البث المباشر

حديث: الكبر رداء الله فمن نازع الله رداءه قصمه الله تعالي

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 - 08:56 بتوقيت طهران
حديث: الكبر رداء الله فمن نازع الله رداءه قصمه الله تعالي

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 196

نص الحديث


قال الامام الصادق (عليه السَّلام): "الكبر رداء الله، فمن نازع الله رداءه، قصمه الله تعالي".

دلالة الحديث

الحديث المتقدم من الوضوح بمكان، الا ان الاستعارة التي نسجها الامام الصادق (عليه السَّلام) وهي: "رداء الله" تتطلب بياناً فنياً، سنحدثك عنه بعد قليل... الا اننا نذكرك – من حيث الدلالة – ان الامام الصادق (عليه السَّلام) نفسه قدم لنا حديثاً آخر عن الكبر، اوضح فيه بان المتكبر انما يتكبر لذلة يجدها في نفسه، فهنا يتحدث الامام الصادق عن الجذور المرضية للتكبر، حيث ان المتكبر يتقنع بممارسة الكبر حتى يطفئ به احساسه بالنقص او الذلة فيعوضها بما هو ضد وهو التكبر... لكن بغض النظر عن ذلك، فان الحديث الذي نلاحظه الآن هو: ان الكبر هو رداء الله تعالي، فلا ينبغي ان ينازع احد رداء الله تعالى... وهذا الحديث – كما قلنا – يتضمن استعارة، يجدر بنا ان نحللها ونبين جماليتها وبلاغتها... وهذا ما نبدأ به الآن
قد يتساءل الملاحظ لهذه الفقرة الذاهبة الى ان "الكبر" هو رداء الله تعالى قائلاً: ما هي النكات البلاغية الكامنة وراء التعبير المذكور؟ اي: لماذا انتخب الحديث مصطلح "الرداء" ولم يستخدم مصطلحاً مجازياً آخر للتعبير عن ان الكبر لاينبغي ان يصدر عن المؤمن لانه رداء الله تعالى وحده وليس العبد؟
الجواب: طبيعياً ان الله تعالى منزه عن الحدوث، عن الجسمية وما الى ذلك، ولكن التعبيرالج<ازي وارد في النصوص الشرعية مثل قوله تعالى: "يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ" أو قوله تعالى "ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" الخ... من هنا، عندما تستخدم عبارة (رمزية) كالرداء، فانما يهدف الامام (عليه السَّلام) بذلك الى تقريب المعنى، فيلتجئ الى الاستعارة القائلة بان الكبر هو رداء الله تعالى فحسب.

بلاغة الحديث

من هنا نتساءل من جديد: ما هي النكات البلاغية الكامنة وراء التعبير الفني المذكور؟
الجواب: "الرداء" بما انه لباس او مظهر خارجي، فان التحديد للشخصية العادية من خلاله يكشف عن خصوصية لهذه الشخصية او تلك اي: هي بمثابة (الهوية) الكاشفة عن هذا الشخص او ذاك... من هنا عندما يتلبس المرء بنمط من اللباس فانما يفصح بذلك عن شخصيته المميرة لها عن غيرها... ولذلك عندما ننقل القضية من واقعها المادي وهو اللباس، الى الواقع الازلى (الله تعالي): حينئذ نجد ان اللباس هو المميز لعظمة الله تعالى والمحدد له،... فاذا كان التمييز او التحديد خاصاً لا مماثل له، حينئذ يكون (اللباس) رمزاً لوحدانيته تعالى، متمثلة في الكبر والجبروت والعظمة و... الخ مما يتفرد به تعالي: كما هو واضح.
ختاماً: نسأله تعالي ان يجنبنا نزعة التكبر وان يجعلنا متواضعين وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة