لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها دعاء الغيبة وهو الدعاء الذي وردت التوصية بقراءته بعد فريضة العصر من يوم الجمعة لندب شخصية العصر الامام المهدي(ع) وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا الى مقطع جديد ورد فيه «فانه عبدك الذي استخلصته لنفسك وارتضيته لنصر دينك واصطفيته بعلمك ...الخ».
ان هذه السمات التي خلعها الدعاء على شخصية الامام المهدي(ع) تتضمن جملة نكات حيث وصفه النص بانه(ع) عبد الله تعالى قد استخلصه الله تعالى لنفسه وارتضاه لدينه واصطفاه بعلمه، ويجدر بنا الان ان نحدثك عن هذه السمات واستخلاص نكاتها ...
ان السمة التي خلعها الدعاء على الامام(ع) وهي السمة الرئيسة في شخصيته عليه السلام هي انه(ع) عبد وان العبد هي ارقى واشرف واقدس سمة يطلقها على عباده الم يخلع هذه الصفة على محمد(ص) فيقول سبحانه الذي اسرى بعبده ... الم يطلقها تعالى على انبيائه عليهم السلام واذكر عبدنا ايوب، وقوله تعالى: «نعم العبد انه اواب» ومثل «واذكر عبادنا ابراهيم واسحاق ويعقوب...الخ». من هنا نستخلص بان العبد هي السمة الاعلى للشخصيات التي اصطفاها الله تعالى ومنها شخصية الامام المهدي(ع)وسائر الائمة عليهم السلام والنكتة التي ينبغي ملاحظتها هي ان النص قال: «فانه عبدك الذي استخلصته لنفسك»، ان هذه العبارة لها دلالاتها ونكاتها العميقة بلا شك فهي بعد ان تصف الامام المهدي(ع) بانه عبد لم تكتف بذلك بل اضافت الى ذلك من الاوصاف ما يجعل قارئ الدعاء منبهراً امام الشخصية التي استخلصها الله تعالى لنفسه، انه تعالى وسم هذه الشخصية بانه عبد اولاً ثم وسمها بالعبد الخاص وليس العبد العام وهو انه عبد استخلصه الله تعالى لنفسه، ان قارئ الدعاء مدعو الى التأمل العميق حيال السمة المذكورة أي انه تعالى استخلص الامام المهدي(ع) لنفسه وهل ثمة درجة اعلى من ان العبد يستخلصه خالقه لنفسه في اداء مهمته الاجتماعية وهي اقامة وتأسيس دولة العدل بعد ان ملئت الدنيا جوراً؟
ليس هذا فحسب بل نجد ان هذا المقطع من الدعاء يضيف من السمات او الاوصاف ما يعمق قناعة قارئ الدعاء بضخامة المسؤولية التي عهدها الله تعالى الى امام العصر(ع) حيث اضاف الى سمة الاستخلاص لله تعالى سمة ارتضائه لنصر دينه، ونكرر هنا نفس التساؤل وهل ثمة سمة عظمى هي اعلى من سمة ان يرتضي الله تعالى شخصياً لنصر دينه الذي رسمه للبشرية؟
ثم ثالثاً اليك السمة التي قال النص عنها «واصطفيته بعلمك» ان هذه الصفة تحتاج الى مقدار من التوضيح.
ان عملية الاصطفاء تعني اختيار الصفو او الخالص من الظواهر وعندما يصطفي الله تعالى احد عباده لممارسة دوره الاجتماعي في المجتمع البشري فهذا يعني انه تعالى قد انتخب شخصية لا يشوبها البتة أي جانب سلبي بل أي جانب حيادي بقدر ما هي خالصة من كل ما لا يرتبط بالخير أي هي الصفوة من البشر وسواه وهذا الموضوع تتضخم درجته حينما نجد ان الدعاء يقرر بان الله تعالى بعلمه قد اصطفى الامام(ع) وليس بعلم الناس مثلاً حتى يمكن مرور الخطأ خلاله.
اذن وصف شخصية العصر(ع) بانها العبد الذي استخلصه لنفسه وارتضاه لنصر دينه، واصطفاه بعلمه هذا الوصف يعد في القمة من التقويم لشخصية العصر(ع) ومن ثم لنا ان نقدر ضخامة عمله الاصلاحي للمجتمعات.
اخيراً نسأله تعالى ان يوفقنا الى الاستشهاد بين يديه(ع) والاسهام في المعركة الاصلاحية والتوفيق لممارسة عملنا العبادي والتصاعد به الى النحو المطلوب.
*******