خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان السلام عليكم
تحية الحب والمودة والوفاء محملة بعبق الشعر وسحر القوافي وأريج القصائد نبعثها اليكم ونحن نلتقيكم في رحاب واحة غناء أخرى من واحات الشعر العربي عبر برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد آملين أن تقضوا معنا دقائق حافلة بكل ماهو ممتع للنفس ومفيد للذهن والعقل عند قطاف آخر جنيناه لكم من تلك الواحة، رافقونا أيها الأحبة.
المحاورة: كثير هم الشعراء المقلون والمبدعون في ذات الوقت وربما كان هذا الإقلال في نظم الشعر واحداً من عوامل إبداعهم وخلود أشعارهم ذلك لأنهم ركزوا في أشعارهم القليلة هذه خلاصة مواهبهم الشعرية وإعتصروا كل ما يتمتعون به من قدرات على الإبداع الفني، ومن بين هؤلاء الشعراء الذين تستوقفنا نتاجاتهم بسمو معانيها وصورها الفنية الساحرة والحاملة على الإعجاب الشاعر المصري المعاصر طاهر أبو فاشا الذي تميز بأشعاره بنزعته الدينية والصوفية التي أسعفتها ثقافة لغوية واسعة وقريحة شعرية ثرة وإتجاه رومانسي حالم يستحوذ على الشعور ويحمل المتلقي على مشاركة الشاعر عاطفياً في تجربته الوجدانية. وفي الحقيقة فإن أشعار أبو فاشا السائرة على هذا النمط كثيرة يحفل بها ديوانه ولكن هناك قصيدة تستوقفنا من بين تلك الأشعار بأسلوبها المؤثر وصياغتها الجميلة الموحية فضلاً عن إيقاعاتها الموسيقية التي كانت بمثابة المفتاح الذي تلج القصيدة بواسطته القلوب دونما عناء، فلنستمع مستمعينا الكرام بعد الفاصل الى مقطع من القصيدة قبل أن يجمعنا اللقاء بخبير البرنامج.

حانة الأقدار عربدت فيها لياليه

ودار النور والهوى صاحي

هذه الأزهار كيف نسقيها وساقيها

فيها مخمور كيف ياصاح

سألت عن الحب أهل الهوى

سقاة الدموع ندامي الجوى

فقالوا حنانك من شجوه

من جده بك او لهوه

ومن كدر الليل او صفوه

سل الطير إن شئت عن شدوه

ففي شذوه همسات الهوى

وبرح الحنين وشرح الجوى

المحاورة: نعم أيها الأحبة عودنا الدكتور سعدي الشحمان بحضوره معنا في الستوديو في كل أسبوع وها هو ذا يشرفنا بلقاءه كدأبه في كل مرة ليغني البرنامج بالمعلومات المختلفة حول القصائد والشعراء، أرحب بك دكتور
الشحمان: حياكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة وشكراً لهذا الحضور دكتور
الشحمان: حياكم الله وايضاً أنا يسرني أن ألتقيكم من جديد في هذه الحلقة الجديدة من البرنامج
المحاورة: هذا من دواعي سرورنا، دكتور اليوم نتحدث عن الشاعر المصري المعاصر طاهر أبو فاشا وأسلوبه الشعري وهو أسلوب القصيدة الحالمة التي تشيع فيها الأجواء الصوفية، هذا الأسلوب الذي ميز الشاعر عن الشعراء المعاصرين الآخرين.
المحاورة: الشاعر طاهر أبو فاشا يعتبر من الشعراء المتميزين من أبناء جيله. كان شاعراً متعدد المواهب كان يجمع بين نظم الشعر وبين الثقافة اللغوية الواسعة والعميقة ومعرفة اللغة العربية وأسرارها وكان ذا قدرة فريدة من نوعها في إختيار الألفاظ ووضعها في مكانها ولعل هو هذا السبب الذي جعله موهوباً في مجال نظم الشعر ثم قلة الأشعار التي نظمها. وكان يعمل ايضاً في مجال التأليف الاذاعي وقدم للإذاعة الكثير من القصص والمسلسلات والتمثيليات وايضاً كتب المسرحيات وكلنا يعلم وسمعنا عن مسلسل ألف ليلة وليلة الذي كانت تبثه الاذاعات العربية والذي بلغ ثمانمئة حلقة وكلنا كنا نشاهد هذا المسلسل الشيق والممتع الذي كان يكتبه الشاعر طاهر أبو فاشا
المحاورة: وله دواوين شعرية مختلفة
الشحمان: نعم سوف نذكرها، اذن كان شمولي المواهب في الحقيقة، كان اديباً وشاعراً وكان قاصاً وباحثاً وكان كاتباً درامياً وكاتباً مسرحياً ايضاً في نفس الوقت. في الحقيقة ولولا قلة أشعاره لكان أصبح من اعظم شعراء جيله ..
المحاورة: من الناحية الشعرية صحيح دكتور أنه الشاعر طاهر أبو فاشا مقل ولكنه مجيداً اذا صح التعبير
الشحمان: نعم كان مجيداً ولكن كما نعلم كمية النظم، كثرة او قلة النظم ايضاً له بعض التأثير على مكانة الشاعر وشهرته. على كل حال من ناحية الخصائص الشعرية لطاهر ابو فاشا يعتبر من الشعراء حاضري البديهة وكما أشرنا كان يمتلك ثقافة تراثية واسعة في مجال اللغة وفي مجال تاريخ التصوف. ظهرت تأثيرات كثيرة في شعره، ظهرت تأثيرات المدرسة المحافظة الكلاسيكية والتجديد الذي أتت به مدرسة الديوان وكذلك مدرسة أبولو التي شهدت قصيدة التفعيلة. وايضاً لابأس أن نذكر أن طاهر أبو فاشا بالإضافة الى أشعاره الصوفية الرائعة والجميلة الى أبعد الحدود كان من الشعراء القلائل الذين بادروا الى رثاء زوجاتهم لأنه خصص ديواناً كاملاً لرثاء زوجته يحمل العنوان "دموع لاتجف" بالإضافة الى بعض القصائد التي رثا بها ابنه. وكما ذكرت له الكثير من الاثار والدواوين الشعرية وتشير فقط الى آثاره الشعرية ومنها "صورة الشباب" والتي أصدرها عام ۲۸ و"الأشواك" و" القيثارة السحرية" و"راهب الليل" و"اليالي" و"دموع لاتجف" وما الى ذلك بالإضافة الى أنه أصدر العديد من الكتب والدراسات الأدبية. من بين الأشعار التي نظمها بالإضافة الى القصيدة التي تفضلتم بقراءة أبيات منها له ايضاً قصيدة جميلة ومؤثرة جداً رثاء ولده يقول فيها:

