وفي مقال كتبه في صحيفة "الراي" الكويتية، قال ظريف: ان منطقة هرمز تحظى بأهمية استراتيحية في مجال التجارة الدولية والطاقة، ويتم ضخ حوالي 15 مليون برميل من النفط يومياً من هذه المنطقة الي المستهلكين، وبالتزامن يجري تبادل كميات هائلة من البضائع بين الدول المرتبطة بهذه المنطقة وخارجها.
واعتبر استتباب الأمن والاستقرار بغية ضمان التواصل مع الأسواق الدولية ضرورة لا مناص منها واضاف، انه ومنذ قرون ودول المنطقة تضمن وتتكفل أمن هذه المنطقة للوصول الي الأسواق الدولية كضرورة ملحة وهو الأمر الذي لا يتحقق من دون التعاون والتعامل البنّاء.
وتابع: ان الظروف الحالية المتأزمة يجب أن تجعلنا نؤمن أن حاجة المنطقة المُلحة لتكريس الأمن المستدام والذي من دواعي الأسف أنها لم تنعم به لحد الآن، هو الوصول الي إيمان مشترك بأن الأمان لا يستتب عن طريق شراء الأسلحة وتكديسها وتوقيع الاتفاقيات العسكرية مع القوي الأجنبية التي من خلال تدخلها المستمر ودعمها للكيان الصهيوني شكّلت أكبر تهديد للمنطقة بأسرها، بل إن الأمن يعتمد علي كسب الثقة والاعتماد علي الشعب والطاقات الوطنية وتمتين علاقات حسن الجوار مع بقية دول المنطقة.
واعتبر إن المنطقة تعاني من فقدان الحوار الاقليمي الشامل في المجالات المختلفة، الأمر الذي يؤدي إلي جفاف جذور السلام والعمران الي الأبد واضاف، إن منطقتنا بحاجة الي الحوار الاقليمي الداخلي أكثر من ميلها نحو كيل الاتهامات واستخدام التعابير العدائية والعنيفة والتنافس التسليحي وتكديس الأسلحة.
واشار الى ان الجمهورية الإسلامية الايرانية ومن خلال استيعابها للمخاطر المستقبلية كانت قد اقترحت سابقا مبادرتين هما: «مجمع الحوار الاقليمي» و«معاهدة عدم الاعتداء»، والآن مع العلم بتضاعف التهديدات والتحديات ومن اجل إنقاذ المنطقة من حافة الانزلاق في هاوية الدمار، فإننا نستشعر ضرورة تحقيق الحوار الجديد في المنطقة اكثر من أي وقت مضي، ونري ان الحفاظ علي امن المنطقة هو مسؤولية جماعية لكل الدول المتواجدة فيها، واننا علي ثقة من خلال مشاركة كل الدول في حوض هرمز يمكننا وفي خضم الامواج المتلاطمة، ان نعبر بالمنطقة الي ساحل الهدوء والتقدم والازدهار.
واكد بان توفير الأمن الاقليمي هو مسؤولية اساسية لكل دول المنطقة وإن الأمن يجب ان ينبع من الداخل بعيدا عن التدخلات الاجنبية واضاف، إن مصير شعوب المنطقة، وانطلاقاً من الوشائج الدينية والثقافية والتراثية والجغرافية والأواصر العائلية قد ارتبط وتشابك بعضه ببعض، وان الأمن لا يمكن تجزئته وتفكيكه، فإما ان ينعم الجميع بالأمان أو أن ينحرم الجميع منه.
وقال، انه علي هذا الاساس فقد تم طرح «مبادرة هرمز للسلام» من قبل فخامة الرئيس حسن روحاني رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية في كلمته في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة.
واكد ان «مبادرة هرمز للسلام» بمشاركة الدول المتعلقة به وهي المملكة العربية السعودية، جمهورية العراق، سلطنة عمان، الامارات العربية المتحدة، دولة الكويت، دولة قطر، مملكة البحرين والجمهورية الاسلامية الايرانية تتمتع بالامكانيات اللازمة والكافية لتحقيق الأمن الشامل في ربوع المنطقة عن طريق الحوار الاقليمي الداخلي.
واضاف، ان هذه المبادرة مبنية علي أصول ثابتة، منها الالتزام بأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، حسن الجوار، احترام سيادة الدول ووحدة اراضيها، عدم الاخلال بالحدود الدولية، حل كل الخلافات بالطرق السلمية، رفض التهديد واللجوء للعنف أو المشاركة في أي تحالف أو حلف عسكري ضد احداها الاخرى، عدم التدخل في الشؤون الداخلية والعلاقات الخارجية لأحداها الاخرى، احترام المقدسات والرموز الوطنية والدينية والتاريخية للآخر والاحترام المتبادل، المصالح المتبادلة والمكانة المتساوية لكل دول المنطقة.
وصرح بان المبادرة تسعى لتحقيق اهداف سامية تشمل النهوض بالسلام والاستقرار والتقدم والرفاهية لكل دول وشعوب المنطقة، تشجيع التفاهم المتبادل والأواصر السلمية والودية والتعاون في سبيل استئصال الارهاب والتطرف والصراعات الطائفية، معالجه التوترات وحل كل الاختلافات والنزاعات بالسُبل السلمية وعن طريق الحوار، دعم وتمتين الاتصالات والتحذيرات الوقائية، توفير الأمن الجماعي للطاقة، حرية الملاحة والنقل الحر للنفط وبقية المصادر، حماية البيئة وتعزيز التعاون والتواصل وتشجيع العمل والتجارة والاستثمار علي كافة المستويات والمجالات المختلفة بين الدول والسكان والقطاع الخاص.
وقال، إن تحقيق الأهداف آنفة الذكر تتم متابعتها من خلال إقامة الملتقيات علي المستويات المختلفة كالخبراء والوزراء وقادة الدول وكذلك المختصون والمراكز الفكرية والقطاع الخاص وتشكيل فرق عمل للمبادرات اللازمة التي تحظي بأولوية.
واضاف، ان معاهدة عدم الاعتداء وعدم التدخل، السيطرة علي التسلح واجراءات بناء الثقة، ايجاد مناطق خالية من اسلحة الدمار الشامل، العلاقات العسكرية وتبادل المعلومات والمعطيات، خطوط الاتصال المستمر، منظومات الانذار الوقائي، مكافحة المخدرات والإرهاب وتهريب البشر، تحسين أمن الطاقة وحرية الملاحة للجميعن الاستثمار المشترك في قطاعات النفط والغاز والطاقة والترانزيت والنقل، الارتقاء بتعاملات القطاع الخاص والعمل والتجارة، التعاون الثقافي والاجتماعي كالحوار بين المذاهب والمبادلات الثقافية والسياحية، التعاون العلمي كتبادل العلماء والطلاب الجامعيين والمشاريع المشتركة في المجالات العلمية والتقنية، التعاون في المجالات الحديثة السيبرانية كالأمن السيبراني والأمان النووي والحفاظ علي البيئة ولاسيما البيئة البحرية والعواقب السلبية للغبار والأتربة، تكثيف التعاون الانساني لا سيما في مجال المهاجرين واللاجئين والمشردين، تعد جميعها من ضمن مجالات التعاون والمحاور القابلة للطرح لدي فرق المبادرات واجتماعات الدول الثماني.
وصرح بانه يمكن الاستفادة من امكانية الأمم المتحدة لايجاد غطاء دولي لازالة القلق المحتمل لدي بعض الاطراف وتأمين المصالح المشروعة للمجتمع الدولي واضاف، من البديهي أن نجاح أي مشروع يحتاج الي مشاركة جماعية من قبل كل الأعضاء وبناءً علي الثقة المتبادلة.
واشار الى ان الرئيس روحاني قد كلفه بالبدء بمشاورات لاستطلاع آراء الدول والنخب في المنطقة وإكمال وتقوية مبادرة هرمز للسلام واضاف، إن النخب والمراكز الفكرية والقطاع الخاص يمكنهم من خلال تقديم وجهات نظرهم واستعراض المقترحات البناءة أن يساهموا في تدعيم وتكريس مبادرة هرمز للسلام.
وختم ظريف مقاله بالقول، كلنا أمل وثقة لتحقيق هذه المبادرة ونتوقع ردود فعل إيجابية لدي دول المنطقة تجاهها، ونعرب عن استعدادنا لخوض الحوار الشامل والجامع في إطار المبادئ والأهداف المذكورة أعلاه.