بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين وأزكي الصلاة والتسليم علي سيد الصادقين المصطفي الأمين وآله الطيبين.
إخترنا لكم من ديوان الشعر الحسيني، مقطوعتين من القرن الهجري الثالث والقرن الهجري الرابع عشر، وكلاهما تعبّر عن خصوصية مهمة في الشعر الحسيني وهي متانة الجمع بين الولاء لأئمة الحق وبين البراءة من ظالميهم مع التأكيد علي أن ظلم أئمة الهدي (عليهم السلام) هو ظلم للإسلام ورسوله الأعظم (صلي الله عليه وآله).
فمن القرن الهجري الثالث نسمعكم أبياتاً لمؤدب الكتاب والبلغاء الأديب المؤرخ ابي الفضل أحمد بن طيفور مؤلف كتاب تأريخ بغداد وكتاب بلاغات النساء وغيرهما المتوفي سنة ۲۸۰ للهجرة.
ومن ديوان صاحب المقبولة الحسينية الشيخ هادي كاشف الغطاء مؤلف كتاب مستدرك نهج البلاغة وغيره نقرأ لكم أبياتاً رثائية للإمام السجاد زين العابدين (سلام الله عليه).
نقرأ لكم الأبيات التالية للشيخ كاشف الغطاء وهو يصور محنة الإمام السجاد (عليه السلام) في واقعة كربلاء وبعدها، قال (رحمه الله):
والخطب ما زلزل طود صبره
وإن أزال الطود عن مقرّه
فلا نبي مثله تحمّلا
ولا وصي كابتلائه ابتلي
لهفي له وهو عليل ملقي
لما به الخصر الأصم رقـّا
قد سلبوه النطع والوسادة
وصيّروا الضرب له عيادة
عزاؤه منهم علي أبيه
والصفوة الأبرار من أهليه
بالشتم والزجر وبالتهديد
و بالجفا والأسر والقيود
علي أبيه قد بكي سنينا
لا زال فيه واجداً حزينا
ما ذكروا مصرع تلك العتره
في الطف إلّا خنقته العبره
لولاه ساخت بهم المهاد
و انهدّت الجبال والأطواد
والأرض مارت والسماء انفطرت
والشمس غارت والنجوم انكدرت
قد استجاب ربّه دعاءه
أهلك في حياته أعداءه
وسلّط المختار حتي انتقما
من عصبة قد حاربت ربّ السما
بالسيف قد أبادهم والنار
قبل عذاب القادر الجّبار
ومن هذه المنظومة للإديب الحسيني العالم الشيخ هادي كاشف الغطاء (قدس سره الشريف)، ننقلكم الي القرن الهجري الثالث، فنختار لكم من شعر الكاتب والمؤرخ الأديب ابي الفضل أحمد بن طيفور مؤدّب الكتاب الأبيات التالية في رثاء العترة المحمدية (عليهم السلام) قال (رحمه الله):
سلام علي الإسلام فهو مودّع
إذا ما مضي آل النبي فودّعوا
فقدنا العلي والمجد عند افتقادهم
وأضحت عروش المكرمات تضعضع
أتجمع عين بين نوم ومضجع
ولابن رسول الله في الترب مضجع
فقد أقفرت دار النبي محمـّد
من الدين والإسلام فالدار بلقع
وقتـّل آل المصطفي في خلالها
وبدّد شمل منهم ليس يجمع
ألم تر آل المصطفي كيف تصطفي
نفوسهم أمّ المنون فتتبع
ويخاطب ابوالفضل أحمد بن طيفور النواصب الذين خانوا الله ورسوله وعمدوا الي قتل وتشريد وإيذاء عترته الطاهره فيقول مؤنباً:
قواطعكم في الشرك غير قواطع
و لكنّها في آل أحمد تقطع
لكم كلّ يوم مشرب من دمائهم
وغلّتها من شربها ليس تنقع
رماحكم للطالبيّين شرّع
وفيكم رماح الترك بالقتل شرّع
لكم مرتع في دار آل محمّد
وداركم للشرك والجيش مرتع
أخلتم بأنّ الله يرعي حقوقكم
وحقّ رسول الله فيكم مضيع
وأضحوا يرجّون الشفاعة عنده
وليس لمن يرميه بالوتر يشفع
فيغلب مغلوب ويقتل قاتل
ويخفض مرفوع ويدني المرفع
كانت هذه أبياتاً ولائية برائية من مرثية مفجعة للعترة المحمدية أنشأها الأديب المؤرخ ومؤدب الكتاب والبلغاء ابو الفضل أحمد بن طيفور (رحمه الله).