بسم الله كلمة المعتصمين وله الحمد رب العالمين وازكى الصلاة واتم التسليم على شجرة النبوة ومعدن الرسالة محمد وآله الطاهرين.
ازكى السلام على قرة عين الناظرين وزين العابدين وسيد الساجدين سلام من الله عليكم.
تحية طيبة مباركة نزفها اليكم مقرونة بخالص التبريكات ووافر التهاني بمناسبة ذكرى المولد المبارك لصاحب زبور ال محمد السجاد علي بن الحسين (سلام الله عليه).
يسرنا اعزاءنا ان نلتقيكم من اذاعة طهران في هذا البرنامج الخاص بهذه المناسبة السعيدة.
في بداية اللقاء نعرفكم احباءنا بفقراته المنوعة، سائلين الله عز وجل ان تقضوا معها وقتاً طيباً مباركاً.
- فلدينا فقرة روائية عنوانها هو: مولد ابن الخيرتين
- واخرى شعرية عنوانها انتصار الفرزدق وتاييد روح القدس
- وثالثة حكاية عنوانها قرصان وفرحتان
- ورابعة وصايا عنوانها حب في عبادة
*******
اسعد الله اوقاتكم بكل خير واهلا بكم مرة اخرى في برنامج ايام خالدة في حلقة خاصة بمناسبة ذكرى ولادة مولانا زين العابدين (عليه السلام). فكونوا معنا والفقرة التالية وعنوانها هو:
مولد ابن الخيرتين
في يوم جمعة مبارك من سنة ثمان وثلاثين للهجرة المحمدية وفي الخامس من شهر شعبان المحمدي المعظم استناداَ الى بعض الروايات كانت ولادة رابع الائمة الاثني عشر سيد العابدين وزينهم السجاد علي بن الحسين (عليهما السلام).
فازدادت المدينة المنورة نورا بالوليد الذي بشر المسلمين به جده المصطفى (صلى الله عليه وآله)... اجل فقد روى الفقيه الشافعي كمال الدين محمد بن طلحة القرشي العدوي في كتابه مطالب السؤول بسنده عن جابر الانصاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: "يولد لابني الحسين ابن يقال له علي، اذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقم سيد العابدين فيقوم علي بن الحسين...".
وهو (عليه السلام) خير اهل الارض في عصره كما وصفه بذلك امير المؤمنين (عليه السلام) عندما اخبر الحسين (عليه السلام) بان السيدة الجليلة شهربانو ستلد له خير اهل الارض.
من هنا الافاضل كان حواريو رسول الله وامير المؤمنين عليهما السلام ينتظرون ولادة هذا السيد المبارك بعد ان لقبه النبي الذي لا ينطق عن الهوى بلقب سيد العابدين، ولقبه الوصي وباب مدينة العلم المحمدية بلقب خير الارض في عصره، وعندما ولد هذا السيد المبارك ونشا راوا في سيرته واخلاقه اسمى مصاديق هذا الالقاب المحمدية والعلوية؛ فشهدوا بذلك فقد كان الصحابي الصادق جابر الانصاري اشد الناس مودة له واجلالا لمقامه وها هو الزهري التابعي يقول عنه: ما رأيت قريشا افضل منه ـ وها هو ابن المسيب التابعي يقول عنه (عليه السلام): ما رأيت اورع منه.
وقال مالك امام المذهب المالكي من المذاهب الابعة عنه: سمي زين العابدين لكثرة عبادته.
*******
ننقل معاً الى فقرة شعرية روائية نواصل بها تقديم هذا اللقاء الخاص من برنامج ايام خالدة عنوان الفقرة هو:
انتصار الفرزدق وتاييد روح القدس
خلد تاريخ الادب للشاعر الفرزدق موقفه النبيل من خلال تلك القصيدة العصماء التي ايده فيها روح القدس لانه نصر بها اهل بيت النبوة المحمدية (عليهم السلام) وقصة ميمية الفرزدق مشهورة روتها مصادر الفريقين وجاء فيها ان الطاغية الاموي هشام بن عبد الملك حج في زمن حكم ابيه فطاف بالكعبة ثم جهد ان يصل الى الحجر الاسود فلم يستطيع لشدة الزحام فجلس ينظر اليه ومعه جماعة من الشاميين، فاقبل زين العابدين (عليه السلام) فطاف بالبيت فلما بلغ الحجر تنحى الناس حتى استلمه فسأل احد الشاميين اميره هشام: من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة، فانكر هشام معرفته مخافة ان يرغب فيه اهل الشام وقال: من هذا؟ لا اعرفه؟ فبادر الفرزدق وكان حاضراً فقال: لكني اعرفه.
فقال الشامي: من هو يا ابا فراس؛ فارتجل الفرزدق قصيدته الغراء تلك... وها نحن نختار لكم بعض ابياته: قال (رحمه الله):
يا سائلي اين حل الجواد والكرم
عندي الجواب اذا طلابه قدموا
هذا الذي تعرف البطحاء وطاته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خيرعباد الله كلهم
هذا النقي الطاهر العلم
اذا راته قريش قال قائلها
الى مكارم هذا ينتهي الكرم
ينمى الى ذروة العز التي قصرت
عن نيلها عرب الاسلام والعجم
ينشق نور الهدى من نورغرته
كالشمس ينجاب عن اشراقها الظلم
مشتقة من رسول الله نبعته
طابت عناصره والخيم والشيم
*******
هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله
بجده انبياء الله قد ختموا
الله شرفه قدما وفضله
جرى بذلك له في لوحه القلم
فليس قولك من هذا بضائره
العرب تعرف من انكرت والعجم
كلتا يديه غياث عم نفعهما
يستوكفان ولا يعروهما العدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره
يزنه اثنان حسن الخلق والكرم
ما قال لا قط الا في تشهده
لولا التشهد كانت لاؤه نعم
عم البرية بالاحسان فانقلعت
عنه الغيابة والاملاق والعدم
من يعرف الله يعرف اولية ذا
والدين من بيت هذا ناله الامم
*******
اما الآن اعزاءنا فننقلكم الى رحاب القصص الحق وحكاية معبرة من سيرة زين العابدين عليه السلام اخترنا لها العنوان التالي:
قرصان وفرحتان
الاكارم روت اصل الحكاية التالية عدة من المصادر المعتبرة نقلا عن كتاب الامالي للشيخ الجليل محمد بن الحسينه الصدوق بسنده عن الزهري ونقلها السيد البحراني في حلية الابرار والحلبي السروي في المناقب والفتال في روضة الواعظين وغيرهم: في شدة تضييق بني امية على اهل بيت النبوة واشياعهم (عليهم السلام) خاصة بعد واقعة كربلاء.. جاء رجل من اصحاب مولانا زين العابدين (عليه السلام)، وهو جالس مع اصحابه، فتفقده الامام مستخيراً عن حاله، فقال الرجل: خيري يا بن رسول الله اني اصبحت وعلي اربعمائة دينار دين لاقضاء عندي لها، ولي عيال ثقال ليس لي ما اعود عليهم به.
تأثر الامام (عليه السلام) لحال الرجل اذ لم يكن لديه مايرفع به هذه الشدة عنه.. فبكى، فسأله اصحابه عن سر بكائه، فقال (عليه السلام): اية محنة ومصيبة اعظم على حر مؤمن من ان يرى باخيه المؤمن خلة فلا يمكنه سدها ويشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها؟!
وكان اعزاءنا ان سمع بعض المخالفين بما قاله الامام فانكر قوله وقال ساخراً: عجبا لهؤلاء القوم يدعون مرة ان السماء والارض وكل شيء يعطيهم وان الله لا يرد شيئا من دعائهم ثم يعترفون اخرى بالعجز عن اصلاح حال خواص اصحابهم!
فتاذى الرجل من قول هذا المخالف اكثر من اذاه فجاء الى امامه السجاد شاكيا من محنته الجديدة، فبشره (عليه السلام) قائلاً: قد اذن الله في فرجك يا عبد الله.
وكان الفرج ان اعطاه الامام زين العبدين (عليه السلام) سحوره وفطوره ولم يكونا سوى قرصين من خبز شعير يصعب على اكثر الناس تناوله يومذاك وقال له: خذهما فليس عندنا غيرهما فان الله يكشف عنك بهما وينيلك خيراً واسعاً منهما.
فاخذ الرجل القرصين ودخل السوق لا يدري ما يصنع بهما، أليس من ان يشتريهما منه احد.. كان يغالب الشيطان وهو يوسوس في صدره قائلاً: اين موقع هذين القرصين من جاجتك؟ انهما لن يفعلا لك شيئاً.. لق صدق ذلك الرجل في قوله.. أما انه ليس ناصبياً، بل هو رجل عاقل!
وفي خضم هذه الوساوس مرّ به سماك وبيده سمكة بائرة تغيرت رائحتها وكادت ان تفسد دون ان يشتريها منه احد، فرضي بما عرضه عليه صاحبنا فباعها له بأحد القرصين، ثم اشترى بالقرص الثاني مقداراً من الملح لكي يصلح به السمكة ويُطعم منها عياله.
وبعد ان رجع الرجل الى منزله جاءه السماك وبائع الملح وارجعا اليه قرصي الخبز إذ لم يستطيعا ان يأكلاهما ولا احد من عيالهما القرصين لأنهم لم يعتادوا على طعام جشب ٍ كهذا.
اراد الرجل ان يُرجع اليهما السمكة والملح، فأبيا وطابت نفسيهما له عنهما فقد أشفقا على حاله.
ولما استقر المقام بالرجل إذ بأصلاح السمكة بالملح، لكنه لما شقها وجد فيها لؤلؤتين فاخرتين فحمد الله وسُرّ بهما سروراً عظيماً!
ثم قرع باب دار الجل، ودخل عليه رسول مولاه زين العابدين عليه السلام وقال: إن مولاي يبلغك السلام ويقول لك: ان الله قد أتاك بالفرج فأردد الينا طعامنا، فأنه لا يأكله غيرنا.
وباع الرجل الؤلؤتين بمال وفير قضى عنه دينه وحسنت بعد ذلك حاله.. فلما بلغ خبره ذلك المخالف قال: ما اشد هذا التفاوت، بينا علي بن الحسين لا يقدر ان يسد من صاحب فاقة إذ اغناه هذا الغناء العظيم؛ كيف يكون هذا؟ وكيف يعجز عن سد الفاقة من يقدر على هذا الاغناء العظيم.
فجاء الرجل الى الامام (عليه السلام) حاملاً تعجب هذا المخالف وسؤاله ففسر له الامام زين العابدين (عليه السلام) وبين له حقيقة العبودية والاسلام قائلاً: جهلوا والله امر الله وأمر اوليائه معه، وإن المراتب الرفيعة لا تُنال الا بالتسليم لله جلّ ثناؤه، وترك الاقتراح عليه والرضا بما يدبرهم به، إن ولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبراً لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عزوجل عن ذلك بأن اوجب لهم نجح جميع طلباتم لكنهم مع ذلك لا يريدون منه الا ما يريده لهم.
فخرج الرجل من محضر مولاه وهو مسرور بهذه الحكمة السجادية أشد من فرحه بتلك الؤلؤتين.
*******
نفتح قلوبنا في الفقرة التالية الى باقة من الوصايا السجادية إخترنا لها العنوان التالي:
حب في عبادة
ننتقي لكم في هذه الفقرة باقة من درر الحكم والمواعظ السجادية البالغة ونستنير في هذه المناسبة المباركة بنور هداه المحمدي (عليه السلام) فمنها ما روي أن رجلاً قال له: إني لأحبك في الله حباً شديداً فنكس عليه السلام رأسه قن قال داعياً ربه: اللهم إني اعوذ بك أن احب فيك وانت لي مبغض... ثم قال للرجل: احبك للذي تحبني فيه.
وروي انه (عليه السلام) قال لبعض بنيه: يا بني إنظر خمسة، فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق.
فقال ابنه: يا ابه من هم؟ عرفنيهم؟
فقال (عليه السلام):
• إياك ومصاحبة الكذاب فانه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب.
• وإياك ومصاحبة الفاسق فنه بايعك بأكلة ٍ او أقل من ذلك.
• وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه.
• وإياك ومصاحبة الاحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.
• وإياك ومصاحبة القاطع فإني وجدته ملعونا ً في كتاب الله.
ومن قصار المواعظ السجادية قوله (سلام الله عليه):
• الرضا بمكروه القضاء ارفع درجات اليقين
• إن احبكم الى الله احسنكم عملاً
• ان الله ليبغض البخيل السائل الملحف
• نظر المؤمن في وجه اخيه المؤمن للمودة والمحبة له عبادة
وأخيراً رأى (عليه السلام) مريضاً قد عوفي من مرضه: يهنؤك الطهور من الذنوب، إن الله قد ذكرك فاذكره وأقالك فأشكره.
نجدد أعزاءنا في ختام هذا اللقاء من برنامج ايام خالدة صادق وخالص تهانينا وتبريكاتنا بمناسبة ذكرى مولد مولانا الامام زين العابدين (عليه السلام) أعادها الله عليكم وعلينا بكل يمن وبركة، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله.
*******