البث المباشر

شرح فقرة: "هب لي منك.. الامن يوم الخوف، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 12:15 بتوقيت طهران

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها ادعية الامام المهدي (عليه السلام) حيث حدثناك عن احد ادعيته في تعقيب صلاة الفطر وانتهينا الى مقطع ورد فيه: (هب لي منك عتق رقبتي)، الى ان يقول: (والامن يوم الخوف من كل فزع، ومن كل هول اعددته ليوم القيامة)، ان هذا النص من الدعاء وعدناك في لقاء سابق بالحديث عنه حيث ينطوي على نكات دلالية دقيقة وفي مقدمتها: الفارق بين الخوف والفزع ثم بينهما وبين الهول، ... الخ، ولنبدأ بذلك.
النص المتقدم يتوسل بالله تعالى بأن يمنحنا (الامن) يوم (الخوف) من كل (فزع)، هذا اولاً: ثم ثانياً: الامن من اهوال يوم القيامة، ان قارئ الدعاء لامناص له من معرفة دلالات النص، والا فان عدم الوعي بدقائق الدعاء يظل ابتر دون ادنى شك، لذلك، يتعين ان نفهم لماذا قال النص بأن الله تعالى يمنحنا الامن يوم الخوف من كل فزع؟ الا يعني هذا ان (الخوف) غير (الفزع)؟
ان الخوف هو: الم نفسي من العقاب المتوقع نتيجة الذنب بينما (الفزع) هو: الخوف الشديد او الانقباض او النفار الحاصل للانسان من الشيء المخيف، اذن: الخوف حالة عادية، والفزع حالة غير عادية، وهذا يعني ان الدعاء حينما يقرر او يتوسل بالله تعالى بان يجعلنا في امن من الخوف، يوم القيامة من كل ما هو شديد وغير قابل للتحمل وهو ما ينسحب عليه مصطلح (الفزع)ومنه: الفزع الحاصل عندما ينفخ في الصور كما هو صريح الاية المباركة: «فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ».
ونواجه عبارة (الهول) ايضاً، في فقرة: (من كل هول اعددته)، فالهول هنا يعني: الشدة وهي: اعم من الشدة الخفيفة او الحادة، وبذلك يكون الفارق بين جملة (الامن من الفزع) وجملة (الامن من الهول) هو: ان الفزع يرتبط بالحالة النفسية، بينما الهولهو: ما يرتبط بما هو مخوف ومفزع الخ، من المحركات التي يواجهها الانسان في اليوم الاخر.
بعد ذلك نواجه عبارة: (اعوذ بحرمة وجهك الكريم، وحرمة نبيك، وحرمة الصالحين، ان ينصرم هذا اليوم)، (اي: يوم الفطر) ولك قبلي تبعة تريد ان تؤاخذني، بها او ذنب تريد ان تقايسني به وتشقيني وتنصحني به، او خطيئة تريد ان تقايسني بها أو تقتصها مني لم تغفرها لي…)، ان هذا النص بدوره ينطوي على مصطلحات متجانسة مثل (تبعة)، (وذنب)، (خطيئة) الخ، حيث ان العادي من الكتاب يستخدمها بمعنى واحد، بينما هي في اللغة الشرعية متفاوتة الدلالات من جانب، ومشتركة من جانب آخر، اذن: لنتأمل الفوارق بين الذنب والخطيئة والتبعة.
تقول النصوص اللغوية بأن (الذنب) يطلق على ما يقصد بالذات، بينما الخطيئة تطلق على ما هو بالعرض، وهذا كمن يرمي صيداً فيصيب الانسان، وثمة من يذهب الى ان الخطيئة هي ما بين العبد وبين الله تعالى، وثمة من يذهب ثالثاً الى ان الخطيئةهي الذنب الكبير، ... الخ، واما التبعة فهي: السلوك الذي تترتب عليه المسوولية عما يمارسه العبد، وبذلك نصل الى حقيقة مفادها: ان النص يتناول مطلق ما يجسد سلوكاً سلبياً في مختلف درجات السلب، حيث نعرف تنوع المفارقات من جانب ودرجاتها من جانب آخر، بينما الاهم من ذلك هو اننا نتوسل بالله تعالى ان يغفر لنا كل مفارقة وكل سلوك سلبي وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة