والصلاة والسلام على خاتم النبيين وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين أن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
نقلت عن العبد الصالح الشيخ رجب علي خياط قصة لطيفة حول كيمياء محبة الله والكيمياء الحقيقية حيث ورد عنه انه قال: «كنت في وقت ما ابحث عن علم الكيمياء ومارست الرياضة الروحية مدة من الزمن لكنني وصلت الى طريق مسدود وفي عالم المعنى عرضت علي الآية الشريفة: «من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً».
فقلت: اني كنت اطلب علم الكيمياء.
فقيل لي: «علم الكيمياء يطلبونه للعزة وحقيقة العزة هي ما وردت في هذه الآية فاطمأن بالي».
ويضيف المرحوم الشيخ رجب علي خياط قائلاً:
وبعد بضعة ايام جاء شخصان من أصحاب الرياضة الروحية الى داري وطلبا لقائي، واخبراني اثناء اللقاء انهما بحثا في مجال الكيمياء مدة سنتين وقد وصلا الى طريق مسدود، وانهما قد توسلا بالامام الرضا (عليه السلام) فارشدهما الي.
ابتسم الشيخ وذكر لهما قصته وقال: «لقد انتهيت من هذه القضية الى الأبد واسترحت، فالكيمياء الحقيقية هي تحصيل ذات الله نفسه».
وفي هذا المجال كان الشيخ (رحمه الله) يقرأ احياناً هذه الجملة من دعاء عرفة لاصدقائه: «ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك».
والامام السجاد (عليه السلام) يشير في آخر دعاء مكارم الأخلاق الى كيمياء محبة الله تعالى اشارة لطيفة حيث يقول: «وانهج لي الى محبتك سبيلاً سهلة أكمل لي بها خير الدنيا والآخرة».
وما اجمل ما نظمه شاعر ايران الشهير حافظ الشيرازي في هذا المعنى حيث قال ما ترجمته:
يا من لا تعلم جد لكي تعلم
فاذا لم تطع مرشداً وتهتد متى تكون هادياً
في مدرسة الحقائق وعند أديب الحب
ابذل سعيك ايها الولد لكي تكون أباً يوماً ما
اترك كالسالكين المثابرين نحاس الوجود
لكي تحصل على كيمياء المحبة وتصبح ذهباً
اذا سطع نور الحب على قلبك وروحك
تصبح والله خيراً من شمس الكون
نعم لقد وصف احد تلاميذ الشيخ رجب علي خياط (رضوان الله تعالى) وصاياه في الاخلاص لله تعالى على النحو التالي حيث كان يقول لمريديه - عندما تأتي الى هنا- أي الى دار الشيخ - تعال- في سبيل الله واذا جئت من اجلي فأنت خاسر لقد كانت حالته عجيبةً فهو كان يدعو الناس لله لا الى نفسه.
روي ان عطاء بن السائب قال: قدمت من مكة فلقيني الشعبي فقال: يا أبا زيد أطرفنا مما سمعت قلت: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط يقول:
لا يسكن مكة سافك دم ولا آكل ربا ولا مشاء بنميم!
يقول عطاء: فعجبت منه حين عدل النميمة بسفك الدماء وأكل الربا.
فقال الشعبي: وما يعجبك من هذا؟ وهل تسفك الدماء وترتكب العظائم الا بالنميمة؟!
قيل لابن المقفع: من أدبك كل هذا الأدب؟
قال: نفسي فقيل له: وكيف يؤدب الانسان نفسه بغير مؤدب؟
قال: كيف لا؟
كنت اذا رأيت حسناً أتيته واذا رأيت قبيحاً ابيته وبهذا وهذه أدبت نفسي.
جاء رجل الى احد الزهاد فقال: ان فلاناً لم يزل يذكرك بسوء في قصصه ويقول: انك الضال المبتدع فقال الزاهد:
يا هذا ما رعيت مجالسة الرجل حيث نقلت حديثه الينا ولا رعيت حقي حيث أبلغتني عن اخي ما أكره، أبلغه أن الموت يعمنا والبعث يحشرنا والقيامة تجمعنا، والله يحكم بيننا.
وختاماً - ايها الأحبة الكرام- نسأله تعالى أن يتفضل علينا بحسن العاقبة وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه انه سميع مجيب.
آمين رب العالمين، وشكراً لكم أيها الأعزاء على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الرؤوف الرحيم والسلام عليكم.