بسم الله وله كامل الحمد والمجد ربّ العالمين، والصلاة والسَّلام على خير النبيين المصطفى الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
معكم في لقاء آخر من هذا البرنامج الذي نتقرب فيه الى الله جلَّ جلاله، بذكر من بذكرهم يذكر الله وفي حبهم حبّ الله وفي طاعتهم طاعة الله ورضاه جلّ جلاله، إخترنا لكم من شعر الولاء في القرن الهجري الثاني أبياتاً منتخبة من القصيدة الميمية الغراء في مدح أهل بيت النبوة (صلوات الله عليهم أجمعين) للشاعر الفارسي والأديب الولائي العالم، شاعر الهاشميات المشهور، الكميت بن زيد الأسدي، الملقب بشاعر الإمام الباقر (عليه السَّلام)، والمتوفى سنة إحدى وعشرين بعد المائة للهجرة المحمدية المباركة.
قال الكميت الأسدي (رضوان الله عليه) في أبيات مطلع القصيدة معبرّاً عن شدة مودّته لأهل البيت (عليهم السَّلام) وعلّل هذه المودة:
من لقلب متيم مستهام
غير ما صبوة ولا أحلام
بل هواي الذي أجنّ وأبدي
لبني هاشم فروع الأنام
للقريبين من ندىً والبعيدين
من الجور في عرى الأحكام
والمصيبين باب ما أخطأ
الناس ومرسي قواعد الاسلام
والحماة الكفاة في الحرب أن
لفّ ضراماً وقودها بضرام
والغيوث الذين إن أمحل الناس
فمأوى حواضن الأيتام
للذرى فالذرى من الحسب الثاقب
بين القمقام فالقمقام
راجحي الوزن الكاملي العدل في
السيرة طابوا بالأمور الجسام
فضلوا الناس في الحديث حديثاً
وقديماً في أول القدام
اذن فحتى إذا لم يأمر الله تبارك وتعالى، بمودة أهل البيت المحمدي فإنّ مشاهدة صفاتهم النبيلة وأخلاقهم السامية تجذب القلوب الى محبتهم سواءً الذين عرفوهم والذين لم يعرفوهم وهذا ما يرمي الى بيانه الشاعر المبدع الكميت الأسدي، وهو يواصل تعداده لمناقبهم (عليهم السلام) بقوله:
ومحلّون محرمون مقرّون
لحلّ قرارة وحرام
ساسة لا كمن يرى رعيّة الناس
سواءً ورعيّة الأنعام
لا كعبدالمليك او كوليد
أو سليمان بعد أو كهشام
فهم الأقربون من كل خير
وهم الأبعدون من كلّ ذام
وهم الأرأفون بالناس في الرّأفة
والأحلمون في الأحلام
بسطوا أيدي النوال وكفوا
أيدي البغي عنهم والعرام
أخذوا القصد واستقاموا عليه
حين مالت زوامل الآثام
أسرة الصادق الحديث أبي القاسم
فرع القدامس القداّم
خير حيّ وميّت من بني آدم
طرّاً مأمومهم والإمام
خير مسترضع وخير فطيم
وجنين أقرّ في الأرحام
وغلاماً وناشئاً ثمّ كهلاً
خير كهل وناشيء وغلام
أنقذ الله شلونا من شفا النار
به نعمة من المنعام
لو فدى الحيّ ميتاً قلت نفسي
وبنيّ الفدى لتلك العظام
ابطحيّ بمكّة استثقب الله
ضياء العمى به والظلام
كانت هذه أبياتاً من القصيدة الميمية الغراء في أهل بيت النبوة المحمدية من إنشاء شاعر الهاشميات المبدع الكميت الأسدي المتوفى سنة إحدى وعشرين بعد المئة للهجرة.