البث المباشر

شرح فقرة: "مع علمي بان لك السلطان والقدرة"

الأحد 15 سبتمبر 2019 - 11:28 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " مع علمي بان لك السلطان والقدرة " من دعاء عصر الغيبة.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الذي يتلى في زمن الغيبة (غيبة الامام المهدي(ع))، حيث حدثناك عن جملة مقاطع منه، ومن ذلك المقطع القائل: (اللهم اني أسالك ان تريني ولي امرك ظاهراً نافذ الامر، مع علمي بان لك السلطان والقدرة والبرهان والحجة والمشية والحول والقوة ...).
لقد حدثناك عن هذا المقطع واوضحنا في حينه الفارق بين ما ورد فيه من المصطلحات التي تتحدث عن سمات القدرة والقوة والحول لدى الله تعالى، وصلة ذلك بالحكمة التي تقدر مدى ذلك بالنسبة الى ظهور الامام(ع)، وموفقية قارئ الدعاء الادراك الظهور والمشاركة في معركة الحق وفي حينه قلنا ان مصطلحات القدرة والقوة والحول مع انها متماثلة الى حد ما او متشابهة فانها تختلف في دلالاتها من واحدة الى اخرى اما الآن فنحدثك عن المصطلحات الاخرى التي وردت في المقطع المتقدم ومنها عبارة السلطات فماذا تعني هذه العبارة؟ 
السلطان تعني التحكم في الشيء أي التسلط عليه او الهيمنة .. طبيعتاً قد تسأل فتقول اذن ما الفارق بين هذه العبارة وبين ما لاحظناه من العبارات التي تتحدث عن القدرة والقوة والحول؟ الاجابة عن السؤال المتقدم تتضح تماماً اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان السلطان هو اعم من القدرة والقوة والحول من حيث الهيمنة على الشيء ولذلك فان المقطع الذي يقر بأن لله تعالى السلطان وسائر مظاهر التمكن من قوة وقدرة او كلية ثم يقدم عبارات تجسد مظاهر متنوعة ففي التجربة البشرية مثلاً نجد ان السلطان هو المتحكم في المملكة من حيث تسلمه لمقاليد الحكم، واما المقاليد فمتنوعة كالسلطة التنفيذية والقضائية ... وفي ميدان سلطنة الله تعالى فان الموقف يتحدد في انه تعالى لا تنفصل صفاته عن بعضها الآخر، بل ان كل صفة هي عين الصفة الاخرى ولكنها جميعاً تتنوع تبعاً لما يتطلبه موقف او آخر فمثلاً نجد ان الله تعالى في سورة الناس يصف ذاته المقدسة بانه "رب" ويصفها بانه "ملك" ويصفها بانه "الله" فيقول "قل اعوذ برب الناس / ملك الناس / اله الناس.." مع ان الصفات الثلاث "رب، ملك، اله" تصب في ذاته المقدسة التي تعني سلطته في المجالات جميعاً من حيث المعبودية والتدبير والحكم.
يبقى ان نشير الى سمة او ظاهرة ترتبط بدورها مع الظواهر السابقة ونعني بها المشية او المشيئة حيث لاحظنا المقطع بانه يقرر بان لله تعالى القدرة والقوة والحول والسلطنة والمشية في جعلنا نحن قراء الدعاء المذكور موفقين في ادراك ظهور الامام(ع) ... وحينئذ من حق قارئ الدعاء ان يحرص على معرفة السمة الاخيرة المرتبطة بمظاهر "التحكم" في الموقف وهي المشيئة ...
وفي هذا السياق نعتقد ان قارئ الدعاء بمقدوره ان يحدد بشيء من الوضوح دلالة ما تعنيه كلمة المشيئة من معنى، وهو ان هذه الكلمة ترتبط بمفهوم الاشارة أي اذا شاء الله تعالى ان يرينا ولي الامر ظاهراً نافذ الامر فله ذلك وهذا يعني في التجربة البشرية مثلاً ان من يمتلك طاقة على الشيء ويمتلك وسيلة لتحقيق الشيء ويمتلك سائر ما يمكنه من تحقيق الشيء فان اشاءته أي انتخابه لزمان ومكان التحقيق يسمح لذلك الشيء بان يتحقق والامر كذلك اذا نقلنا هذا المعنى البشري الى المساحة القدسية لله تعالى حيث ان تحقيق ما توسلنا بالله تعالى من اجل توفره، أي التوفيق لادراك الظهور والاسهام في المعركة مع الامام(ع) انما يتوقف على اشاءته بتحقيق ذلك بصفة ان ما شاء الله تعالى كان وما لم يشأ لم يكن.
اخيراً تبقى سمتان هما البرهان والحجة حيث ان المقطع ربط قضايا القوة والقدرة والحول والمشيئة والسلطان بقضيتين البرهان والحجة ايضاً فجعلهما في مقطع واحد ليدلل بها على ان التوفيق لادراك ظهور الامام(ع) متوقف على الظواهر المذكورة وهو امر نحدثك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى بن يوفقنا لادراك ما نتطلع اليه وهو ظهور الامام(ع) والاسهام في معركته الاصلاحية او التوفيق لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة