البث المباشر

المقاتل الحسينية -۱۷

الأربعاء 12 يونيو 2019 - 09:41 بتوقيت طهران
المقاتل الحسينية -۱۷

الحمد لله الملك الحقّ المبين، وافضل الصلوات علي خاتم الانبياء والمرسلين، وعلي آله الهداة الميامين.
من وصيّةٍ للامام امير المؤمنين (عليه السلام) لوليه الحسن المجتبي (عليه السلام)، قال له فيها: «ايْ بُنَيْ، انّي - وانل لم اكن عمرت عمر من كان قبلي - فقد نظرت في اعمالهم، وفكّرت في اخبارهم، وسرت في آثارهم، حتّي عدتُ كاحدهم ف بل كانّي - بما انتهي اليّ من امورهم - قد عمرت مع اولهم الي آخرهم، فعرفت صفْو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره...».
فالتاريخ عبر، والوقائع مواقف، والمطالع للحوادث والسيّر مع الاعتبار انسان ٌ منتفعٌ مستفيد. ومن هنا كانت الضرورةُ للكتابة التاريخ، ثمب مراجعته والوقوف علي مجرياته، لاخذ العبرة، واتّخاذ الموقف في الجوانب العقائديّة والفكريّة والرسالية. ومن هنا ايضاً كانت الضرورة لتدوين مقتل الامام ابي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه)، فمن خلال ذلك المقتل تطلّع الاجيال علر حقائق مهمّة، يعرف من خلالها الحقّ من الباطل، والمحقق من المبطل، والظالم من المظلوم، والغاصب من المغصوب. كما تعرف القيم الانسانية والدينية من النزعات الحيوانية الوحشية. فالمقتل الشريف لسيّد الشهداء الامام الحسين بن عليّ عليهما السلام، يحمل الشهادة والاخلاق والاهداف التي نهض بها الاسلام علي يد رسول الله صلّي الله عليه وآله، كما يصوّر حالاتٍ اسمي في العبوديّة لله تبارك وتعالي، والسفر الي الباري جلّ وعلا واعلي الطاعات واشرف الفداء، وكان الاجدر لكلّ ذاك هو الامام ابو عبد الله الحسين (صلوات الله عليه)، فكانت الشهادة وكان المقتل، وكانت قصّة كربلاء، ولوحة عاشوراء.
انّ من المقاتل الشريفة التي دوّنت في كتب التاريخ، ما كتبه المؤرخ الشهيد ميرزا محمد تقي سپهر، المعروف بـ"لسان الملك"، وذلك في موسوعته التاريخيّة الكبري المسماة بـ"ناسخ التواريخ"، دوّنه مؤلفه سپهر باللّغة الفارسيّة، وقد ترجم القسم المتعلّق بحياة الامام الحسين (عليه السلام) فضيلة السيّد علي جمال اشرف مع تحقيقٍ وتخريجٍ لمصادره، جعله في اربعة اجزاء ضمّها مجلّدات.
مستعينين بصاحب كتاب ( الذريعة ) المرحوم آقا بزرك طهرانيّ، حيث قال ضمن تعريفه: "ناسخ التواريخ" فارسيٌ مبسّطٌ مطوّل، للاديب المطلع الخبير، مستوفي الديوان، ميرزا محمد تقي الكاشاني، مقيم طهران، والمقلّب بـ"لسان الملك" والمعروف بـ"سپهر"، المعمّر نيّفاً وثمانين سنة، والمتوفّي سنة 1297 هجريّة.م شرع في تحرير "ناسخ التواريخ" في اواسط سلطنة محمّد شاه بن عباس ميرزا ابن فتح علي شاه القاجار سنة 1258 هجريّة:
الاول: يضمّ حوادث ما قبل الهبوط، الي ولادة المسيح (عليه السلام).
والثاني: من ولادة المسيح (عليه السلام) الي الهجرة النبوية امّا كتابه الثاني، فقد خرج منه وقائع ما بعد الهجرة في ستّة مجلّدات:
الاول: في وقائع زمان النبيّ (ص) من الهجرة الي الوفاة.
الثاني: في من حكم بعد النبيّ (ص).
الثالث: في احوال امير المؤمنين (عليه السلام) وما وقع في زمانه.
الرابع: في احوال فاطمة الزهراء عليها السلام.
والخامس: في احوال الامام الحسن (عليه السلام).
اما المجلد السادس: فيختصّ باحوال الامام الحسين (عليه السلام).
وهذا المجلد هو الذي اعتني فضيلة السيّد علي اشرف بترجمته الي اللّغة العربية مع التحقيق، ليخرج في مجلّدين يضمّان اربعة اجزاء تعني بحياة سيّد الشهداء الحسين (عليه السلام)، تبدأ بذكر بدو خلق الحسين وخلق نوره، وتنتهي بشهادة الامام الحسين (عليه السلام) ومراثيه وبعض احواله وشؤونه وكلماته الشريفة.
والآن نحاول التعرّف علي المؤلف، بعد ان تعرّفنا علي المؤلّف. فنقرأ في كتاب ( اعيان الشيعة ) للسيّد محسن الامين هذه العبارات: الميرزا محمد تقي خان الكاشاني في الملقّب بـ"لسان الملك" والمتخلص بـ"سبهر". كان فاضلاً، متبحّراً، اديباً، بصيراً، مطّلعاً خبيراً، له: كتاب (اسرارا الانوار في مناقب الائمة الاطهار)، وغيره وله "ناسخ التواريخ" فارسيّ كبير في غاية البسط وكان عزم المؤلّف اتمام تواريخ الائمة (عليهم السلام)، فعاجله اجله المحتوم، وتوفّي سنة 1297 هجريّة. وذكر دهخدا في كتابه "لغت نامه" انّه نقل بعد وفاته الي النجف الاشرف، حيث دفن هناك.
هذا هو المقدار الذي عرف عنه، يبقي الكتاب، ما هي يا تري درجةُ وثاقته، وهل هناك من ضعّفه، وايّ شان ٍ لهذا الكتاب في المكتبة التاريخية؟
يقول السيّد علي اشرف مترجمُ الكتاب ومحققه، في مقدّمته: انّ كتاب "ناسخ التواريخ" هو مرجعٌ معتمد عند الكتّاب والمثقّفين والخطباء، وهو - كايّ كتاب - له انصارٌ وله معارضون، بل وله خصومٌ احياناً، ولكنّ "ناسخ التواريخ" - بمقدار ما اطّلعت عليه من المجلّد المتعلّق بحياة الامام الحسين (عليه السلام) - هو كتابٌ موثّق، لا يكاد المؤلف ينقل فيه شيئاً الّا وذكر مصدره، سوي بعض الموارد النادرة جداً. كما ان المؤلف يسند ما ينقله الر المصدر في مواقع ربّما لم نعثره عليه في المصدر المطبوع اليوم، وهذا في الواقع من موارد قوّة الكتاب لا ضعفه، ولم يحصل مثل هذا الّا في موردين فيما كتبه من حياة الامام الحسين (عليه السلام).
يريد المحقق الفاضل السيّد علي اشرف ان يقول: ربّما كانت المصادر المخطوطة لدي المؤلّف اكمل من المصادر التي وصلتنا،‌ وتوفـّرت طباعتها اليوم وهذا موردُ قوّةٍ لا ضعف،‌ لا سيّما وانّ المؤلف لا يغفل عن ذكر المصدر الذي نقل منه، يوم كان ذلك المصدر مخطوطاً وفي حيازته.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة