البث المباشر

الاعتراف بالذنب والرجاء لعفو الله عزوجل

السبت 7 سبتمبر 2019 - 10:14 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " الاعتراف بالذنب والرجاء لعفو الله عزوجل " من دعاء المحراب.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة وما تتضمنه من اساليب التعبير ونكاته،.. ومن ذلك: ما حدثناك عنه في لقاءات سابقة عن احد الادعية، وهو الدعاء الذي يتلى في محراب الامام علي(ع) بمسجد الكوفة، حيث ورد فيه: (الهي جاءك العبد الخاطئ فزعاً مشفقاً ورفع اليك طرفه حذراً راجياً، وفاضت عبرته مستغفراً نادماً)...
هذا المقطع من الدعاء يتضمن ثلاث صور، احداها صورة العبد الخاطئ الفزع المشفق، وهي صورة حدثناك عنها في لقائنا السابق،... واما الصورة الثانية فهي عبارة "ورفع اليك طرفه حذراً راجياً".... وهي ما نحدثك عنها الآن...
نذكرك بان حديثنا عن هذا الدعاء منصبٌّ على ملاحظة الصلة بين الحالة الداخلية لقارئ الدعاء وبين انعكاساتها على الملامح الخارجية له... وهنا تلحظ بوضوح ان صورة الدعاء في ملمحها الخارجي هي "رفع الطرف" أي: النظر الى الاعلى، .. واما الصورة الداخلية فهي: الحذر والرجاء... والسؤال الان هو: ماذا نستخلص من الصورة المذكورة من خلال الملمح الداخلي والخارجي لها؟... هذا ما ينبغي ان نحدثك عنه..
الصورة الخارجية هي ـ كما قلنا ـ النظر الى الاعلى وهي ترمز بذلك الى النظر الى الله تعالى.. أي: التوجه اليه تعالى... ولا نحتاج الى توضيح هذا الرمز، مادام النظر الى الاعلى يرتطب بالله تعالى: الذي هو الاعلى على الخلائق.. ولكن التوضيح يفرض ضرورته علينا بالنسبة الى ملاحظة الصلة بين هذا الملمح الخارجي "أي: رفع الطرف" وبين خلفياته الداخلية...
فما هي هذه الخلفيات الداخلية؟
ان رفع الطرف الى الاعلى وهو الملمح الخارجي لشخصية قارئ الدعاء يرتبط بحالتين هما: الحالة السابقة على رفع الطرف والحالة اللاحقة به... وقد تسألنا عن النكتة الكامنة وراء تلك الحالتين، فنقول: الحالة الاولى تتمثل في صورة سابقة هي "الهي جاءك العبد الخاطئ فزعاً مشفقاً" واما الحالة الثانية اللاحقة تتمثل في صورة "حذراً راجياً"... وبأسم اكثر وضوحاً نحن الان امام حالة ابتدائية هي: ان قارئ الدعاء وهو عبد لله تعالى، وقع في الخطيئة، ولذلك اصبح خائفاً بشدة، وراثياً مشفقاً على نفسه: بسبب خطيئته... والان مع احساسه بهذه الحالة ماذا نتوقع منه؟! انه يتجه بطبيعة الحال الى "سيده" الى الله تعالى.. ولابد ان يكون خائفاً بشدة وليس بنحو عادي: ما دام عبداً، ثم لابد وان يشفق على نفسه الضعيفة... ولذلك لاماص له من ان يتجه الى الله تعالى.... ولكن ماذا نتوقع من العبد وهو يتجه الى الله تعالى عبر الاحساس بخطيئته؟... 
هذا ما انعكس اثره على الحالة الثانية؟ وهي: الحذر والرجاء ... ولكن لماذا هذان الاثران؟
واضح ان النصوص الشرعية طالما تؤكد لنا "وهذا ما طرحناه في لقاءات سابقة بان العبد ينبغي ان يبقى طوال حالاته مطبوعاً بسمتين هما: الخوف والرجاء، فلو جاء بعبادة الثقلين فان الخوف من العتاب ينبغي ان يحياه،.. ولو جاء بذنوب الثقلين فان الرجاء من عدم العقاب والرجاء برضاة الله تعالى ينبغي ان يحياه... وفي حينه اوضحنا لك الاسرار النفسية الكامنة وراء هذا التأرجح بين الخوف والرجاء من حيث كونه يجعل الشخصية غير يائسة وغير معجبة بذاتها او مطمئنة، وذلك اذا قدر لها ان تخاف ابداً فان اليأس سيحجزها من متابعة الطاعة، واذا قدر لها ان تعجب ببنائها وتطمئن، فان ذلك سيحجزها عن متاعبة المزيد من الطاعة بل تتوقف عنها... والآن مع ملاحظتنا لهذه الحالة النفسية نجد ان العبد الذي رفع طرفه الى الاعلى قد طبعته هاتان الحالتان، فهو من جانب "حذر يخشى من عقاب الله تعالى" وهو من الجانب الآخر "راج يتوقع المغفرة من الله تعالى"...
اذن اتضح تماماً ماذا قصده الدعاء عندما رسم الحالة الاولى وهي الحذر والحالة المواكبة لها وهي الرياء... لكن الامر لم يقف عند هذا الرسم لحالة العبد الخاطئ الرافع طرفه والحذر الراجي بل ان الدعاء رسم لنا صورة ثالثة، نحدثك عنها في لقاءنا اللاحق ان شاء الله تعالى.
اخيراً: يتعين علينا ان نذكّر انفسنا جميعاً بضرورة ان نستثمر تلاوة الدعاء المذكور وذلك بمحاسبة انفسنا، وتدريبها على ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة