نص الحديث
قال الامام علي عليه السلام: "لو ان الناس علموا ما في أجوافكم انكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم".
دلالة الحديث
الصورة المتقدمة نطلق عليها (الصورة الفرضية) فتكون بمثابة العبارة القائلة (لنفترض) او (لو فرضنا) يقصد بذلك حدوث شئ لم يحدث وانما يفترض فحسب، اهمية مثل هذا النمط من الصور تتمثل في ان الصورة الفرضية تعمق قناعة الانسان بالظاهرة المفترضة ويحولها في سلوكه الى واقع وهذا مثل قوله تعالى: "لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً"، اومثل قوله عليه السلام: "لو احبني جبل: لتهافت"، المهم: بالنسبة الى النص المتقدم يستهدف الاشارة الى أهمية الايمان واهمية الولاية لأهل البيت عليهم السلام حيث هي النعمة العظمى والا فان فقدان هذا الجانب يعني خسارة الحياة الاخرة، وهل ثمة خسارة اشد من ذلك؟ من هنا اتجه هذا النص الى تقرير الحقيقة من خلال الصورة (الفرضية) حيث آن لنا ان نحدثك عن بلاغتها.
بلاغة الحديث
ان النص المتقدم ينطوي على صورتين في الواقع، احداهما: الصورة الفرضية المصدرة بعبارة (لو) واما الثانية فهي: الاستعارة حيث خلع النص طابع (الأكل بالالسن) على موضوع روحي، كيف ذلك؟ واضح ان (محبة اهل البيت) لم يوفق اليها الغافلون عن تصريح الله تعالى بضرورة اطاعة الله ورسوله واولي الامر، او تصريح النبي صلى الله عليه واله وسلم بأنهم احد الثقلين الخ، لذلك فان الغافل عن هذه الحقيقة: كالغافل عن المشاعر او الافكار الباطنية التي لم يظهرها الشخص الا لو تكلم بها، بيد ان النص قد استشهد قبل هذه الفقرة بمثال مقارن هو: ان الطير مثلا لو علمت ما في جوف النحل: لأكلته، وهكذا، والان من خلال المثال المتقدم نستخلص حقيقة هي: ما قلناه من أعظم النعمة من الله تعالى علينا ان وفقنا الى الايمان بولاية اهل البيت عليهم السلام، واما المحرومون من هذه النعمة، فقد صورها الامام عليه السلام من خلال الاستعارة القائلة "لأكلوكم بالسنتهم"، هنا قد يتساءل قارئ الدعاء: ما هي النكتة الفنية في هذه الاستعارة او الرمز؟ واليك الجواب:
من البين ان الأكل باللسان هو: رمز يرشح باكثر من دلالة منها: ان الاكل رمز لاشباع حاجة نفسية او روحية مقابل الحاجة الحيوية في ميدان الحقائق ومنها: ان الالسنة تمتدحكم وتغبطكم وتنهال عليكم بالتهنئة.. الخ على هذا العطاء، ومنها: امكانية الترشح بالدلالتين كلتيهما اي الاكل روحياً من خلال الاشباع ولفظياً من خلال الغبطة وهكذا.
والمهم هو: استخلاص الدلالة الذاهبة الى ان البعد العقائدي الصائب (بالقياس الى من ابتعد عن منهل اهل البيت عليهم السلام) يظل موضع غبطة لنا: نحن الذين ننتمي الى اهل البيت عليهم السلام، وعلينا ان نعظم هذه النعمة وان نمنحها ما يحب علينا من الالتزام بما جاء به الله تعالى والنبي صلى الله عليه واله وسلم واهل البيت عليهم السلام.
ختاماً: نكرر سؤالنا الى الله تعالى بان يوفقنا الى التمسك بأهل البيت عليهم السلام، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.