كم ذا ألاقي من الأيام ياولدي

ولاأراك يوماً اذا مددت يدي

خوفي عليك وخوفي منك يملأني

رعباً من اليوم موصولاً برعب غدي

هذا الذي كنت أرجوه ليحملني

فصرت أحمله شيخاً بلا جلد

الشحمان: وله ايضاً هذه الأبيات التي نحفظها كلنا ونعرفها كلنا، الأبيات العرفانية والصوفية الرائعة التي يقول فيها:

عرفت الهوى منذ عرفت هواك

وأغلقت قلبي عمن عداك

وقمت اناجيك يامن ترى

خفايا القلوب ولسنا نراك

الشحمان: ثم يضيف هذا البيت المنسوب الى رابعة العدوية:

أحبك حبين حب الهوى

وحباً لأنك أهل لذاك

وأترك لك لكي تقرئي بطريقتك الرائعة المزيد من أبيات القصيدة
المحاورة: شكراً جزيلاً بك دكتور، وعلى ما يبدو دكتور حصل هذا الشاعر على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام ۱۹۸۸ بعد أن رشحته للحصول عليها كل من جامعة الزقازيق وجمعية الأدباء.
الشحمان: نعم معلومة صحيحة والشاعر هو نفسه يثبت موهبته في الحقيقة.
المحاورة: نعم شكراً جزيلاً لهذه الإيضاحات. مستمعينا الكرام نأخذ فاصل ثم نواصل حديثنا عن شاعر هذا الأسبوع طاهر أبو فاشا.
المحاورة: لنرى الآن ماذا سيكون جواب الطير للشاعر بعد أن وجهه أهل الهوى لسؤاله عن الحب وأسراره ومكنوناته عسى ان يقدم له الإجابة الشافية بشأن الأسرار التي تحيط العشق من الغموض والإبهام وتجعله حالة غير منطقية في الظاهر لغياب العقل والمنطق وحلول القلب بعواطفه وأحاسيسه في خلق هذه الحالة. فلنصغي أيها الأحبة الى مايعبر عنه الشاعر في هذا المجال.

ورحت الى الطير أشكو الهوى

وأسأله سر ذاك الجوى

فقال: حنانك من جمره

ومن نهيه فيك او امره

ومن صحو ساقيه او سكره

سلي الليل إن شئت عن سره

ففي الليل يبعث أهل الهوى

وفي الليل يكمن سر الجوى

ولما طواني الدجى والجوى

لقيت الهوى وعرفت الهوى

ففي حانة الليل خماره

وتلك النجيمات سماره

وهمس والنسائم أسراره

وتحت خيام الدجى ناره

وفي كل شيء يلوح الهوى

ولكن لمن ذاق طعم الهوى

المحاورة: في النهاية أتقدم بالشكر الجزيل لك دكتور لحضورك ولهذه الإيضاحات حول شاعرنا لهذه الحلقة طاهر أبو فاشا
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: وأشكركم مستمعينا الكرام لطيب إستماعكم لبرنامج سير القصائد حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في أمان الله.