نص الحديث

قال الامام الصادق عليه السلام: "اذا طلبت الجود: فعليك بمعادنه" .

دلالة الحديث

الحديث اعلاه ينتسب فنياً الى الصورة الاستعارية... حيث خلع على الجود صفة من غير جنسها وهي: المعدن،... والمهم هو استلهام هذه الاستعارة واستخلاص دلالتها،... فماذا تعني؟ الجود والسخاء والكرم مصطلحات تتماثل من جانب، وتتفاوت من جانب آخر، الا ان (الجود) يتميز عن صاحبيه بأنه العطاء من غير سؤال، والعطاء حتى عن عدم غنى الخ....، مما يعني انه افضل، انماط العطاء.. و اذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني الّا يتيسر لكل احد من الناس، لان الناس إمّا ان يعطوا وهم ذوو ثراء لا يؤثر العطاء عليهم، أو ان يعطوا ولكن ليس منذ البدء بل بعد السؤال، بينما الجواد ليس كذلك، انه يعطيك قبل أن تسأله، ويعطيك حتى لو لم يكن له زائد عن الحاجة... اذن: الجواد شخصيته متميزة لها قيمتها الكبيرة، وهذا ما يجعل الامام الصادق (ع) يرسمها مقترنة بالمعادن، فماذا يقصد بذلك؟ في تصورنا ان المعدن يفترق عن غيره بانه مكتف بنفسه من جانب، اي: لا حاجة الى غيره في تملك الشيء.... ومن جانب آخر يتميز بكونه (اصلاً) للاشياء، اي انه ذو اصالة... من هنا، قرر الامام الصادق (ع) بان الجود لا يتحقق إلّا اذا صدر من معدنه الاصيل، فمثلاً: الذي لم يكن وكان: لا نتوقع من العطاء، وهذا ما اوضحته النصوص الشرعية... كذلك: الذي يعطي بعد السؤال ولا يبادر قبله: يظل باحثاً عن الـ انا متطلعاً الى اكتساب التقدير: متلذذا باهانة الآخر، وهكذا... والامر كذلك بالنسبة الى من يده قاصرة، لا يمتلك ما يعطي منه،. اذن: يتفرد الجواد عن السخي وعن الكريم بكونه ذا قيمة يتماثل مع قيمة المعادن الأصيلة، بصفة ان المعدن الأصيل – كما المحنا – يتميز بثراء ذاتي لا يفقد اصالته اذا استخدمه المحتاج وصاغ منه ما هو ثمين وجيد....

بلاغة الحديث

اذن: للمرة الجديدة: امكننا ان نتبين أهمية الاستعارة الذاهبة الى ان الشخص اذا طلب الجود، فعليه: الذهاب الى معدنه،... ختاماً: نسأله تعالى ان يجعلنا من اهل الجود، وان يوفقنا الى الطاعة، انه سميع مجيب.