البث المباشر

المقاتل الحسينية -٥

الأربعاء 12 يونيو 2019 - 08:46 بتوقيت طهران
المقاتل الحسينية -٥

بسم الله وبالله، والحمد لله، وأفضل الصلوات الزاكيات على الحبيب المصطفى رسول الله، وعلى آله اولياء الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرّة أخرى معكم، نواصل حديثنا السابق حول كتاب (مهيّج الاحزان، وموقد النيران، في قلوب اهل الايمان) للشيخ العالم المجتهد حسن بن محمد عليّ الحائري اليزدي. وهذا الكتاب القيّم هو أحد كتب المقاتل المفصلة في شهادة الامام السبط ابي عبد الله الحسن صلوات الله وسلامه عليه.. تلك المقاتل التي ترشحت عن جهود خلقتها الاحزان العميقة على تلك الفاجعة الاليمة، ودفعت بها الهمم الغيورة على الامامة والامام لما كان حلّ يوم عاشوراء، على صعيد طف كربلاء، من وقائع ونكبات رهيبة.. وعجيبة خلفت في النفوس الطيبة كآبة لاتنتهي، ولوعة لا تنقضي، وأسى ممتدا على طول الازمان والدهور يتجدد ويتسع حتى يملأ الآفاق.
ان واقعة كربلاء ليست كوقائع التاريخ طوّقتها مساحات محدودة، وحصرتها ايام معلومة.. بل هي واقعة هزّت الوجدان الانساني، فضلا ً عن الوجدان الاسلامي، ولذلك كان لابدّ أن تُكتب للاجيال تحديثا ً بما جرى على آل الرسول صلى الله عليه وآله.
كانت من تلك الاقلام التي كتبت مقتل الامام الحسين عليه السلام قلم العالم الفاضل الشيخ حسن الحائري، الذي كان وراء كتابه (مهيّج الاحزان) كرامة شهدها لأبي الفضل العباس عليه السلام في رجب عام 1236 هجرية، فألف كتابه هذا عام 1237 هجرية، فطُبع سنة 1284 هجرية، ثم في سنة 1297 هجرية في حاشية كتاب (محرق القلوب).. كتب الشيخ آغا بُزرك الطهراني رحمه الله في معجمه الفاخر (الذريعة.. الى تصنيف الشيعة / تحت الرقم 9057) مُعرفا ً بالكتاب قائلا ً:
(مهيج الاحزان.. للمولى حسن بن محمد علي الحائري، تلميذ السيد محمد المجاهد، والكتاب هذا مُرتب على: مقدمة في آداب التعزية، وأربعة عشر مجلسا ً، من اول خروج الامام الحسين عليه السلام من مكة، الى آخر ورود الركب الحسيني الشريف المدينة. وقد طُبع الكتاب مكررا ً.. وكان المؤلف رجلا ً زاهدا ً عابدا ً).
هكذا كانت فصول الكتاب على هذا النحو:
الاول: خروج سيد الشهداء من المدينة المشرفة الى مكة المعظمة.
الثاني: خروج الامام عليه السلام من مكة الى العراق، ووروده كربلاء.
الثالث: وقائع كربلاء منذ نزلها الحسين عليه السلام الى ليلة عاشوراء.
الرابع: وقائع ليلة عاشوراء.
الخامس: وقائع صبيحة عاشوراء.
السادس: بيان شهادة بعض الاصحاب الكرام.
السابع: شهادة اولاد عقيل، وشهادة القاسم ابن الامام الحسن المجتبى عليه السلام.
التاسع: شهادة المولى علي الاكبر شبيه النبي المختار وفرع حيدر الكرار.
العاشر: قتال سيد الشهداء صلوات الله عليه.
الحادي عشر: وقائع ما بعد شهادة الامام الحسين عليه السلام.
الثاني عشر: ورود قافلة المحنة والالم الى الكوفة.
الثالث عشر: دخول قافلة المحنة والآلام الى الشام.
الرابع عشر: رجوع أهل البيت ودخولهم الى المدينة المنورة.
إن هذا التقسيم لا يخلو من تسلسل زمني محكم، واستعراض تاريخي متسلسل، ويُعد شيئاً جديدا في اسلوب التأليف، لا سيما في وقته. ثم ان المؤلف رحمه الله قد أدخل في فصول كتابه ومجالسه عناوين فرعية، معظمها جديد وملفت للخواطر... كعنوان: المظلومون المشردون، وتمرّد الامة، ولماذا لم ينزل العذاب، وتأثير مصائب الحسين عليه السلام في الكون، وتأملات في مصائب الامام الحسين سلام الله عليه، فضلا ً عن المواضيع العقائدية والتاريخية أدرج فيها روايات شريفة وأخباراً موّثقة كان منها: صرخة جبرئيل عليه السلام يوم عاشوراء، ورؤيا زينب عليها السلام في منزل الخُزيمية، ونظرة الى التقابل بين الدنيا والاخرة، وحرمان عمر بن سعد من ولاية الريّ، ونصر الله تعالى،.. ثم لا تخلو فصول الكتاب من ذكر فضائل اهل البيت عليهم السلام، ومقاماتهم، وفي المقابل يكتب الشيخ الحائري رضوان الله عليه في دناءة اعدائهم، وما كان انزلوه عليهم من المصائب التي لم يُطق الانبياء تحمُّل سماعها.
وهذا الاسلوب الذي نحاه المؤلف هو من سنخ اسلوبه الخطابي بأعتباره رجلا ً واعظاً، من شأنه التنوع في مواضيعه، وطرحها بأسلوب أدبي لا يخلو من الوقفات العقائدية، والتعليقات المُطعمة بالعبر والمغازي، حتى وجدنا فضيلة المحقق السيد علي اشرف منسجما ً مع المؤلف في كتابه، فأطال شيئا ً ما في بعض الهوامش والتخريجات والبيانات، والتعضيدات والتوثيقات من عيون المصادر، وكأن المواضيع المهمة استوقفته فلم يمض معها عجولا ًَ، إنما تأنى فدَّبجها بتعليقات نافعة، وملاحظات مفيدة وقيّمة.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة