيل 110 سنة، وقيل 120 سنة. وذكر الشيخ الطوسي إن وفاته في يوم 10 من ربيع الأول.
ويقال إن عبد المطلب طلب من بناته أن يرثينه قبل موته كي يرى رثائهن فيه قبل مماته، فرثينه وبكين لرثائه. وينقل عن أم أيمن: أنّ النبي (ص) مشى خلف جنازته وهو يبكي حتى وصلوا إلى محلة الحجون حيث دفن عبد المطلب إلى جانب قبر جده قصي بن كلاب.
أولاده
لعبد المطلب عشرة أولاد هم: الحارث وعبد الله بن عبد المطلب والزبير وأبو طالب وحمزة والمقوم والعباس وضرار وقثم وأبو لهب (عبد العزى).
وله ستة بنات هنّ: عاتكة وصفية وأميمة وبرة وأروى وأم حكيم.