محافظة كرمانشاه كباقي المناطق القديمة في ايران، مازالت تحتفظ بمعالم ومواقع في قلب جبالها وسهولها المترامية الأطراف، توثق لعظمة ايران وأيام مجدها.
ولكنها وخلافاً لباقي المحافظات والمناطق الايرانية التي كانت موطناً مؤقتاً لسكنى الانسان، سكنت فيها باستمرار وفي مختلف الحقب التاريخية القديمة أقوام وتجمعات بشرية.
الحفريات الأثرية والوثائق العلمية المتوفرة، تدل على ان هذه المنطقة كانت من أول مواطن الانسان البدائي فضلاً عن كونها أحد المراكز المهمة للتجمعات البشرية في منطقة زاغرس الوسطى.
ومما لاشك فيه أن أولى القرى والأرياف ظهرت في هذه المحافظة، حيث نذكر على سبيل المثال «كنج دره» (أي وادي الكنز).
ان الذين استوطنوا في هذه المنطقة وسبقوا تاريخ «كنج دره» كانوا هم من أوائل البشر في ايران الذين أبدعوا فن الفخار، وأقبلوا في وقت لاحق على الأنشطة والفعاليات الصناعية.
في الألفية الرابعة قبل الميلاد، عدّت كرمانشاه كأحد المراكز والبؤر التجارية المهمة، وكان رجال أعمالها يتاجرون نظرائهم في شوش (سوس) وبين النهرين.
في فترة حكم الإخمينيين على ايران، تم إنشاء طريق ملكي يربط أحد فروعه مدينة اكباتان (هكمتانه) الايرانية بمدينة بابل في بلاد الرافدين؛ مما زاد من إعمار كرمانشاه وازدهارها.
بيد أنه وبعد انهيار الحكم الإخميني، كانت اجزاء من كرمانشاه خاضعة لحكم السلوقيين (الذين كانوا من أحفاد الاسكندر المقدوني)، وكان للجاليات اليونانية حضور واسع في هذه المنطقة، الا أنه لم يلبث حتى ان جاء الأشكانيون (البارتيون) وأطاحوا بالسلالة السلوقية في ايران واستوطنوا في كرمانشاه.
وخير شاهد على ذلك، النقوش البارزة واللوحات الحجرية التي تطالعنا في «بيستون»، وهي متبقية من العصر الأشكاني. هذا وكانت بيستون أحد المراكز المهمة في عهد الحكومة الأشكانية.
أما محافظة كرمانشاه في العهد الساساني حظيت بمكانة خاصة وازدهار اقتصادي ملحوظ اكثر مما شهدته في الحكومات السابقة والعصور الخوالي. الملوك والأمراء الساسانيون كانوا دوماً يعيرون اهتماماً خاصاً بكرمانشاه، ناهيك عن أن قربها من مدينة تيسفون عاصمة الحكم الساساني، جعلهم يقضون أيام الصيف في القصور التي بنوها هناك.