مع اقتراب أسطول "الصمود" العالمي من غزة لكسر الحصار، هدده الكيان الصهيوني بالعمل العسكري ومصادرة السفن.
اقترب أسطول "الصمود" العالمي من مياه المنطقة بهدف كسر الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني المظلوم في ظل حصار غزة القاسي وغير القانوني. وقد قوبلت هذه الحركة المدنية والدولية برد فعل قوي ومهدد من الكيان الصهيوني، الذي أثبت مجددا أنه لا يخشى المقاومة العسكرية فحسب، بل يخشى أيضا المقاومة المدنية والإنسانية.
قد انطلق أسطول "الصمود" العالمي، المكون من حوالي 50 سفينة وقاربا، وعلى متنه أكثر من 500 ناشط من 40 دولة، من سواحل إسبانيا، وهو الآن على بُعد حوالي 600 كيلومتر من مياه غزة. وتحمل القافلة مساعدات إنسانية، تشمل الغذاء، الدواء والمواد الأساسية للشعب المحاصر في غزة.
وفي ظل إغلاق المعابر نحو غزة منذ مارس/آذار 2025م، ومنع إسرائيل دخول أي مساعدات إنسانية، يُمثل هذا الأسطول رمزًا للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، واحتجاجا على السياسات اللا إنسانية للكيان المحتل.
ردا على هذه الخطوة، وضع الكيان الصهيوني وحدة الكوماندوز البحرية التابعة له، المعروفة باسم "شييطت 13"، في حالة تأهب، وهدد بتنفيذ عمليات عسكرية لاحتجاز السفن إذا دخلت مياه غزة. ويأتي هذا التهديد في وقتٍ تُعتبر فيه سفن أسطول "الصمود" العالمي مدنية بالكامل، وعلى متنها نشطاء سلام.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن هذه الوحدة العسكرية أجرت تدريبات ميدانية لاحتجاز السفن في البحر خلال الأيام الأخيرة، وهو إجراء يُظهر جدية الكيان الصهيوني في التعامل مع هذه الحركة المدنية.
وعلاوة عن التهديدات العسكرية، وضع الكيان الصهيوني أيضًا إجراءات أمنية أخرى على جدول أعماله. حيث أفادت وكالة "فالا" الإعلامية الصهيونية برفع حالة التأهب في عدد من المستشفيات الإسرائيلية، وأنه لا يستبعد احتمال وقوع اشتباكات وسقوط ضحايا خلال المواجهة مع أسطول "الصمود" العالمي، لا سيما مع اقتراب عيد "يوم الغفران".
ويشير هذا الإجراء إلى استعداد كيان الاحتلال لمواجهة عنيفة مع النشطاء المدنيين، وهي مواجهة قد تكون لها عواقب واسعة النطاق على الصعيد الدولي.
ولكن لماذا يخشى الكيان الصهيوني هذه الحركة الإنسانية والمدنية؟
بالطبع يكمن الجواب في طبيعة هذا الكيان وسياساته.
لسنوات، تحاول إسرائيل تقديم صورة شرعية لنفسها على الصعيد العالمي باستخدام أدوات عسكرية، إعلامية ودبلوماسية. لكن حركات مثل أسطول "الصمود" العالمي تُشكك في هذه الصورة. كما أن وجود نشطاء من مختلف البلدان، بما في ذلك أوروبا، آسيا، أفريقيا وأمريكا اللاتينية، يُشير إلى صحوة الضمير العالمي ضد الجرائم الإسرائيلية.
ولا يحمل هذا الأسطول مساعدات إنسانية فحسب، بل يحمل أيضًا رسالة تضامن، احتجاج ومقاومة مدنية؛ رسالة يخشاها الكيان الصهيوني المحتل.
أثبتت التجارب السابقة أن إسرائيل تلجأ إلى أي وسيلة لمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. ويُعدّ احتجاز سفينتي "مادلين" و"حنظلة" في الأشهر الأخيرة مثالاً على هذه السياسة القمعية. ففي تلك الحالات، استخدم الكيان القوة أيضاً لمنع وصول المساعدات إلى سكان غزة واعتقال النشطاء. والآن، يبدو أن سيناريو مشابها يتكرر؛ والفرق هو أن أسطول "الصمود" العالمي يحظى بدعم أوسع ويجذب انتباه وسائل الإعلام العالمية.
في واقع الأمر، وبغض النظر عن النتيجة النهائية، نجح أسطول "الصمود العالمي في إعادة قضية غزة إلى صدارة الأخبار العالمية وكشف الوجه الحقيقي للكيان المحتل.
من المؤكد أن تهديد إسرائيل لأسطول "الصمود" العالمي لا يأتي من موقف قوة، بل من موقف ضعف وخوف. فالكيان الذي يخشى دخول عدة سفن محملة بالغذاء والدواء إلى منطقة محاصرة أثبت أنه بنى شرعيته ليس على أساس حقوق الإنسان، بل على أساس القوة والقمع.
إذن لا يقوم أسطول "الصمود" العالمي، بإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بل يُوقظ الضمير العالمي ويُعلي أصوات المظلومين.
وستُمثل هذه الحركة، بغض النظر عن نتائجها، نقطة مضيئة في تاريخ المقاومة المدنية العالمية'>المقاومة المدنية العالمية ضد الاحتلال والجرائم.