السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله أهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج ندعوكم فيه الى جولة قصيرة في رياض الأخلاق فندخل معاً روضة خلق (العفو).
والعفو من أخلاق الله جل جلاله و(العفوّ) من أسمائه الحسنى ومعناه ترك العقوبة على الذنب أو التقصير وهو بالنسبة للإنسان الإعراض عن الرد على الإساءات المقصودة أو غير المقصودة التي تصدر تجاهه من الآخرين.
لنتعرف معاً الى النصوص الشريفة الهادية الى هذا الخلق الكريم فتابعونا على بركة الله.
يعرفنا القرآن الكريم بأن العفو من أخلاق المتقين بأعلى مراتبهم أي مرتبة (المحسنين) الذين يفوزون بمغفرة الله ومحبته وجنته حيث يقول جل جلاله في الآيتين الثالثة والثلاثين بعد المئة والرابعة والثلاثين بعد المئة من سورة آل عمران:
"وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ{۱۳۳} الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{۱۳٤}".
ويدعونا تبارك وتعالى الى التحلي بهذا الخلق الكريم خاصةً عند المقدرة على المعاقبة لأنه من أخلاقه عزوجل فهو العفو القدير قال عزّ من قائل في الآيتين التاسعة والاربعين بعد المئة والمئة والخمسين من سورة النساء: "إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً".
ويأمرنا الله جلت حكمته بالتحلي بخلق العفو في التعامل مع أهل الكتاب حتى يأتي الله بأمره عندما تتم عليهم الحجة كاملة، فيقول عزّ من قائل في الآية التاسعة بعد المئة من سورة البقرة:
"وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{۱۰۹}".
ونقرأ مثل هذا الأمر الإلهي موجهاً للنبي الأكرم- صلى الله عليه وآله- في التعامل مع جانب من خيانات بني اسرائيل حيث يقول جل جلاله في الآية الثالثة عشرة من سورة المائدة:
"فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{۱۳}".
أيها الاخوة والأخوات، ونلاحظ في الآيات الكريمة أمراً لسيد المرسلين- صلى الله عليه وآله- بالتحلي بهذا الخلق الكريم مع أخطاء المسلمين أيضاً، حيث يشير تبارك وتعالى في الآية التاسعة والخمسين بعد المئة من سورة آل عمران الى أن العفو من مظاهر الرحمة الإلهية فيقول: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ".
اعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، وبين أيدينا كثير من الآيات والأحاديث الشريفة المتحدثة عن خلق (العفو) نوكل التدبر فيها الى لقائنا القادم بأذن الله من برنامجكم معالي الأخلاق، شكراً لكم ودمتم سالمين.