البث المباشر

شرح فقرة: "وفيه حكمك وشرائع دينك" (۱)

السبت 30 أكتوبر 2021 - 19:11 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح أدعية الإمام الصادق: الحلقة 13

 

بسم الله والحمدلله ذي الفضل والانعام الذي هدانا للتمسك بعروة النجاة الوثقى وحبل رحمته المتين، كتابه الفرقان المبين وأهل بيت رسوله سيد المرسلين صلوات الله عليه وآله الطاهرين.

السلام عليكم اخوتنا المستمعين ورحمة من الله وبركات.... أطيب التحيات نحييكم بها في مطلع حلقة جديدة من هذا البرنامج نتأمل فيها معاً في فقرة اخرى من فقرات المقطع الاول من الدعاء المستحب التوجه به الى الله عزوجل قبل البدء بتلاوة ما تيسر من كتابه العزيز، وهدفنا التعرف الى الامور التي ينبغي رعايتها للفوز بالبركات المرجوة من المائدة القرآنية المعطاء، نتبرك أولاً بقراءة المقطع الاول من هذا الدعاء الشريف المروي عن امامنا جعفر الصادق حيث يقول –صلوات الله عليه-:

"بسم الله، اللهم اني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله، وكتابك الناطق على لسان رسولك وفيه حكمك وشرائع دينك أنزلته على نبيك وجعلته عهداً منك الى خلقك وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك".

تأملاتنا أيها الاحبة في هذا اللقاء هي في فقرة "وفيه حكمك وشرائع دينك"، فما هي الفائدة المرجوة من أن نشهد في محضر الله بهذه العبارة قبل تلاوة كتابه العزيز؟

في الاجابة عن السؤال نقول: ان من أهداف تذكير من يريد تلاوة القرآن الكريم لحقيقة ان فيه حكم الله وشرائع دينه، حثه على أن يبحث وهو يتلو الآيات الكريمة عما فيها من حكم الله وشرائع دينه، تحصيلاً للمعرفة بذلك او ترسيخاً لهذه المعرفة.

وواضحٌ ان لهذه المعرفة تحصيلاً او ترسيخاً اثرها المهم في تقوية تعبد المؤمن لربه الجليل في جميع شؤونه، لان التسليم لحكم الله والعمل بشرائع دينه هو المظهر العملي لتوحيده وعبوديته جل جلاله:

وتهدينا النصوص الشريفة الى أن جعل الله عزوجل حكمه في كتبه السماوية هو سنة ثابتة في جميع رسالاته لا تختص بالرسالة المحمدية الخاتمة ومعجزتها سيد الكتب السماوية والميهمن عليها جميعاً القرآن الكريم، لذلك ينبغي ان تكون مصاديق تضمنه لحكم الله أوسع وأشمل.

وهذه حقيقة مشهودة في كثير من الآيات الكريمة نتدبر في نموذج منها فيه احتجاج الهي بليغ على منحرفي اليهود، ابقوا معنا:

مستمعينا الافاضل، النموذج القرآني الذي أشرنا اليه يبدأ بالآية الحادية والاربعين من سورة المائدة وهي تشير الى انحراف بعض اليهود عن حكم الله بتحريف حقائق التوراة، قال عزوجل:

"وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ"

ويقول عزوجل في جزء من الآية الثانية والاربعين وبعد ذلك الآية الثالثة والاربعين من السورة نفسها "فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ- وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ"

وواضحٌ من هذا النص القرآني أن اعراض منحرفي اليهود عن التحاكم الى رسول الله –صلى الله عليه وآله- هو فرع اعراضهم عن القبول والتسليم بحكم الله الموجود في التوراة، وبعد بيان هذه الحقيقة تثبت الآية اللاحقة حقيقة ان علامة صدق التسليم لله هو القبول بحكمه عزوجل والذي تضمنته كتبه المقدسة وبه يحكم انبياؤه عليهم السلام، قال تبارك وتعالى في الآية اللاحقة وهي الرابعة والاربعين: "إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" ثم تذكر الآية اللاحقة اي الخامسة والاربعين من سورة المائدة نموذجاً في حكم الله بشأن القصاص المذكور في التوراة لتصرح في نهايتها ان من لم يحكم بما انزل الله فهو من الظالمين فضلاً عن كونه من الكافرين.

ايها الاخوة والاخوات، وبعد تثبيت حقيقة ان من يحكم بما انزل الله في كتبه السماوية هو من الكافرين والظالمين يسجل النص القرآني المتقدم صفة ثالثة لمن لا يحكم بما أنزل الله عزوجل هي الفسق مؤكداً ان القرآن الكريم هو المهيمن على جميع الكتب السماوية في بيان حكم الله، قال تبارك وتعالى في الآيات الثلاث اللاحقة اي السادسة والاربعين الى الثامنة والاربعين من سورة المائدة:

"وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ-وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ- وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ"، الى قوله تعالى "بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" (سورة المائده٤۸).

وعلى ضوء هذه البيانات القرآنية، نرجع الى سؤال حلقة اليوم لنلخص الاجابة عنه بأن تذكير هذا الدعاء الشريف من يريد تلاوة ما تيسر من الآيات الكريمة بان فيما يتلوه حكم الله وهو تحفيز له لكل ما يبحث فيه عن هذا الحكم المقدس في الموضوع الذي يتحدث عنه النص الذي يتلوه لكي يقوي عمله به في مختلف شؤون حياته وفي ذلك النجاة من مختلف مراتب الكفر والظلم والفسوق.

نشكر لكم ايها الاكارم كرم الاصغاء لحلقة اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة)، ولكم دوماً خالص الدعوات من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، دمتم في امان الله ورعايته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة