مستمعينا ـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وأهلاً بكم في برنامجكم هذا، نرجو ان تقضوا معه وقتاً طيباً ونافعاً ...
مستمعينا الاعزاء: لقد كانت المدرسة العلمية للمرحوم آية الله الشيخ محمد حسين النجفي المشهور بصاحب الجواهر نسبة الى كتابه الكبير "جواهر الكلام" في الفقه الاستدلالي قد تخرج منها كبار العلماء الافاضل، وكان دأب الشيخ عدم السماح لهم بالبقاء في الحوزة بل كان يحثهم على الانتشار في مناطق المسلمين المختلفة ليكونوا رسل اهل البيت عليهم السلام بين الناس.
وحيث ان الشيخ صاحب الجواهر(رض) كان يعتمد اسلوب اللامركزية في العمل الديني لذلك كان يرجع الناس الى تلاميذه العلماء ويذكرهم بالتعظيم والاحترام كي يدعم مكانتهم بين الناس في تلك المناطق. وذات مرة جاء اليه احد تجار بغداد فوضع بين يديه من الحقوق الشرعية مبلغاً كبيراً، فلم يستلم منه الشيخ النجفي "قدس" المال وقال للتاجر الم يكن في بغداد عالم كالشيخ آل ياسين ليغنيك عن المجيء الى النجف الاشرف؟ وهكذا ـ مستمعينا الافاضل ـ نلاحظ ان مثل هذا التصرف جعل المؤمنين في بغداد يلتفون حول عالمهم الشيخ محمد حسين آل ياسين "رحمه الله".
والشيخ آل ياسين كان من اجلاء تلامذة الشيخ محمد حسن النجفي(رض) علماً ان الشيخ يومئذ كان في امس الحاجة الى المال فليس عجباً ان يتخرج من مدرسة هذا العالم الزاهد المتفاني علماء كالشيخ جعفر الشوشتري، والميرزا حبيب الله الرشتي والسيد حسن المدرس والشيخ حسن المامقاني والميرزا حسين الخليلي والشيخ محمد حسين الكاظمي وعشرات آخرون من الفقهاء والمجتهدين وافاضل المدرسين.
والآن مستمعينا الاعزاء ـ ننتقل الى رواية اخرى تشير بوضوح الى مدى الاخلاص والاخلاق العالية التي وصل اليها اولياء الله الصالحين بسبب اقتدائهم برسول الله(ص) وبأهل بيته الطيبين الطاهرين(ع)... حيث نقل المرحوم آية الله الشيخ محمد جواد مغنية قائلاً: حدثني العلامة السيد حسن محمود الامين قال: كنت والمرحوم السيد الشريف شرف الدين اخوين متصافيين فاصابني داء الحمى وفقدت معه الشعور والادراك ونسيت كل شيء حتى الصلاة وافعالها واقوالها.
ويضيف السيد حسن محمود الامين قائلاً: فكان يأتيني السيد شرف الدين(رض) في اوقات الصلاة ويجلس الى جانبي ويقول لي: قل وافعل كما اقول انا وأفعل، فيشرع بالصلاة وانا اتابعه. وهكذا نلاحظ ـ ايها الاعزاء ـ ان في هذه الامثال صورة بارزة عن قداسة اولئك الصفوة الهداة وعن شعورهم بالواجب تجاه خالقهم واخوانهم حيث ان المرض قد اسقط الفريضة عن السيد حسن ولكن السيد الشريف ابى عليه دينه ان لا يذكر اخاه بذكر الله في الاوقات التي كان يذكره فيها.
وفي الختام ايها الاخوة والاخوات نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.