نص الحديث
قال الامام الحسن العسكري عليه السلام: "من ركب ظهر الباطل نزل به دار الندامة".
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسد صورة استعارية متقابلة اي وجود استعارتين كل طرف من الصورة يتضمن استعارة حيث ان الطرف الاول من الصورة هو "من ركب ظهر الباطل" والطرف الاخر هو "نزل به دار الندامة"، وسنحدثك عن بلاغة هذه الصورة بعد ان نعرض دلالتها.
الصورة الاستعارية المتقدمة تتضمن دلالة واضحة هي: ان من يمارس سلوكا باطلا سوف يندم عليه، والامثلة على ذلك كثيرة يستوي في ذلك ان يكون الندم دنيويا او اخرويا او كليهما، والمهم هو الا يمارس احدنا باطلا وهو: مطلق الممارسات المحرمة وحتى المكروهة، حيث ينعكس اثر المعصية على مصير الشخصية دنيوياً او اخرويا او كليهما، فالممارس للعمل الجنسي غير المشروع قد يندم دنيويا عندما يتعرض للمرض او الفضيحة ويعاقب اخرويا فيكون قد ندم في الدارين. والان مع ملاحظتنا لهذا الجانب الدلالي ننتقل بك الى الجانب الجمالي او البلاغي، فماذا نستلهم؟.
قلنا: الحديث يتضمن صورة استعارية، تنشطر الى استعارتين الاولى هي: "من ركب ظهر الباطل" والاخرى هي: "نزل به دار الندامة"، ولنحدثك اولا عن الاستعارة الاولى فنقول لقد انتخب الامام عليه السلام عبارة (الظهر) و(الركوب) ليشير بهما الى الوسيلة النقلية (الدواب)، ففي المثال الجنسي المتقدم تكون الاستعارة متمثلة فيمن ركب ظهر الجنس غير المشروع مسافرا به الى المقصد (وهو: الاشباع الجنسي) مثل هذا الشخص ماذا ينتظره من سفره ووصوله الى مقصده؟ الجواب هو: الاستعارة الثانية وهي (نزل به دار الندامة) اي: ان ركوب ظهر الباطل استتلي بانزال المسافر الى دار هي: ندمه على ما مارسه من العمل غير المشروع والسؤال: ما هي طرافة الاستعارة الثانية؟.
بلاغة الحديث
من الواضح ان المسافر حينما يتجه الى مكان ما (وهو الدار) حينئذ، فان الدار المذكورة قد ينزل بها وهو سعيد بذلك او شقي بذلك في حالة ما اذا لم تعجبه الدار كما لو كانت غير صالحة للسكن او كما لو تهدمت عليه فاهلكته او جرحته الخ. من هنا نجد ان الامام عليه السلام استخدم عبارة "نزل به دار الندامة" اي: ان الظهر الذي ركبه واتخذه وسيلة نقل الى مراده نزل به الى دار هي: ندامة هذه الشخصية على ما صدر من السلوك الباطل منها، اذن: عملية الركوب والسفر والوصول الى المقصد: تظل ندامة على ممارسة قد نهى المشرع الاسلامي عنها وهي مطلق المعصية، حيث تستتبع ندامة في الدنيا والاخرة بالنحو الذي اوضحناه.
ختاماً: نسأله تعالى ان يحجزنا عن ركوب الباطل، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.