وصلى الله على سيدنا محمد صاحب الخلق العظيم وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
السلام عليكم ... مستمعينا الاعزاء ـ وحرمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا نأمل ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الأفاضل السيد عبد الله ابن محمد رضا المشهور بـ (شبر الحسيني الكاظمي) ولد في النجف الاشرف سنة 1188 هجرية ونشأ بها نشأته الاولى، ثم انتقل به والده الى الكاظمية المقدسة فتتلمذ هناك اولاً عند والده الجليل المرحوم السيد محمد رضا شبر ثم اخذ ينهل من دروس علامة عصره المتبحر السيد محسن الاعرجي الكاظمي والعلامة الشيخ اسد الله الكاظمي وغيرهما "عليهم جميعاً رضوان الله تعالى".
اولى والده عناية تامة في تنشأته نشأة صالحة تؤهله لان يحوز مرتبة كبيرة من مراتب العلم والفضل حتى ذكروا انه حرم على ولده الاعاشة مما يبذله له من المال اذا لم يتفرغ للشؤون العلمية، ويذكر انه شوهد يوماً يبيع محبرته، ولما سئل عن ذلك قال: اني شغلت هذا اليوم بعارض صحي لم يمكنني معه من مواصلة دروسي، فلم اجد ما يسوغ لي ان اتناول من بيت ابي شيئاً.
لقد كان لهذه التربية العالية اكبر الاثر في نفس هذا السيد الجليل، ولذا لم يفتر طول حياته عن الجد لاكتساب الفضائل النفسية والملكات الصالحة، كما لم يتوان في ساعة من ساعاته عن اخذ العلم او بثه بالتدريس او التفرغ للكتابة والتأليف، لقد كان(رض) كما يقول واصفوه من مشاهير العلماء الذين لهم الصيت الذائع في مختلف الفنون الاسلامية.
فهو الى جنب فقاهته التي هي الاصل في ثقافته معروف ايضاً بتبحره في التفسير والحديث والكلام وغيرها وله في كل ذلك مؤلفات شائعة هي في الطليعة من مؤلفات مشاهير العلماء. ويحدثنا التأريخ ايضاً انه ضم الى ثروته العلمية حافظة نادرة واطلاعاً واسعاً وضبطاً شديداً فقد كان كثيراً ما يمتحنونه بقراءة متن الرواية ويقطعون السند وهو يسندها الى قائلها من اهل بيت الرحمة(ع) وقد تكرر ذلك منهم ومنه حتى تجاوز حد الاحصاء.
كما روي بصدد طريقته في التأليف انه لم يكن ليطلب عند الكتابة العزلة عن الناس بل كثيراً ما كان يجلس في مجلسه العام بيمناه القلم وبيسراه القرطاس يؤلف تارة ويتحدث الى زائريه تارة اخرى، ثم تأتي خلال ذلك الدعاوى فيحلها احسن حل، فلا كثرة الزائرين، ولا ضجيج المشتكين بشاغلين له عن التأليف والتصنيف.
وينقل المحدث الجليل الشيخ عباس القمي(رض) في كتابه "الكنى والالقاب" انه: حكي انه قال "ويعني السيد شبر" ان كثرة مؤلفاتي من توجه الامام الهمام موسى بن جعفر(ع) فاني رأيته في المنام فاعطاني قلماً وقال: اكتب فمن ذلك الوقت وفقت لذلك، وكل ما برز مني فمن بركة ذلك القلم.
وبعد هذا ـ مستمعي الكرام ـ فلا يعجب الانسان من حياة هذا السيد الجليل(رض) وهو لم يتجاوز عمره 54 عاماً ويصدر عنه اكثر من سبعين مؤلفاً بين موسوعة ورسالة ولا يستكثر هذه البركة في الوقت والوفرة في عالم التاليف والتصنيف وهو يتولى معها الشؤون الاجتماعية والتدريسية بالاضافة الى مواظبته على المستحبات العبادية والادعية والاوراد.
مستمعينا الافاضل ـ ذكر المؤرخون ان اسحاق بن ابراهيم الطاهري قال: رايت رسول الله(ص) في النوم وهو يقول: اطلق القاتل فارتعتُ لذلك ودعو بالشموع ونظرت في اوراق السجن واذا ورقة فيها ان رجلاً إِدعي عليه بالقتل واقرَّ به فأمرت باحضاره. فلما رأيته وقد ارتاع قلت له: ان صدقتني اطلقتك.
فحدثني انه كان هو وجماعة من اصحابه يرتكبون كل عظيمة وان عجوزاً جاءت لهم بأمراة فلما صارت عندهم صاحت: الله الله وغشي عليها، فلما افاقت قالت: انشدك الله في امري فان هذه العجوز غرتني وقالت: ان في هذه الدار نساء صالحات، وانا شريفة جدي رسول الله(ص) وامي فاطمة وأبي الحسين بن علي(ع) فاحفظوهم فيَّ. فقمت دونها وناضلت عنها فاشتد عليَّ واحد من الجماعة وقال: لابد منها وقاتلني فقتلته، وخلصت الجارية من يده. فقالت: سترك الله كما سترتني. وسمع الجيران الصيحة فدخلوا علينا فوجدوا الرجل مقتولاً والسكين بيدي فامسكوني واتوا بي اليك وهذا امري. فقال اسحاق: قد وهبتك لله ولرسوله، فقال الرجل: وحق الذين وهبتني لهما لا اعود الى معصيته ابداً.
وهكذا نلاحظ ـ ايها الاكارم ـ في هذه الحادثة ان ذلك الرجل قد نجا من القتل وشمله لطف الله تعالى ورسوله الكريم(ص) لانه تجنب الحرام والمعصية واعان مظلوماً في سبيل الله عز وجل ولأجل حرمة رسوله(ص) الذي بعثه تبارك وتعالى رحمة للعالمين.
وفي الختام ـ ايها الاخوة الاعزاء ايتها الاخوات العزيزات ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء وندعو الباري تعالى ان يوفقكم لكل خير انه سميع مجيب.
وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.