البث المباشر

شرح فقرة: "مطلعاً على الضمائر، عارفاً بالسرائر، ..."

الإثنين 29 يوليو 2019 - 08:15 بتوقيت طهران

لازلنا نتحدث عن الادعية المباركة ومنها: دعاء الامام المهدي (عليه السلام) الخاص بقراءته في يوم عاشوراء، حيث حدثناك عن بدايته المتضمنة جملة ظواهر ترتبط بتوحيده تعالى وبربوبيته، حيث تختم بدايته اي المقطع الاول من الدعاء بعبارات (لا تتصور الانفس معاني كيفيته)، الى ان يقول: (مطلعاً على الضمائر، عارفاً بالسرائر، يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، ...).
هذه العبارات تحفل بجملة نكات نحرص على توضيحها مادمنا حريصين على قراءة الادعية ومعرفة دلالاتها الدقيقة، اذن لنتحدث من هذه الجوانب.
العبارة الاولى تشير الى انه تعالى مطلع على الضمائر، والثانية تقول بانه تعالى (عارف بالسرائر)، فهنا نواجه عبارتين كل واحدة تتضمن مفردتين وكل من المفردتين تتجانسان مع الاخريين ولكن مع وجود الفارقية بطبيعة الحال، ونقف عند ذلك، فنقول: العبارة تقول: (مطلعاً علي الضمائر) فهنا نواجه عبارة: (مطلع) وعبارة: (الضمائر) بينما نجد في الجملة الثانية وهي: (عارفاً بالسرائر) نفس المضمون ولكن بعبارتين اخريين، فالقارئ العادي مثلاً يقول: (ما هو الفارق بين مطلع وبين عارف، ثم بين(الضمائر) وبين (السرائر)؟ الا ان الملاحظ الواعي العارف بأساليب المعصومين (عليهم السلام) متيقن بان المعصوم لا يستخدم (المترادف) من الالفاظ لان ذلك بمثابة (عبث) يجل المعصوم عن ذلك، اذن مالذي نستخلصه من الفارقية بين: (المطلع على الضمائر) و(العارف بالسرائر)؟ بالنسبة الى الفارق بين (الضمائر) وبين (السرائر) هو: ان (الضمائر)، تعني: باطن الانسان بنحو عام، اما (السرائر) فتتجاوزها الى (النية) التي يسرها الشخص.
اذن ثمة فارق بينهما، وقد تسأل: ما هي النكتة في هذا الفارق؟
الاجابة: النكتة هي ان الله تعالى يطلع على مطلق ما هو مخفي عن الناس من الافكار او الخواطر، بينما (السريرة) هي: انه تعالي عارف بنوايا الشخص من حيث انماطها او ايجابها او سلبها، كل ذلك تاكيداً على علمه تعالى المطلق.
واما الفارق بين (الاطلاع) وبين (المعرفة)، فهو: ان الاطلاع يعني: ان ما في باطن الانسان، قد احاط الله تعالى به علماً من خلال قوته القاهرة، والمتعالية بينما (المعرفة بالسرائر) هي تعني: احد اشكال الباطن وهو: النية، اي: ثمة (عام) من الاطلاع على(الباطن)، ثم خاص هو معرفة (النية) التي يسرها الانسان والنكتة هنا هي: ان الله تعالى - كما اشرنا - لاحدود لعلمه.
يبقى ان نشير الى العبارتين اللتين ختم بهما المقطع من الدعاء وهما: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)، هنا نلفت نظرك الى نكتة ثالثة بالنسبة الى الفارق بين (يطلع) و(يعرف) و(يعلم) حيث لاحظنا الفارق بين الاطلاع والمعرفة ونضيف الان ملاحظة او نكتة الفارق بين (العلم) و(المعرفة)، حيث ان قوله (عليه السلام): (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ) انما يعني: مطلق العلم اعم من كونه اطلاعاً او معرفة، ولذلك استخدم الامام مصطلح (العلم) مما هو ظاهر من السلوك وهو (خَائِنَةَ الأَعْيُنُِ) مقابل الباطن من السلوك الذي استتبع استخدام مصطلحي (الاطلاع) و(المعرفة).
يبقي ان نشير الي مصطلح (وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) والفارق بين هذا المصطلح ومصطلح (الضمائر) و(السرائر) و(الباطن) وهو: ان ما (وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) يستخدم قباله ما تعلنه الكلمات فتكون النكتة هي: ان ما لا يعلنه الانسان مقابل اعلانه بالكلمات او الحركات انما هو في سياق آخر هو: لا فارق لدى الله تعالى بين ما يتعمده الانسان من الاخفاء أو ما يعلن عنه، ففي الحالتين ثمة علم مطلق بسلوك الانسان.
وختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الي النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة