بالتزامن مع موعد انطلاق مسيرة اربعين الامام الحسين ـ عليه السّلام ـ كل عام ، يبدأ الذباب الالكتروني لاعداء الشعبين العراقي والايراني بتعبئة ذيوله وادواته في داخل وخارج العراق ، للاساءة لهذه المسيرة والمشاركين فيها ، ولاسيما الزائرون الايرانيون ، ومحاولة تخريب اجوائها بكل السبل الممكنة.
وفي هذه السنة تطور العداء وتوسع على شكل مظاهرات احتجاجية ، ظاهرها المطالبة بمكافحة الفساد والقضاء عليه ، فتخللها تخريب للاموال العامة والخاصة واعتداءات وحشية على افراد القوى الامنية الذين هم العين الساهرة على امن الشعب العراقي واليد الضاربة لكل من تسول له نفسه الاخلال بهذا الامن.
وصحيح ان المجتمع العراقي وصل الى درجة الاشباع في التحمل والصبر على فساد القوى السياسية الحاكمة في البلاد وقلة الخدمات وازدياد معدلات البطالة وصعوبة الاوضاع المعيشية ، إلا ان تزامن الاحتجاجات مع مسيرة الاربعين وترديد الشعارات المناهضة لايران التي ما من احد في العراق ينكر دورها المشرّف في مقارعة تنظيم داعش الارهابي ، وتبوأها مركز الصدارة في تقديم الدعم الامني واللوجستي والعسكري والاستخباري لنا ، نحن العراقيون ، حينما وصل التكفيريون الاوباش ، الدواعش الارهابيون، الى اطراف عاصمتنا الحبيبة بغداد وبات هؤلاء النواصب على مقربة من عتباتنا المقدسة التي كانوا ينوون تسويتها مع الارض ، مدفوعين بحقدهم وكراهيتهم العميقة لاهل بيت النبوة ، سلام الله عليهم اجمعين ، يكشف (هذا التزامن) بوضوح طبيعة الاهداف المبيتة لهذه الاحتجاجات التي ينضم تحت جناحها بدون فهم ودراية لحقيقتها ، الناس البسطاء الذين اثقل كاهلهم الوضع المعيشي الراهن وقلة الخدمات وانتشار الفساد والرشوة والمحسوبية بشكل غير مسبوق في كل مفاصل الدولة.
وقال الكاتب: "لقد كنا حذرنا ، من قبل ، كل القادة في البلاد ، ولاسيما الذين عرفوا بتاريخهم الجهادي من مغبة الصمت حيال تغلغل البعثيين ـ الذين يشكلون عماد [الإنحراف عن الهدف الحقيقي والصحيح] لهذه الاحتجاجات ـ في مفاصل الدولة العراقية الجديدة ، واشرنا في اكثر من مناسبة الى مخاطر الوثوق بهؤلاء وتقريبهم لجعلهم اداة في الحصول على مكاسب انتخابية ، لكون من يأمن جانب هؤلاء وينطلي عليه تملقهم وربتهم على الاكتاف وتمسكنهم ، يعد غبيا وساذجا بامتياز، لكن ما من احد استمع الينا وما من احد اعتبر بتجارب الدول المجاورة لنا التي قامت باجراء تطهير شامل لكل مؤسساتها واستبدلت من يدينون بالولاء لانظمة سابقة باخرين يدينون بالولاء الحقيقي للوطن والشعب وخاضوا مراحل نضالية طويلة في اطار التعبير عن هذا الولاء ، لكن ما حصل عندنا في العراق هو قيام القوى السياسية صاحبة التاريخ الجهادي الطويل بتهميش المجاهدين القدامى والابقاء على اذناب النظام السابق بل وتقريب حتى من تلطخت اياديهم بدماء الشعب العراقي ابتداء من القاعدة مرورا بمنصات الاعتصام وانتهاء بتدنيس الدواعش النواصب لارض الرافدين المقدسة.
امريكا متورطة بحرائق البلدان المستقلة
ان المحللين والمتابعين الواعين والمنصفين والمحايدين للتطورات السياسية الاقليمية والدولية ، لايستبعدون مطلقا تورط الادارة الاميركية بهذه الاحتجاجات المشبوهة ، ويربطون بينها وبين العداء الاميركي للجارة ايران ، فالعراق تحول في خضم العقوبات الشاملة التي فرضتها واشنطن على طهران ، الى متنفس للشعب الايراني ، وانه بانفتاحه التجاري الواسع على جارته الشرقية ، اوجد ثغرات في جدار العقوبات الاميركية ما قلل من اثرها على الشعب الايراني ، لذلك بات لزاما العمل بجد وتسخير كل الطاقات الهدامة لايجاد شرخ في العلاقات العراقية – الايرانية ، ما يخرج العراق من دوره في دعم الاقتصاد الايراني.
وكان ركوب موجة فساد المسؤولين والقوى السياسية في العراق مخرجا مناسبا لهذه الاحتجاجات.
ان توقيت حركة الاحتجاجات الراهنة وبعض شعاراتها ، يعتبر توقيتا غبيا وصبيانيا ، واغراضه باتت معروفة ومكشوفة لكل ذي لب وعقل، لذا يتحتم على الشعب العراقي التحلي بالوعي والبصيرة والرؤية الصائبة وعدم الانجرار وراء ادوات امريكا واذنابها في المنطقة ، فهؤلاء طالما دأبوا على تصدير ازماتهم الى الخارج ، وهم لايريدون الخير مطلقا بالعراق والعراقيين وكل من يناهض ربيبتهم اسرائيل ويسعى لحياة حرة كريمة تصان فيها سيادة واستقلال بلاده.
ان ما يهم هؤلاء الاعداء فقط هو تحقيق مصالحهم واغراضهم القذرة التي ربما بعضها يساعد في انقاذهم من ورطاتهم وحماقاتهم وكذلك انقاذ سيد البيت الابيض ، دونالد ترامب ، من الفضائح التي سيكون لتفاعلاتها وتداعياتها تأثير سلبي محتوم على مصيره في انتخابات الرئاسة الاميركية القادمة.