والصلاة والسلام على من بعثه الباري تعالى ليتمم مكارم الأخلاق محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم - ايها الافاضل- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
روى الشيخ محمد كريم قصةً عن أستاذه الماهر الشيخ محمود الحكيم قال: في عصر أحد الأيام جاء استاذي الى المدرسة وقال: انني اشعر بضيق في صدري واحتاج الى شيء من الراحة فقررنا الذهاب الى تكية هفت تنان- وهي مكان يجتمع الناس فيه لقراءة العزاء على الامام الحسين (عليه السلام).
ذهب الشيخ قبلي على ان اتبعه بعد ذلك مع بقية الطلاب - والكلام مازال للشيخ محمد كريم- غير ان نزاعاً قد نشب بين بعض الطلاب واضطررت للتدخل لتهدئته فطال بنا الوقت حتى خيم علينا الظلام فلم نخرج من المدرسة لما كان يلازم الخروج بالليل من أخطار ومخاوف لفقدان الأمن.
وفي صبيحة اليوم التالي توجهت الى استاذي فرأيته في المسجد القريب من بيته غارقاً في الفكر مشغول الحال والبال، فسلمت عليه فرد علي السلام ثم قال: لماذا لم تأتوا بالأمس؟ فبينت له السبب، ثم سألته عن حاله يوم أمس وكيف قضى ليلته فقال: لقد حدث لي حدث عظيم.
وأضاف الشيخ محمود الحكيم قائلاً: عندما تيقنت من عدم مجيئكم ولم أجد من أتحدث اليه لأنفس عن حالي وكربي خرجت اسير وحيداً وفي منتصف الطريق رأيت زاهداً اعرفه جالساً على قارعة الطريق فناديته وكأنني وجدت فيه ضالتي ونسيت ان اسلم عليه، فقلت: يا زاهد.
قال: نعم.
قلت له: ألا تقص لنا حكاية نتسامر بها؟
قال لي: لا أعرف.
قلت له: فاقرأ لنا ابياتاً من الشعر.
قال لي: لا اعرف.
وحينئذ قلت له مستهيناً والكلام مازال للشيخ الحكيم: اذا كنت لا تعرف كل ذلك فما الذي كان عندك حتى علوت على الناس؟
قال لي: لقد علمني شيخي ان اسلم كلما دخلت على احد وان لا استصغر احداً من خلق الله عزوجل وما ان تفوه بهذا الكلام حتى أحسست بخجل شديد ثم قال لي الزاهد: لا بأس عليك يا شيخ تعال واجلس هنا وأشار الى حصير كان يجلس عليه فجلست على الحصير فقال لي: قل: لا اله الا الله. وما ان لقنني كلمة التوحيد حتى كشف عن بصري وكلما نظرت الى ما حولي من الأعلى الى الأسفل كنت ارى كلمة التوحيد منقوشة على كل شيء في السماء، في الأرض، على الأشجار، على الماء، على الجدار على كل شيء.
ويستمر الشيخ الحكيم قائلاً: لا أدري أي عالم كان ذلك العالم، لقد شاهدت عالماً ذا صفاء عجيب.
ثم قال لي الزاهد: يا شيخ والآن استلق لتنام على الحصير فانك اصبت باعياء وتعب فتغطيت بعبائتي وجعلت أرمقه من تحت العباءة لأرى ماذا يفعل؟ لقد رأيته يتمتم بذكر من الأذكار والأدعية وهو يناجي الله بحالة لا توصف من الخشوع، ثم سيطر علي النعاس فغفوت مدةً ونهضت بعدها فلم اجد لذلك الزاهد من اثر. لقد علمني الرجل ان الزهد الحقيقي هو مصداق الحديث القدسي: عبدي اطعني تكن مثلي او مثلي أقول للشيء كن فيكون وتقول للشيء كن فيكون.
رأى العلامة الشيخ المفيد (رضوان الله تعالى) في المنام السيدة الزهراء (عليه السلام) وهي آخذة بيد الحسن والحسين (عليهما السلام) وهي تتقدم نحوه قائلة: «يا شيخ علم هذين الطفلين الفقه» فانتبه الشيخ المفيد من نومه متعجباً من ان تأتي فاطمة الزهراء (عليها السلام) ومعها الحسنان (عليهما السلام) وتقول: علمهما.
وكان الشيخ جالساً ذات يوم في مدرسته اذ رأى امرأةً واقفة امامه وهي ماسكة بيد ولديها وقالت: «يا شيخ علم هذين الطفلين الفقه» وكانا السيد الرضي والسيد المرتضى (أعلى الله مقامهما) فقام الشيخ المفيد بعد أن فهم تعبير رؤياه بتربية الطفلين بأحسن وجه حتى أن السيدين الرضي والمرتضى أصبحا من مفاخر التأريخ الاسلامي.
وفي يوم من الأيام أعطى الشيخ المفيد مقداراً من سهم الامام لهذين الطفلين كي يعطياه لأمهما فلم تقبل الأم (رحمها الله) تلك النقود وقالت: بلغا الشيخ المفيد سلامي وقولا له ان أبانا أورث دكاناً وان امنا تتسلم ايجار الدكان وتقوم بصرفه، وعليه فاننا لسنا محتاجين كثيراً ونعيش قانعين.
ونختم البرنامج بما يلي: استشهد احد المجاهدين في ميدان الجهاد وكان فقيراً ذا عيال وقابلت زوجته نبأ استشهاده بصبر وايمان.
وعندما سئلت عن سبب تجلدها وهي لا تجد قوت نفسها ولا قوت أولادها قالت عن زوجها: «عرفته أكالاً وما عرفته رزاقاً، ولئن ذهب الأكال فقد بقي الرزاق».
وفي الختام - ايها الأحبة الأكارم- نتقدم لحضراتكم بالشكر الجزيل على حسن المتابعة. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.